قتلى، جرحى، انهيارات ودمار... ليست هذه إحدى صور العدوان الوحشي على غزة، وإنما بعض تداعيات سوء أحوال الطقس بالمغرب! فالصور التي تناقلتها قنوات التلفزة والصحف المغربية كانت دالة على هشاشة البنيات التحتية والغش في الأشغال العمومية والاستخفاف بالمسؤولية لدى الجماعات المحلية والسلطة على حد سواء. ولنضع الصورة في حجمها الحقيقي.. في الحواضر، وعلى رأسها العاصمة الاقتصادية، قبل أن تنهار المنازل تفرغ من سكانها تفاديا للكارثة. فيتم إيواؤهم في خيام نصبت في العراء في طقس تبلغ فيه سرعة الرياح مائة كيلومتر في الساعة وتنزل درجات الحرارة إلى ما يقرب الصفر! أي ٌسبَّة أكبر من هاته ارتكبت في حق المائة ساكن الذين تم حشرهم بطريقة مهينة في خيام وكأن العاصمة الاقتصادية تفتقر إلى أمكنة عمومية مغطاة.. أين دور الشباب والمركبات الثقافية، أين المحلات الفارغة بالمركب الرياضي العربي بنمبارك والتي مازالت تأكلها الرطوبة لعدم استغلالها، بل لماذا لم يتم استعمال قاعة أفراح هذا المركب، أم إن الأسبقية للأعراس وضجيج «الشيخات» في هذه الأيام الصعبة. الدارالبيضاء هي فقط نموذج سيئ للغاية لكل ما له علاقة بتدبير الشأن العام، وإذا كان المواطنون يعاملون هكذا بالعاصمة الاقتصادية فما بالك بالقرى والمداشر النائية وتلك المتواجدة في المرتفعات الجبلية. هناك، في ما يصطلح عليه، افتراء، بالمغرب غير النافع، سقط ثلاثة عشر قتيلا وعشرات الجرحى والمشردين جراء سقوط دور ومنازل بمناطق مختلفة من المغرب... الآخر! بالأطلسين المتوسط والكبير، بأزيلال ونواحي الحسيمة، قتل سوء أحوال الطقس مغاربة، بعضهم كانوا نياما وآخرين قاوموا بدون جدوى. هؤلاء المغاربة، كما رأيناهم على شاشات التلفزة.. يبدون من زمن آخر، لم تصلهم طرقات ولا ماء ولا كهرباء. منازلهم، ولنسمّها كذلك تجاوزا، تحيلنا على أناس يقطنون بمغارات «تورا بورا» تعرضت للتو لقصف جوي عنيف بعثر محتوياتها وشقق جدرانها المتآكلة بالرطوبة. أطفال عراة حفاة وسط الثلوج، وأجسادهم النحيفة ترتجف من شدة البرد والصقيع. ولنختزل الصورة بكلمتين.. فقر مدقع. هؤلاء المغاربة، هم إخواننا، أهلنا، يحملون بطائق تعريف وطنية يعلوها تاج المملكة الشريفة.. عار علينا أن نتركهم هكذا يواجهون كل عام مصيرهم لوحدهم، لا نتذكرهم سوى لنتحدث عن عدد قتلاهم وكأنهم وسط بؤرة احتلال تتعرض لعدوان دائم.. عار على الحكومة أن تتبجح بكلمات كبيرة، من قبيل التنمية المندمجة والجهوية واللامركزية والحداثة والعصرنة...إلخ، ومغاربة مقطوعون عن العالم، يتضور أطفالهم جوعا، يتهددهم الموت في كل لحظة جراء احتمال انهيار أسقف «منازلهم» فوق رؤوسهم... عار علينا!