عاشت مدينة العيون، لليوم الثاني على التوالي، أجواء «هادئة» بعد خمسة أيام من المواجهات بين قوات الأمن والمُحتجّين المطالبين ب«تقرير المصير»، في الوقت الذي ما تزال قوات الأمن مرابطة في مواقعها داخل مختلف الأحياء التي عرفت أعمال عنف. وربط عارفون بالشّأن المحلي حالة «الهدوء» التي تشهدها المدينة بعدم تواجد أي وفد أجنبيّ، حيث أكدت مصادرنا أنّ «انفصاليي الداخل» يتحرّكون للاحتجاج تزامُنا مع الزيارات التي تقوم بها بعض المنظمات الدولية والبرلمانيين الأوربيين وغيرهم من أجل الدخول في «مناوشات» مع رجال الأمن وإثارة انتباه تلك الوفود، فيما توقعت المصادر ذاتها إمكانية عودة المواجهات خلال الأيام القادمة. وقد شهد زوال أول أمس الأربعاء تدخّلَ رجال الأمن لتفريق بضعة عشرات من معطلي المدينة، الذين أعلنوا دخولهم في اعتصام مفتوح أمام مقرّ مندوبية التشغيل في العيون احتجاجا على عدم الوفاء بالوعود الممنوحة لهم. وقد نقلت سيارات الإسعاف بعض الإصابات إلى مستشفى «الحسن بن المهدي» لتلقي الإسعافات، فيما عكف أعضاء اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان في العيون على توثيق ملاحظاتهم والتدخل لاحترام بعض المساطر القانونية. وجاء التدخل الأمني في الوقت الذي كان أعضاء اللجنة الجهوية التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان يقودون مبادرة للوساطة مع ممثلين عن المجموعات المعطلة المُطالِبة بالإدماج، في إطار التدخل الاستباقي الذي يدخل ضمن مهامّ اللجنة، غير أنّ تدخل الأمن لفكّ المعتصم أوقف المفاوضات. وفي السياق ذاته، أبلغت اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في الصّحراء رئيسَ المجلس، إدريس اليزمي، «قلقها» من التصرّفات «الفردية» لبعض رجال الأمن داخل المستشفى، والتي تتسبب أحيانا في «شحن الأجواء»، لتتطور المناوَشات إلى وقائع غير معروفة العواقب. وقد تعرّض بعض أعضاء اللجنة، مساء أول أمس الأربعاء، لمضايقات من بعض عناصر الأمن، وصلت إلى حدّ وصف رجلُ أمن بزي رسميّ أعضاءَ اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان في الصّحراء ب«البوليساريو»، قبل أن يتدخل ضابط شرطة كان موجودا في المستشفى لسحب العنصر الأمني إلى الخارج من أجل «تهدئة الأوضاع». وقد أثارت هذه الواقعة استياء كبيرا لدى أعضاء اللجنة، الذين طالبوا إدريس اليزمي بالتدخّل. وأبدى أعضاء اللجنة، الذين التحقوا بالمستشفى دقائق بعد تدخل رجال الأمن لتفريق معتصم المعطلين بالمدينة، انزعاجهم من تواجد بعض عناصر الأمن العمومي داخل المستشفى، خاصة بعدما دخل بعض المعطلين المنتمين إلى تلك المجموعات في مُشادّات مع عناصر الأمن، في الوقت الذي أكدت مصادرنا أنّ العمل داخل المستشفى يتم بشكل عادي، وأنّ الجميع يخضعون للعلاج ويحصلون على شهادات طبية دون أيّ تمييز. وحسب المصادر ذاتها، فإنّ «رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتابع تطور الأوضاع في المدينة لحظة بلحظة، حيث تُعدّ خلية الأزمة التي تم إحداثها على مستوى اللجنة الجهوية تقاريرَ يومية مفصَّلة حول مختلف الوقائع التي يتمّ رصدها، دون أي انحياز أو غضّ للطرف»، مشيرة إلى أنّ «اللجنة تتعامل مع الجميع دون أي تمييز أو انحياز إلى أي طرف، وتعِدّ تقاريرها بكل استقلالية وتجرّد». وفي إطار بعض التصرّفات «الفردية» لبعض رجال الأمن، كشف مصدر موثوق به أنه خلال عودة المستفيدين من تبادُل الزيارات، يوم الثلاثاء الماضي، كادت الأمور تتجه نحو «الاحتقان» داخل مطار مدينة العيون، بعدما طلب أحد رجال الأمن إحدى المستفيدات من العملية تسليمه بطاقة ذاكرة هاتفها المحمول، وهو ما كاد «يُحرج» المسؤولين المغاربة أمام أعضاء «المينورسو» المُشْرفين على العملية.. ووصل وفد حقوقيّ، أول أمس، إلى مدينة العيون، من بينه جميلة السيوري، رئيسة جمعية «عدالة» وعضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وخديجة المروازي، رئيسة «الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان». كما يُنتظر أن تصل عدد من المنظمات غير الحكومية الوطنية إلى المنطقة، على خلفية الأحداث التي عرفتها المدينة مؤخرا.