- متى بدأت ظاهرة السطو على المؤسسات البنكية في المغرب؟ < يجب الرجوع أولا إلى الشرارة الأولى لظاهرة السطو على البنوك في المغرب، وأعتقد أن عملية السطو التي تعرضت لها وكالة الماء والكهرباء في مدينة تمارة في بداية التسعينيات كانت أول خطوة أو الشرارة التي انطلق بعدها مسلسل العمليات، وتطال هذه العمليات بعض فروع الأبناك المنتشرة في بعض المدن المغربية، وقد تزامنت تلك العمليات مع تثبيت الشبابيك الأوتوماتيكية التي تعرض زبناؤها في غير ما مرة للسرقة بالعنف واستخدام السلاح الأبيض، ثم أثارت هذه العمليات المتكررة لذوي السوابق العدلية في السرقات والعنف شهية آخرين بعدة مدن وخاصة في العاصمة الاقتصادية، وما شجع هؤلاء على تكرار تلك العمليات هو غياب أو ضعف الإجراءات الأمنية المتخذة داخل وحول هذه المؤسسات البنكية، ووجود مبالغ مالية مهمة فيها، حيث إن ذلك بدأ يغري بعض المنحرفين الراغبين في القفز إلى الثراء من خلال تنفيذ عملية سطو واحدة، وهناك أيضا عوامل أخرى دفعت هؤلاء إلى تكثيف عمليات السطو والسرقة، منها الاختلاسات التي قام بها بعض الموظفين في بعض المؤسسات البنكية وفروعها، وصلت في بعض الأحيان إلى 70 مليون سنتيم كما حصل في فرع لأحد البنوك في الناظور، وهو ما أعطى إشارات إلى أن هناك مبالغ مهمة مودعة في تلك البنوك، والعنصر الآخر هو تناثر فروع البنوك في بعض المدن المغربية، ووجودها بالقرب من أحياء هامشية ترتفع فيها معدلات الجريمة وظاهرة الانحراف والسرقة، ذلك أن المؤسسات البنكية تقوم بإنشاء فروع لها في بعض المدن المغربية بدون دراسة دقيقة أمنية واجتماعية للمواقع التي تبني فيها فروعها، مقدمة هاجس الربح ورفع عدد الزبائن وجلب العملة على الاعتبارات الأمنية المهمة، كما أنها تقوم بذلك دون تواصل مع طاقم الأمن الموجود على صعيد الإقليم لمعرفة المكان اللائق بفتح الفرع التابع لها، بل إن هناك فروعا لبعض الأبناك لا تتوفر على حراسة أمنية، سوى موظفين وعنصر نسوي غير قادر على المقاومة، بحيث لا وجود حتى لأمن خاص ولا لإجراءات أمنية سوى حارس السيارات أو الدراجات النارية الموجود بعين المكان، بطريقة تثير شهية من يريد السطو على هذه الفروع المتناثرة، فإذن هناك عدة عناصر تشترك في تفسير ارتفاع ظاهرة السطو على المؤسسات البنكية، وأضيف إلى ذلك قضية الإرهاب والمخدرات، حيث تجمع بعض المصادر بين تهريب المخدرات وعائداتها وبين تمويل الجماعات المتطرفة. - كان هناك لقاء بين وزير الداخلية ومسؤولين بالبنوك حول ظاهرة السطو لاتخاذ تدابير أمنية وقائية، ما هي أسباب استمرار مثل هذه الظاهرة وتزايد وتيرتها بالمغرب؟ < السبب هو أن الأبناك لم تتمكن من اتخاذ إجراءات أمنية تخصها هي في مواجهة الجريمة ومختلف الاحتمالات، كالارتباط بشبكة الإنذار المبكر، وربطها بمركز قيادة العمليات داخل كل ولاية أمن أو أمن إقليمي، مما يساعد على التدخل السريع في الوقت المناسب، ثم هناك إشكالية أخرى وهي هل الأمن في بلادنا قادر على تحمل أعباء جديدة، في إطار الخصاص الذي يشكو منه هذا المجال؟ إذ نعرف أن المؤسسات التعليمية والمدارس بدأت مؤخرا في الخضوع للمراقبة الأمنية، فهل الأمن قادر أيضا على تحمل عبء توفير الحراسة للمؤسسات البنكية أيضا؟ وما يعقد هذه المشكلة بالنسبة إلى الأمن هو أن عمليات السطو على البنوك تتم في أوقات مختلفة ليلا ونهارا وأماكن غير متقاربة، مما يجعل توفير المراقبة الأمنية المستمرة مهمة صعبة. - هناك بعض العمليات التي تمت باستخدام السلاح الناري، هل هذا يدل على أن عمليات السطو على البنوك يمكن أن تأخذ أبعادا أكثر خطورة على الأمن العام؟ < بطبيعة الحال، لأن المغرب يعرف نمو الجريمة المنظمة التي أصبحت تتطور وتتخذ أشكالا مختلفة، والبلاغات الرسمية تبين لنا أن الجريمة المنظمة في بلادنا أصبحت واقعا، كما أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بولاية الدارالبيضاء أصبح لها مكتب وطني لمكافحة الجريمة المنظمة، وهذا يبين أن هذا النوع من الجرائم فرض نفسه في المغرب الذي هيأ نفسه سلفا للتصدي لها، لكن السؤال هو: هل الأمن المغربي له أذرع متخصصة في مواجهة هذا النوع من الجريمة؟ وما هي الإجراءات الوقائية التي تتخذها فروع البنوك المتناثرة، وأؤكد على كلمة المتناثرة، لحماية نفسها؟ - في ظل هذا الواقع الجديد ما هي الإجراءات الاحترازية التي يتوجب على البنوك اتخاذها للحماية؟ < نلاحظ أنه في الماضي كان يتم اتخاذ إجراء واحد فقط، وهو إغلاق أبواب البنوك وفروعها في بعض الأوقات ومنع دخول أي كان، لكن اليوم أصبحت هناك معطيات جديدة مثل استخدام السيارات المصفحة لنقل الأموال، ونجد في بعض فروع البنوك حراسا من شركات أمن خاص، لكن هؤلاء الحراس لا يتوفرون على الإمكانات اللازمة للقيام بعملهم، سوى الإمكانيات الشخصية، وهذا مرتبط بهذه الشركات الخاصة وما يعرفه هذا الميدان، إذ إن هناك عناصر يتم تشغيلها في هذه الشركات لا تتوفر على أدنى تدريب، ويبقى الربح التجاري هو الهاجس المسيطر عليها. ثم هناك قضية أساسية وهي هل ستتمكن شركات الأمن الخاص من الحصول على حق استخدام السلاح؟ علما بأنه في حال الحصول على هذا الحق فإن ذلك سيطرح بعض المشاكل التي تتعلق باستخدامه ونوعية الحراس الذين يستعملونه، وهي إشكاليات قانونية مطروحة على البنوك، لتسليح أفرادها، كما هو معمول به في بعض الدول الأوربية.