أصدرت المحكمة العليا الإسبانية يوم أمس حكما يقضي ببراءة 15 شخصا اعتقلوا سابقا بتهمة «الإرهاب الديني»، فيما أيدت الحكم بالسجن في حق ستة آخرين. وكانت المحكمة الوطنية قد حكمت على 20 من المهاجرين المغاربة والجزائريين بسنوات مختلفة بتهمة «الانتماء إلى تنظيمات مقربة من منظمة القاعدة»، كانت تنوي تنفيذ عمليات ضد مؤسسات إسبانية. وبعد معالجة المحكمة العليا للملف قررت الإفراج عن 14 شخصا، مبررة ذلك بكون اعتناق أفكار متطرفة لا يعتبر جريمة يعاقب عليها بل يجب معاقبة من يخطط لعمليات إرهابية. وجاء في حيثيات الحكم الصادر عن المحكمة العليا أنه لا يوجد دليل كاف لإدانة 15 مشتبها بهم بتهمة الانتماء إلى خلية إرهابية، كما ذكرت المحكمة الابتدائية التي أدانتهم سابقا. وكانت المحكمة الوطنية قد أدانت في شهر فبراير الماضي مجموعة مؤلفة من 20 شخصا، معظمهم مغاربة وجزائريون، بتهم تتعلق بممارسة أنشطة إرهابية، فيما لم تتم إدانة أي أحد منهم بتهم أكثر خطورة كالتخطيط لتدمير محكمة مكافحة الإرهاب في مدريد باستخدام شاحنة مفخخة. أما الخمسة الباقون من أفراد المجموعة فتم تثبيت الحكم الأولي الصادر في حقهم، بمن فيهم زعيم المجموعة المغربي عبد الرحمن طاهري، حيث ثبتت المحكمة العليا الحكم القاضي بسجنه لمدة 12 عاما. وأبقت المحكمة العليا على الحكم الصادر في حق ستة آخرين اعتبرتهم خطرين. وكان القضاء الإسباني قد شهد جدالا بين النيابة العامة وهيئة الأحكام، فالنيابة العامة كانت تؤكد أنه يجب «سجن الجميع» لأن اعتناق الأفكار المتطرفة يعتبر جناية، بينما اعتبر قضاة المحكمة العليا أن «ذلك ليس بجريمة». وأدين اثنان من الأربعة الباقين بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية، بينما أدين الاثنان الآخران بتهم أقل، حيث تتلخص التهم في التعاون مع جماعة إرهابية، وأكدت المحكمة العليا الإسبانية الأحكام الصادرة بحقهم بالسجن لمدة 10 سنوات. وكانت إسبانيا قد بدأت بمحاكمة المجموعة في شهر أكتوبر من السنة الماضية، وجهت إليهم فيها تهمة «التخطيط لتفجير ذات قاعة المحكمة واغتيال المئات من العاملين في سلك القضاء والأمن في المحكمة الوطنية». وينطوي المخطط الإرهابي الذي اتهموا به كذلك على تدمير ملفات عناصر متشددة أخرى، بينهم المتهمون في قضية تفجيرات قطارات مدريد. واتهمت السلطات الإسبانية عبد الرحمن الطاهري بمحاولة الحصول على 500 كيلوغرام من المتفجرات لنسف مبنى المحكمة، وذلك بعد أشهر من الهجمات التي استهدفت شبكة قطارات مدريد، التي أسفرت صيف سنة 2004 عن مصرع 191 شخصا وإصابة أكثر من 1900. واعتقلت السلطات الأمنية الإسبانية معظم المتهمين في أكتوبر من سنة 2004، حيث كان بعضهم أصلا قيد الاعتقال في قضايا جنائية أخرى، وفق المستندات القضائية. وتشير مستندات المحكمة الأولية إلى أن الطاهري بدأ في تشكيل المجموعة الإرهابية وتجنيد عناصرها وتلقين مبادئها في سجن «طوباس» بإقليم سالامانكا شمال غرب إسبانيا، وتوسع التنظيم إلى سجن آخر مع تنقل السجناء، ليمتد إلى شرق وجنوب البلاد.