نشبت في الآونة الأخيرة حروب ظاهرة وخفية بين مسؤولي الفرق الوطنية، ولم يعد الصراع مقتصرا على الملاسنات الاعتيادية بين الجماهير المشبعة بالوعد والوعيد، بل تعداه إلى المسيرين الذين حفروا خنادق وأعلنوا حالة طوارئ غير مسبوقة. دخل الوداد البيضاوي والكوكب المراكشي حلبة الصراع بعد أن كانت العلاقات بين الناديين سمنا على عسل، إلا أن اعتراض الكوكب على إشراك زيدون والاعتراض المضاد من الوداد على إقحام اللاعب ساديو ساو حول البهجة إلى نكد. وفي سماء العلاقات الرجاوية المسفيوية جثمت فجأة غيوم أثرت على العلاقات بين الناديين، وجعلت بيضاوة وعبدة في نزاع شبيه بالنزاع الأزلي بين دكالة وعبدة حول البئر الشهير، طالب الرجاويون بدين قديم على ذمة أولمبيك آسفي في صفقة تفويت اللاعب الشخصي، وبمرتد سريع رد العبديون بمطالبة الرجاء بمستحقاتهم من بيع اللاعب كوني إلى روزمبورغ لتتشعب القضية، وتقرع طبول الحرب بين فريقين كانا إلى عهد قريب مثالا للتعاون. وغضب المغرب التطواني من إدارة الجمعية السلاوية بعد أن رفض السلاويون السماح للفريق التطواني بإجراء حصة تدريبية على أرضية ملعب أبو بكر عمار، استعدادا لملاقاة الجيش، وبدا أن الحمامة البيضاء ترفض التحليق في سلا خوف من القراصنة. وكان الرجاء البيضاوي قد خاض معركة على صفحات الجرائد قبل موسمين مع حسنية أكادير، بعد إصرار السوسيين على رفض مطلب تأجيل مباراة برسم منافسات كأس العرش، لكن أخنوش ورجالات سوس أعاد تطبيع العلاقات بين الفريقين وختما على قرار وقف إطلاق النار ولو من جانب واحد. ونشب بين المولودية الوجدية والنادي القنيطري نزاع سرعان ما تم تطويقه بلعن الشيطان الرجيم، الذي انسل ليعبث بالعلاقات المتينة بين ناديين يجمعهما التاريخ العريق واللون الأخضر المشترك. في ظل هذا الوضع بات لازما على المجموعة الوطنية لكرة القدم خلق هياكل جديدة تتماشى وهذا المستجد، وإنشاء خلية أزمة من شأنها التصدي لنزاعات جعلت المباريات الحقيقية تجرى في ردهات الأندية والجامعة بدل ملاعب الكرة. ولأن العلاقات الآن في قمة التوتر بين مجموعة من الفرق المغربية، فإن هذا الوضع من شأنه أن يرفع درجة القلق في صفوف الأنصار، ويساهم بالتالي في تأجيج نعرة الشغب، فالجمهور الذي كان يردد بين الفينة والأخرى الموشح القدحي في حق الجامعة، سيكون ملزما بنظم قوافي هجاء جديدة تستجيب للمرحلة، بل إن أحد المسيرين القدامى اقترح من باب المزاح زيارة كريستوفر المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي لمقر الجامعة من أجل فض النزاع بين الأندية المغربية، وتكوين قوات سلام على الحدود بين الفرق المتنازعة. قبل سنوات كانت مجموعة من النوادي محصنة وراء جدارها الأمني، فلا يمكن الاقتراب من أسوار الكوكب خوفا من المديوري ولا من نهضة سطات تحسبا لغضبة البصري وغيرها من النوادي المصانة بأسلاك شائكة، واليوم تغير الوضع بعد أن لجأ الجميع إلى المثل الدارجي البائد «أعلى ما في خيلك ركبو».