صافرة التحكيم والعقوبات الزجرية سباق محموم نحو اللقب لا يقبل الأحصنة العجوزة البطولة الوطنية رائعة، حارقة كالجمر، فقد شكلت على مدار 22 دورة استثناءا فريدا، اشتد الصراع في المقدمة، لم يعد عطر البطولة يستنشقه فريق واحد، أصبح الصراع رباعيا، وفي المؤخرة يسكن مصير أندية كثيرة تبحث عن خلاصها، ولكن هذه البطولة المسكونة بدورات تشويق، تأتي عليها لحظات شغب تسرق منها متعة الفرجة، وتدخلها في مراحل إثارة مرفوضة، فما بين المتفرج واللاعب والمسؤول والحكم، حكايا كثيرة لا تنتهي بفواصل· شغب الجمهور في بداية البطولة، في مراكش كان العرس مختلفا، دخله الجمهور بثيات ملونة، تعادل الوداد مع فارس النخيل، وكانت اللحظة يومها مناسبة لشغب جماهيري خطير، لقد تحولت شوارع مراكش لحرب أهلية تراشق بالحجارة، شتائم، ومطاردات أمنية، شاهدنا كيف تحولت بعض الجماهير التي لا تملك حسا تشجيعيا حضاريا لنقابل موقوتة، لقد كانت الخسائر كثيرة، تحطيم واجهة المحلات، كراسي المقاهي وزجاج السيارات، كان الجرح عميقا في نفوسنا جميعا، كيف يتحول الجهل التشجيعي عند الجماهير لشغب يزيح عن البطولة عباءة الروح الرياضية، لقد كان الموقف يدعو لأكثر من وقفة، جرحى في المستشفى، ومشجعون في مخافر الشرطة، محاكمات، وحكايا حزينة تتداولها الألسنة في الشوارع والمقاهي، لقد استحالت مراكش لمسرح لأحداث مأساوية، وكانت العنوان الأبرز على صفحات كل الجرائد، في التلفزة، وعلى أمواج الأثير· عقوبات زجرية الجامعة الملكية لكرة القدم، آلمها ذلك، آلمها أن يتحول ملعب الحارثي لساحة مفتوحة على الشغب، اجتمعت لجنتها التأديبية، ودعت الكوكب لأن يلملم أشياءه ويرحل عن ملعب الحارثي ليستقبل ضيوفه في مكان محايد، فرضت عليه أن يحرم من دفء جماهيري يمنحه ثقة النصر، لقد كانت القرارات صارمة، تعذبت خلالها الكوكب كثيرا قبل أن تعود لملعب الحارثي وتستضيف على مرحلتين ضيوفا بلا جمهور، كانت الخسارة المادية كبيرة، وافتقدت بعدها الكوكب للتنافس الشديد، وأصبحت تعاني في وسط الترتيب· حليوات·· مأساة لاعب وفي يوم من عمر البطولة كان لابد لمسلسل الأحكام التأديبية أن يستمر، لقد أدت لحظة انفعال أعقبها لاعب أولمبيك آسفي ببصقه على الحكم إلى توقيف مدى الحياة، ولم يشفع للاعب اعتذاره، لم يشفع له تقبيل رأس الحكم، ووضعه المادي، فقد كان دائما هو المعيل الوحيد لعائلته، قدم ملابسات الحادث الحزين، استأنف الحكم، وتحول بعد أخذ ورد من المؤبد للمحدد، ضاع مستقبل اللاعب الذي يحمله سنه لاعتزال قريب، لقد كانت المأساة أكبر من كل الكلمات التي رددها اللاعب على صفحات الجرائد، وعاد حليوات لمدينة بنسليمان يجر آلامه، ولهيب غضب لن تطفئه الأيام· غضب الزاكي في مباراة أخرى، في واحدة من قمم البطولة، كان الحكم العاشيري بطلا لقصة مثيرة انتهت على طاولة اللجنة التأديبية، ففي لحظة من دقائق اللقاء الذي جمع الوداد بالجيش الملكي، قدم الحكم بصافرته بداية حزينة اللقاء آخر، أجهض ولادة لقاء جميل، أعطى للجيش ضربة خطأ غير موجودة، وقدم ورقة حمراء لفوزي عبد الغني بعد ملاسنات غريبة، أخرج بعدها الزاكي عن صوابه، أحاله لبركان ثائر، دخل للملعب لتقديم واجب العتاب الشديد، انهزمت الوداد وكان الزاكي مدعوا لعقوبات زجرية سريعة، توقيف موقوف التنفيذ لسنة، وغرامة مالية قدرت ب 60 ألف درهم، الوداد ومعها الزاكي لم يتقبلا حكم الجامعة فجاء الإستئناف بتخفيضات هامة، ثلاثة أشهر سورسي و30 ألف درهم كغرامة، وطوت الوداد صفحة من التشويش على مصالحها· ملعب بالمجان وفي العيون، تستمر لحظات الإستغراب، فقد فتح المجلس البلدي أبواب مركب الأغضف أمام الجمهور بالمجان، في دعم جماهيري لا مشروط لفريق شباب المسيرة، فهل سمعتم عن دعم مثل هذا!؟ لقد وقفت المصالح الحزبية أمام رغبات فريق شباب المسيرة، حرم الفريق من مداخيل الملعب، وأصبح يقاوم إعصار السفر الطويل في بطولة ماراطونية بدعم وحيد من رئيس الفريق، تعددت المحاولات لإصلاح ما يمكن إصلاحه خدمة لفريق شباب المسيرة، لكن الإختلاف في الرأي ظل مستمرا، ولازال الفريق يعيش أزمة نتائج، وقد يرحل في صمت للقسم الثاني· صافرة بدوي الرعد تعددت العقوبات، كان أبطالها حكاما، حولوا بصافراتهم في لحظة بعض الملاعب لساحات تشتعل بالغضب والمشاكل، لقد اختلفت الأحداث، لكن النتيجة واحدة، أصبح صوت الصافرة أشبه بدوي الرعد، وكانت الفرصة أمام لجنة تأديبية لتضع أحكاما كانت أثقل من حجارة أبي الهول، ولكنها استثنت حكاما أخطأوا التقدير، وكان لابد أن ينالوا نصيبهم من العقاب، وألا يظل اللاعب وحده هو الشماعة التي يعلق عليها الحكم أخطاءه، لقد شكل التحكيم نقطة سوداء في سطر بطولي جميل، وجاء العديد من المدربين ورؤساء الفرق يطالبون بإنصافهم من أخطاء تحكيمية سرقت منهم عن قصد أو دون قصد فرحة مشروعة· عدوى خطيرة أرخى الشغب بظلاله على الملاعب، ولكنه هذه المرة تحول من المدرجات ليسكن رقعة الملعب، تحول من المتفرج للممارس، ففي اللقاء الأخير الذي جمع الجيش والجديدة، كانت الأحداث مثيرة، فقد خرج الراقي عن صوابه ووجه كلاما نابيا لرجل أمن وللحكم، ومعه على خط الشغب نائب الرئيس الجديدي الشهبوني، الذي اعتدى على الحكم المساعد محمد لحميدي في المباراة نفسها، النتيجة السريعة لتسرع لا رياضي كانت عقوبات قاسية أرغمت اللاعب الراقي على التوقيف لمدة سنة، مع غرامة مالية قدرها عشرة آلاف درهم، في حين كان التوقيف مدى الحياة، نهاية غير سعيدة لمسير رياضي، لقد كانت عدوى الشغب خطيرة، تستحق علاجا سريعا للقضاء على وباء قاتل لكل الأحلام السعيدة· صفعة بأخرى وفي العيون، كانت الحدث مؤسفا، انتهى لقاء رياضي بصفعة أمام الملأ من مامي السملالي مساعد مدرب شباب المسيرة للاعب رشيد السليماني، مع احتجاج شديد وشغب مرفوض، الصفعة التي أعادتها اللجنة التأديبية للمدرب المساعد بصفعة أخرى أشد إيلاما، فقد تم توقيفه لعامين مع غرامة مالية قدرت ب 20 ألف درهم· الإثارة التي نريد في بطولة جيدة تغري بالمتابعة، نريد إثارة تختلف عن إثارة المشاكل والشغب، إثارة فوق أرضية الملعب، منافسة شديدة وأداء جميل، الإثارة التي تسرق عيون وقلوب المتتبع الرياضي، ولن نعيش فصولها فوق طاولة اللجنة التأديبية ولكن فوق عشب الملعب، تلك فقط هي الإثارة التي نبحث عنها جميعا، والتشويق حتما سيستمر طويلا· لا للأحصنة العجوزة في هذا الموسم الرياضي، وبرغم ما شابه من فصول شغب وعقوبات زجرية، تنفسنا عبق المنافسة الشديدة، أحسسنا دورة بعد أخرى بحجم الصراع المحموم على اللقب، تشكلت القيادة من فرق أربعة، تملك كلها حق البحث عن الريادة، الرجاء بنسق مثير تقود القافلة، وبعدها تأتي الوداد في ثنائية بيضاوية رائعة، الجديدة تهيء نفسها لحضور مراسيم عرس جميل، والجيش تراقب من الخلف كل عثرة ممكنة، سباق سريع نحو اللقب لا يقبل بالأحصنة العجوزة·