بدأت إسقاطات الأزمة المالية العالمية تلامس خطوطا حمراء بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني، أي القطاعات الاستراتيجية. وكما كان متوقعا.ً فإن السياحة واحدة من القطاعات الأكثر عرضة لإسقاطات الأزمة، وذلك بانخفاض عدد الوافدين وانكماش رقم المعاملات، مما يهدد آلاف مناصب الشغل بالإلغاء، ناهيك عن وقف الاستثمار بعشرات المشاريع الكبرى. وبهذا الخصوص، لا بد من التذكير بأن المغرب كان مفرطا في التفاؤل عندما وضع نصب عينيه بلوغ رقم عشرة ملايين سائح في أفق سنة 2010، وهو الرقم الذي تبين أنه لن يستطيع تحقيقه حتى قبل اندلاع الأزمة. وكان جليل بنعباس الطعرجي، رئيس الفيدرالية الوطنية للسياحة السابق، قد أكد ل»المساء»في دجنبر 2006 أن رقم عشرة ملايين سائح لن يتحقق قبل عام 2012، وهو ما اعتبر في حينه تصريحا مغرقا في التشاؤم. وبهذا الخصوص يقول عبد الهادي العلمي، منعش سياحي بمدينة مراكش: «إن الأزمة ابتدأت منذ شتنبر 2007 والأزمة المالية ستزيد الطين بلة، فالمنتوج المغربي يفتقر الترويج والتسويق الجيد، أما مراكش فأصبحت نموذجا سيئا مقارنة بمنافسيها جراء ظواهر التسول والمرشدين المزورين والباعة المتجولين...» الوضع الحالي يخيم عليه الوضوح في الرؤية المستقبلية، على الأقل بالنسبة إلى العام 2009، ويتجلى ذلك في انخفاض الحجوزات بمستويات قياسية وتعرض مدينة استراتيجية سياحيا، وهي مراكش، لنكسة بانخفاض الإقبال عليها بحوالي 20%، وذلك جراء إلغاء مؤتمرات دولية ودورات تكوينىة لشركات عالمية ضمن ما يدخل في خانة تقليص المصاريف لمواجهة الأزمة وتنظيم هذه التظاهرات في دولها. ومع ذلك، يبدي محمد بوسعيد تفاؤلا بخصوص آفاق السياحة المغربية حيث قال بمؤتمر دافوس إن الاهتمام بوجهة الغرب مازال قائما من طرف المستثمرين واستدل على ذلك بالتوقيع على «إيلاء اهتمام» بين المغرب وشركة قطرية للاستثمار من أجل إنشاء قرية سياحية بالصويرة.. رغم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد إبداء اهتمام وليس اتفاقا نهائيا. وكان بوسعيد قد قلل من تشاؤم المهنيين وأكد أن رؤية 2010 ستعرف تأخيرا طفيفا لن يتجاوز السنة وأن المخطط الأزرق لن يتأثر بذلك. لكن الواقع على الأرض يحيلنا على معطيات أخرى، منها إعادة النظر في بعض المشاريع الضخمة التي تندرج في إطار المخطط الأزرق كمشروع تاغزوت السياحي والذي قلصت ميزانيته من عشرين مليار درهم إلى عشرة ملايير درهم ومساحته من 620 هكتارا إلى نصفها فقط!