اعتقلته السلطات الإسبانية في أكتوبر 2004 في إطار عملية أطلق عليها اسم “عملية نوفا” التي أسفرت عن اعتقال ما يقرب من 30 شخصا، وبقي قيد التحقيق مدة أربع سنوات، بعدها أعلن القضاء براءته، ولكن عوض أن يتم رد الاعتبار إليه عن تلك المدة التي قضاها في الاعتقال، قامت السلطات الإسبانية بنقله مباشرة من السجن إلى مركز إيواء المهاجرين وبعدها مباشرة تم طرده إلى المغرب. هذه هي الخطوط العريضة لحكاية شاب مغربي يدعى عبد المجيد مشماشة قادته الأقدار إلى إسبانيا عام 2000 من أجل الحصول على أوراق الإقامة بعدما قضى سنوات بإيطاليا أولا وبعدها بهولندا في وضعية غير قانونية، غير أن حياته تحولت وانقلبت رأسا على عقب عندما “اتهمته المخابرات الإسبانية بالانتماء إلى جماعة إسلامية متطرفة كانت تنوي القيام بتفجير المحكمة العليا بمدريد”، حسب ما أكده ل«المساء» في حوار سنقوم بنشره في الأيام القليلة المقبلة. وبدأت حكاية عبد المجيد مشماشة يوم 18 أكتوبر 2004 عندما قامت مجموعة من قوات الأمن الإسبانية باقتحام منزل أخته بألميرية بإقليم الأندلس. وأوضح عبد المجيد مشماشة قائلا: “قضيت ليلة 18 أكتوبر 2004 في سجن بألميرية في أمان وكأني كنت أمانة لدى الشرطة هناك لأن قضيتنا لم تكن تهمهم، بل كانت تهم المخابرات. المعاناة بدأت بعد ترحيلي إلى قسم المخابرات بالعاصمة الإسبانية. رحلت إلى مدريد يوم 19 أكتوبر 2004 على الساعة الثالثة بعد الزوال”. وحول ما إذا كان قد تعرض للتعذيب خلال مدة اعتقاله بإسبانيا، قال عبد المجيد مشماشة “أنا شخصيا لم أتعرض للتعذيب. ولكن عرفت أن مواطنا جزائريا تعرض للتعذيب ليلة اعتقاله وآخر كسروا ضلوعه. ولكن التعذيب كان نفسيا أكثر منه جسديا. كانوا يسألونني أسئلة من قبيل: أين كنت أثناء التفجيرات التي وقعت يوم 11 مارس 2004?، في إشارة إلى التفجيرات الإرهابية التي هزت العاصمة الإسبانية مدريد صباح يوم 11 مارس 2004 والتي تحل ذكراها يومه الأربعاء، والتي ذهب ضحيتها ما يقرب من 191 شخصا، من بينهم إسبان وأجانب. وقد اتهمته السلطات الإسبانية رفقة عدد من الأشخاص، من بينهم مغاربة وجزائريون وموريتاني وأفغاني ولبناني، بالانتماء إلى جماعة إسلامية متطرفة يطلق عليها اسم “شهداء من أجل المغرب”، وهي الجماعة التي يترأسها محمد أشرف. وقال عبد المجيد مشماشة، المزداد سنة 1969 بمدينة الدارالبيضاء، إن إما مغربيا كان يعيش بألميرية وكانت تربطه علاقة صداقة به، هو الذي شهد ضده في البداية، ولكنه برأه خلال المحاكمة. وأوضح عبد المجيد قائلا: “إن الإمام قال في شهادته إن المخابرات أجبرته أن يؤكد في التحقيق أنه يكون جماعة بطريقته الخاصة. كان إماما يخطب عن الجهاد وجاءته المخابرات وخيرته: إما أن يشتغل معهم أو يطرد. وهذا ما قاله والله أعلم. ولا أعتبر هذا مبررا لكي يضحي بعدد من الأشخاص”. وأشار إلى أن هذه الشهادة هي التي برأته رفقة عدد من المغاربة في أكتوبر 2008، ولكن السلطات الإسبانية عوض أن ترد إليه الاعتبار وتعوضه عن المدة التي قضاها في السجن “ظلما”، حسب التعبير الذي استعمله عبد المجيد مشماشة، فإنها قامت بطرده إلى المغرب رفقة آخرين. وقال: “لو كنت متورطا لما أطلقوا سراحي، ولكن عوض أن يردوا إلي الاعتبار قاموا بطردي، وأنا الآن أحاول، بتعاون مع محاميتي الإسبانية، رد الاعتبار إلي”.