عقدت إدارة مهرجان كان السينمائي الدولي، يوم الخميس الماضي، ندوة صحافية بباريس أعلنت خلالها عن الأفلام التي تم انتقاؤها للتباري ضمن الدورة السادسة والستين للمهرجان (من 15 إلى 26 ماي 2013) في «المسابقة الرسمية» ومسابقة «نظرة ما». يبلغ عدد الأفلام المنتقاة هذا العام 56 فيلما، منها 9 أفلام قصيرة، و21 فيلما ضمن «المسابقة الرسمية» و15 فيلما ضمن مسابقة «نظرة ما»، والباقي يندرج إما ضمن «العروض الخاصة» أو «خارج المسابقة»، بوجه الخصوص. هذا دون الحديث عن عروض الأفلام القصيرة ضمن مسابقة «مؤسسة السينما» (سيني فونداسيون)، والتي يبلغ عددها 18 فيلما (ترأس لجنة تحكيمها هذا العام المخرجة الأسترالية، النيوزيلاندية المولد، جين كامبيون)؛ أو عن أفلام مسابقتي «أسبوع النقد» و»نصف شهر المخرجين» التي لم يتم الإعلان عنها بعد. ومن قراءة أولية لاختيارات هذا العام يمكننا تسجيل الملاحظات التالية: • باستثناء فلسطين التي تحضر عبر فيلمين (أحدهما طويل ضمن مسابقة «نظرة ما» والثاني قصير ضمن «المسابقة الرسمية») يغيب العالم العربي تماما (وضمنه المغرب، طبعا) عن المسابقتين. الفيلمان الفلسطينيان هما فيلم «عمر» للمخرج هاني أبو أسعد - الذي سبق أن تعرفنا عليه عبر فيلميه «القدس في يوم آخر» (2002) و«الجنة الآن» (2005)-، وفيلم قصير للمخرجين محمد وأحمد أبو ناصر. • ابتعدت اختيارات «المسابقة الرسمية» هذا العام عن المغامرة، وذلك من خلال انتقاء أفلام لمخرجين سبق لهم أن أثبتوا حضورهم في الساحة السينمائية الدولية عبر الفوز بإحدى جوائز المهرجان في السابق، مثل المخرجين الأمريكيين جويل وإيتان كوين (سبق لجويل كوين أن حصل على السعفة الذهبية عن فيلمه «بارتون فينك» عام 1991)، اللذين يعرضان في هذه الدورة فيلمهما الجديد «داخل ليوين ديفيس» (تدور أحداثه في عشرينيات القرن الماضي)؛ أو المخرج البولوني الأصل رومان بولانسكي (سبق له أن نال السعفة الذهبية عن فيلمه «عازف البيانو» عام 2002) الذي سيقدم فيلمه الجديد «فينوس ذات الفراء»؛ أو المخرج الأمريكي ستيفن سودربيرغ (فاز بالسعفة الذهبية عام 1989 عن فيلمه «جنس وأكاذيب وفيديو») الذي يأتي بفيلم تلفزيوني (نعم!) مأخوذ عن رواية أوتوبيوغرافية عنوانه «وراء الشمعدان»؛ أو مخرجين سبق أن حصلوا على جوائز أخرى ضمن المهرجان مثل الإيطالي باولو سورنتينو الذي يشارك بفيلم «الجمال الكبير» (سبق أن فاز فيلمه «إيل ديفو» بجائزة لجنة التحكيم عام 2008)، والتشادي محمد صلاح هارون الذي يحضر بفيلمه الجديد «غريغري» (نال فيلمه «الرجل الذي يصرخ» الجائزة نفسها عام 2010). • في السياق ذاته، اختارت إدارة المهرجان أفلاما لمخرجين سبق أن فرضوا أنفسهم، سواء في مهرجانات دولية أخرى أو في دورات سابقة لمهرجان كان، مثل الإيراني أصغر فرهادي - صاحب «بخصوص إيلي» (2009) و»فراق نادر وسيمين» (2011)- الذي يحضر بفيلم (ناطق بالفرنسية، من إنتاج فرنسي) عنوانه «الماضي»؛ أو المكسيكي أمات إيسكالانتي – صاحب «دم» (2005) و»اللقطاء» (2008)- الذي يأتي بفيلمه الجديد «هيلي»؛ إضافة إلى الياباني كوريدا هيروكو – صاحب «لا أحد يعرف» (2004)- الذي يحضر بفيلم «مثل الأب، مثل الابن»؛ والدانماركي نيكولاس ريفن – صاحب «درايف» (2011)- الذي يشارك بفيلمه «الرب وحده يغفر»؛ والصيني جيا زانغ كي – مخرج «متع غير معروفة» (2002) و»حياة جامدة» (2006)- الذي يحضر هذه الدورة صحبة فيلمه «لمسة خطيئة». • كعادة المهرجان في دوراته السابقة يعطي، هذه الدورة، حيزا كبيرا للأفلام الفرنسية أو التي يتم إنتاجها بالاشتراك مع فرنسا. فمن بين الواحد والعشرين فيلما ضمن «المسابقة الرسمية» نجد أن أحد عشر فيلما على الأقل (أكثر من نصف الأفلام المنتقاة) ينطبق عليها هذا الوصف، هي: «قصر في إيطاليا» للممثلة والمخرجة فاليري بروني- تيديسكي (أخت زوجة الرئيس الفرنسي السابق)؛ «ميكاييل كولهاس» لأرنو دي باليير؛ و»جيمي بيكارد» (الناطق بالإنجليزية) للمخرج الفرنسي آرنو ديبلوشان؛ وفيلم «الماضي» للإيراني أصغر فرهادي؛ و»غريغري» للتشادي محمد صلاح هارون؛ و»حياة آديل» للفرنسي، التونسي الأصل، عبد اللطيف كشيش مخرج «كسكسي بالسمك» (2007)؛ و»شابة وجميلة» لفرانسوا أوزون؛ و»فينوس ذات الفراء» للبولوني رومان بولانسكي؛ و»الجمال الكبير» للإيطالي باولو سورينتينو؛ و»الرب وحده يغفر» للدانماركي نيكولاس ريفن؛ و»زولو» (فيلم الاختتام) للفرنسي جيروم صال. والشيء نفسه ينطبق على مسابقة «نظرة ما» التي تضم ستة أفلام على الأقل (من إنتاج فرنسي أو إنتاج مشترك مع فرنسا) من ضمن الخمسة عشر فيلما المنتقاة. • تحضر الولاياتالمتحدةالأمريكية بقوة، عير 4 افلام في «المسابقة الرسمية» وفيلمين في مسابقة «نظرة ما»؛ تليها اليابان بفيلمين في «المسابقة الرسمية»، والصين والمكسيك بفيلمين لكل منهما (في المسابقتين)، والفلبين بفيلمين (في مسابقة «نظرة ما»)؛ ولا يحضر التنوع في البلدان إلا في مسابقة الأفلام القصيرة التي تضم أفلاما من فلسطين وإيران وبولونيا وبلجيكا وإيسلاندا وكوريا الجنوبية، مثلا، لكن مع غياب شبه تام للعالم العربي، كما سلف الذكر، وللقارة الأفريقية ولبلدان مثل إسبانيا وروسيا والهند، على سبيل العدّ لا الحصر. • يغيب «الاجتهاد» عن دورة هذا العام في اختيار فيلم الافتتاح، حيث اختارت إدارة المهرجان فيلم «غاتسبي العظيم» للأسترالي باز لورمان (من بطولة ليوناردو دي كابريو وحضور الممثل الهندي أميتاب باتشان)، وهو المخرج نفسه الذي اختير فيلمه «مولان روج» (بطولة نيكول كيدمان وإيوان ماك غريغور) لافتتاح الدورة 54 من المهرجان، عام 2001. بقيت هناك مسألة لابد من الإشارة إليها الآن بسرعة قبل العودة إليها بالتفصيل لاحقا، وهي إعلان المهرجان أنه سينظم بيعا في المزاد العلني لرسومات كاريكاتورية عن السينما يخصص ريعها لمؤسسة «كارتونينغ فور بيس» التي «تناضل ضد كل أشكال التعصب»، بمشاركة ثلاثة من رسامي الكاريكاتور من الجزائر وتونس وإسرائيل (كذا) تحت إشراف رسام الكاريكاتور الفرنسي بلانتو.