سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السياسة الحمائية عبر تقنين القطاع البنكي والمعاملات التجارية مع الخارج تحد من انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المغربي في لقاء دراسي للفريق الاستقلالي بمجلس النواب والجمعية المهنية لشركات البورصة
شكل موضوع «الأزمة المالية العالمية: تأثيرها على بورصة الدار البيضاء والتدابير الواجب اتخاذها» محور ندوة نظمها الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب يوم السبت 25 أكتوبر بالرباط، بحضور عدد مهم من مهنيي شركات البورصة وخبراء الاقتصاد والمالية وأعضاء الفريق الاستقلالي بمجلسي النواب والمستشارين . وقد وقف المتدخلون في هذه التظاهرة عند أسباب الأزمة المالية العالمية وتداعياتها والتدابير الواجب اتخاذها لحماية الاقتصاد الوطني وتقوية دور البورصة . وأجمع المتدخلون على محدودية تأثير هذه الأزمة على المغرب بفضل سياسته الاحترازية ، مؤكدين على ضرورة اتخاذ الاحتياطات الضرورية لمواجهة الانعكاسات السلبية المحتملة على السياحة والصادرات المغربية والاستثمارات الأجنبية.. وأوضحت لطيفة بناني سميرس رئيسة الفريق الاستقلالي بمجلس النواب أن هذا اللقاء يجسد انفتاح النواب الاستقلاليين على الهيئات المهنية ومواكبتهم للقضايا الآنية أولا بأول، وأن الهدف منه استطلاع مايروج في القطاع المالي تماشيا مع انطلاق مناقشة مشروع القانون المالي لسنة 2009 في لجنة المالية بمجلس النواب، مضيفة أن الفريق الاستقلالي يود الوقوف على كل الإسقاطات التي يمكن أن تحدثها الأزمة المالية في أمريكا أو أوربا على الاقتصاد الوطني، ومقاربة وجهات النظر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بهذا الخصوص، حتى تتم بلورة مقترحات وتدابير كفيلة بتفادي أي مخاطر على الاقتصاد الوطني، وختمت كلمتها الافتتاحية أن حزب الاستقلال يعتمد في برنامجه على التعادلية الاقتصادية والاجتماعية لخلق التوازن بين اقتصاد السوق وحماية القدرة الشرائية. إثر ذلك أوضح يوسف بنكيران رئيس الجمعية المهنية لشركات البورصة ورئيس المجلس الإداري لشركة البورصة BMCE capitalbourse في كلمة ترحيبية أن المهنيين بشركات البورصة على أتم الاستعداد لتقديم كل التوضيحات المطلوبة بدون تحفظ، مؤكدا أن هذا اللقاء يروم التواصل مع كل الفعاليات المهتمة بالقطاع المالي والمنشغلة بمدى انعكاسات الأزمة المالية على بورصة الدار البيضاء. وقد أكد جلال حوتي رئيس شركة البورصة« UPLINE SECURITIES »أن تأثر المغرب بالأزمة المالية العالمية أقل أهمية نظرا للسياسة الحمائية التي ينهجها بتقنينه للقطاع البنكي والمعاملات التجارية مع الخارج ، منبها إلى ضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات الوقائية والاحترازية الضرورية لأن استمرار الأزمة دوليا على مدى طويل ، قد يجعل بعض القطاعات الحيوية من الاقتصاد المغربي تتأثر وخاصة تلك التى تعتبر من المصادر الرئيسية لمداخيل العملة الصعبة، و تهم بالأساس السياحة والصادرات المغربية والاستثمارات الأجنبية ، حيث إن الركود أو التراجع في النمو يؤدي إلى ضعف القدرة الشرائية مما يعني انخفاض عدد السياح والتالي تقلص الموارد السياحية المغربية ، كما أن التراجع الاقتصادي قد يؤدي إلى قلة الطلب على المنتوجات المغربية نظرا لضعف الواردات الأوروبية والأمريكية ، إضافة إلى أن الأزمة تتسبب في ضعف قدرة الدول المستثمرة على خلق المشاريع وبالتالي قد تقل أهمية الاستثمارات الأجنبية في المغرب. وبالنسبة للبورصة المغربية أوضح حوتي أن هذه الأخيرة تعكس النسيج الاقتصادي المغربي ، ونظرا للطابع الحمائي لهذا الاقتصاد فإن النتائج المباشرة للأزمة تبقى ضئيلة ، ذلك أن تراجع الاقتصاد الوطني وحده الذي قد يؤدي إلى انخفاض في أدائها ، وهو أمر مستبعد جدا حتى الآن . مبرزا أن القطاعات المدرجة في السوق المغربية تتعامل بشكل كبير مع السوق الداخلية ، وتستفيد من تطور ودينامية الاقتصاد الوطني عن طريق سياسة الأوراش الكبرى المفتوحة ، كما أن القطاع البنكي لا يمنح قروضا بالعملة الصعبة ، ولا يمول حاجياتها من الخارج ، حيث إن كل القروض الممنوحة مضمونة بطريقة محكمة والناتج الصافي للأبناك تجاوز 20 في المائة في النصف الأول من السنة ، وسيحقق الرقم نفسه في حصيلة السنة الحالية ، علما بأن استثمار الأجانب على المدى القصير في بورصة الدارالبيضاء لم يتجاوز 1.8 في المائة من رأسملة السوق خلال سنة 2007 ، وباقي الاستثمارات على المدى المتوسط والبعيد هي عبارة عن حصص استراتيجية في رأسمال بعض الشركات الكبرى . وتناول فتح الله برادة رئيس مجلس إدارة بورصة الدار البيضاء عرضا حول بورصة الدار البيضاء، وتنظيمها وآفاق تطورها ودورها في التنمية الاقتصادية استعرض من خلاله هيكلة البورصة وآلياتها وكيفية تداول القيم فيها معلنا أن الاستثمار في البورصة يتيح مردودية مرتفعة على المدى المتوسط والبعيد بالمقارنة مع التوظيفات التقليدية للمدخرات، فيما تمكن المقاولات من تنويع موارد التمويل واكتساب شهرة حسنة وتقوية التنافسية ودعاية مجانية للشركات. ثم قدم بعد ذلك تعريفات لأدوار مجلس القيم المنقولة (CDVM) والوديع المركزي (Maroclear) ومستقطب الأوامر والمداول، أما عن دور البورصة بشكل عام فقال إنها تساهم بشكل واسع في تقوية الادخار الوطني وتشجيع الاستثمار الداخلي وتوفير مناصب شغل وتعزيز الشفافية المالية واحترام قوانين الحسابات وزيادة رأسمال المقاولات عبر الاكتتاب. وأضاف أن هذه المزايا جعلت الضريبة على الأرباح للأشخاص الذاتيين تصل السنة الماضية 2 مليار درهم بالرغم من أن عدد المواطنين المدخرين في البورصة لا يتجاوز 0,5 في المائة (150 ألف شخص) وهو رقم ضعيف جدا مقارنة مع مصر أو السعودية (25%). وتحدث برادة عن حصيلة عقد من تطور وتحديث البورصة ، حيث إن هذه الأخيرة أصبحت تتوفر على إطار قانوني متطور وشامل يمكن المستثمرين من القيام بالعمليات داخلها بشفافية وآمان ، مع وضع آليات مراقبة صارمة من قبل الدولة عبر مجلس القيم المنقولة ، وقد عرفت الفترة من 2000 إلى 2008 ولوج أكثر من 32 مقاولة صغيرة وكبيرة للبورصة ، وتتوفر لحد الآن 17 شركة بورصة تتعامل في السوق ، وتشغل أكثر أكثر من 160 إطار من الكفاءات العالية ، وتم توزيع 18 مليار من الربحية ، وعرفت رأسملة البورصة تطورا مهما خلال الخمس سنوات الأخيرة ، حيث ارتفعت من 116 مليار درهم المسجلة سنة 2003 أي ما يعادل 27 في المائة من الناتج الوطني الخام ، إلى 600 مليار درهم برسم سنة 2008 أي ما يعادل 95 في المائة من الناتج الوطني الخام ، أما الناتج الصافي للشركات المدرجة فبلغ السنة الماضية أيضا 27 مليار درهم. وبلغت حصيلة ولوج الشركات للبورصة خلال الفترة من 2004 إلى 2008 أكثر من 48 مليار درهم ، عن طرق رفع رأسمال أو بيع الأسهم ، نتيجة عمليات الخوصصة وتشجيع ولوج الشركات للبورصة عبر تحفيزات ضريبية .. وأكد عمر أمين نائب رئيس الجمعية المهنية لشركات البورصة أن المخطط التنموي للمغرب المعتمد على سياسة الأوراش الكبرى وإصلاح المنظومة الاقتصادية والاجتماعية ، يحتاج إلى سوق مالي متطور وكفيل بتوفير التمويل المالي عبر أسهم وسندات ، للرفع من مستوى الادخار الوطني وتقوية الشفافية المالية والحكامة الجيدة، مشيرا إلى أن البرامج التنموية الحكومية تؤكد ضرورة الرفع من مستوى الادخار الوطني في جميع أشكاله الفردي والمؤسساتي لإيجاد إمكانيات إضافية لتمويل سياسات الاستثمار بخلق فرص للشغل والحد من البطالة ، وفي هذا الإطار دعا عمر أمين إلى ضرورة وضع استراتيجية شمولية لإدماج البورصة في المخططات الحكومية للتنمية الاقتصادية ، مبرزا أهمية العمل على توجيه عمليات الخوصصة للبورصة من أجل خلق قاعدة أكثر شعبية لصغار المساهمين والرفع من عائدات هذا البرنامج لخزينة الدولة من الناحية المالية عبر ثمن التفويت والضرائب المختلفة . وأبرز أن كل سوق أسهم يحتاج إلى وجود توازن بين كل أنواع المستثمرين لضمان استقرار وتطوير السوق ، ويشمل هذا التوازن المضاربين على المدى القصير من أفراد ومؤسسات وطنية وأجنبية ، والأفراد المستثمرين على المدى المتوسط والبعيد ، والمستثمرين المؤسساتيين من شركات التأمين والمعاشات وصناديق الاستثمار . وأوضح عمرأمين أن ضمان استقرار السوق وتطورها بشكل سليم ، لا يمكن أن يتحقق إذا استمرت المضاربة اليومية لمستثمرين في ظل غياب سياسة ضريبية واضحة لتشجيع الادخار على المدى المتوسط والبعيد بما فيه الادخار المؤسساتي ، مقترحا مجموعة من التعديلات الجبائية والتي تهم بالخصوص : تعديل الضريبة على الأرباح « TPCVM » عبر أدائها سنويا ، بحكم أنها تابعة للضريبة على الدخل ، وإمكانية احتساب الخسارة الصافية في السنة الموالية في حدود مدة زمنية معينة ، مثل أربع سنوات ، وكذا تعديل الضريبة نفسها بوضع تخفيضات مهمة قد تصل إلى حد الاعفاء ، تبعا لمدة حفظ الأسهم مع تحديد هذه المدة وسقف الادخار ، والرجوع إلى النظام السابق للتخفيضات المتاحة للمستثمرين المؤسساتيين ، وجعل التخفيضات الموجودة لولوج الشركات للبورصة ، حتى نهاية 2009 ، دائمة ، من أجل تطوير نسيج المقاولات الصغرى والمتوسطة ، وتشجيع الشفافية المالية والحكامة الجيدة مع تأكيد أن خزينة الدولة ستعوض هذه التخفيضات أضعافا بعد ولوج الشركات للبورصة ، حيث إن هذه التعديلات غير متناقضة مع مبدإ العدالة الضريبية الذي تدافع عنه الحكومة . وفي كلمة لعبد الحق التازي رئيس الفريق الاستقلالي ومنسق الأغلبية بمجلس المستشارين أشار إلى أن نظام الصرف المغربي كان له دور في ضمان أسس حمائية وائتمائية حتى لا تمسنا الأزمة المالية، وأن هذا اللقاء أرجع الثقة في النفوس وفي الاقتصاد المغربي، مشيدا بدور البورصة في رفع العائدات الضريبية للخزينة وفي توفير مناصب الشغل وهو المبدأ الذي ما فتئ حزب الاستقلال يؤكد عليه في كل برامجه. وأكد نزار بركة الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة أن الأزمة بدأت في أواخر سنة 2007 جراء ارتفاع أسعار بعض المواد على المستوى الدولي كالبترول والحبوب وغاز البوطان، وأن صمود الحكومة كان مجديا وكذا سياستها الاستباقية عبر رفع غلاف صندوق المقاصة وتقليص التبعية على مستوى الحبوب والطاقة، مضيفا أنه عندما تكون الاستباقية واتخاذ القرار في الوقت المناسب تكون النتيجة إيجابية، وفي هذا السياق أكد صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له أن القطاع المالي المغربي صلب وبإمكانه مواجهة الأزمة وختم بالقول إن جهود الحكومة تركز على تشجيع الادخار على المستوى المتوسط والطويل الأمد وجعل بورصة الدار البيضاء محطة جهوية دولية واعتماد مبدأ التشاور مع المهنيين على غرار الاتحاد العام للمقاولات والمهن وفق ما ينصه الكتاب الأبيض. وفي سياق الرد على المناقشات أكد المتدخلون أن الأزمة المالية كانت بمثابة إنذار لتوخي اليقظة والحذر بالرغم من أن الاقتصاد المغربي يظل في مأمن نسبيا لكونه لم ينتقل من مرحلة اقتصاد المديونية إلى اقتصاد السوق، فيما لم تصل بعد البورصة المغربية مرحلة النضج رغم تطور رسملتها، مضيفين أن نسبة المعاملات في البورصة عبر شركات البورصة تصل 95% وعبر شبابيك الأبناك تبلغ 5%، وأن الأزمة برهنت على محدودية عدد من النظريات الاقتصادية حيث ارتأت بعض الدول كبح جماح الليبرالية.