في الوقت الذي بدأ فيه المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس جولة استكشافية للبحث في الإمكانات المتاحة أمام استئناف جولات جديدة من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو لحل نزاع الصحراء، عادت البوليساريو إلى توظيف قضايا حقوق الإنسان كورقة ضغط في صراعها السياسي مع الرباط. ففي رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، دعت البوليساريو، على لسان ممثلها لدى الأممالمتحدة أحمد البخاري، إلى توسيع صلاحيات بعثة «المينورسو» لتشمل حماية حقوق الإنسان، وإلى تحمل المنظمة مسؤولياتها تجاه حماية الشعب الصحراوي في الصحراء. وبالنسبة لعبد المجيد بلغزال، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، فإن الرسالة التي بعثها أحمد البخاري إلى رئيس مجلس الأمن، لوكيو تكاشو، هي جزء من مخطط مدروس اتبعته البوليساريو منذ وقف إطلاق النار، حيث جعلت من حقوق الإنسان ورقة أساسية في معركتها، ووسيلة لاستجداء المنظمات غير الحكومية، خاصة في إسبانيا، واستقطاب الشباب بالصحراء. وأوضح بلغزال في تصريحات ل»المساء» أن تركيز البوليساريو على موضوع حقوق الإنسان والانتهاكات والحريات العامة تضاعف بعد الأحداث التي عرفتها العيون سنة 2005، ويهدف إلى تقويض التجاوب النسبي للكثير من الدول الكبرى داخل مجلس الأمن مع وثيقة الحكم الذاتي، والضغط على الاتحاد الأوربي للتراجع عن منح المغرب وضعا متقدما أو على الأقل استثناء منطقة الصحراء، كما كان الشأن في اتفاق التبادل الحر مع واشنطن. وأضاف المصدر ذاته أن «البوليساريو تتوفر على مخطط كامل ومدروس في هذا الصدد، بتعاون مع الجزائر ومنظمات دولية، وهو ما يمكن أن نستشفه من خلاصات تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الأخير». إلى ذلك، توقع عضو الكوركاس أن تصعد البوليساريو، بعد رسالتها الأخيرة إلى مجلس الأمن، من مواقفها بخصوص موضوع حقوق الإنسان في الصحراء، لإدراكها بأن الحزب الديمقراطي الأمريكي والرئيس أوباما على وجه الخصوص، ميال إلى الالتزام بمنظومة حقوق الإنسان ونصرتها. وقال: «لا نستبعد أن تكون المعركة حامية في الأيام المقبلة لأن البوليساريو وضعت نصب عينيها جر الحزب الديمقراطي والأوربيين إلى الاهتمام أكثر بحقوق الإنسان في الصحراء، لذا يتعين على المسؤولين المغاربة أخذ تحركات البوليساريو بجدية أكبر»، مشيرا إلى أن الطريق الوحيد لربح المعركة هو تحصين الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة والقطع مع التراجعات الحاصلة حاليا في هذا المجال. وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد اتهمت في تقرير أصدرته في 19 دجنبر الماضي المغرب بخرق حقوق «التعبير والتجمع والاجتماع»، داعية مجلس الأمن إلى إيجاد آلية منتظمة لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء. من جهته، أشار مصطفى ناعمي، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، إلى أن ورقة حقوق الإنسان قد تكون ذات صدقية، وستلعب دورا رئيسا في حل ملف الصحراء، داعيا إلى تفعيل الإصلاح في مجال حقوق الإنسان وتفعيل الجهوية. وقال ناعمي في تصريح ل»المساء»:»هذه الورقة يجب ألا تزعجنا إذا قررنا تفعيل ورقة حقوق الإنسان لتشمل الجهات الثلاث وتندوف، وتدعيم المكتبسات التي تحققت في هذا المجال، ومما لا شك فيه أن مثل هذه الخطوة ستجعل المغرب يسجل أكثر من نقطة في مواجهة خصم يفتقد إلى الصدقية في مجال حقوق الإنسان».