السعفة الذهبية للمخرج تيرينس ماليك عن فيلمه «شجرة الحياة» خلافاً لكل التوقّعات ورغماً عن أنوف المعترضين، حصد المخرج الأمريكي تيرينس ماليك السعفة الذهب في ختام مهرجان كان السينمائي الرابع والستين أول أمس. «شجرة الحياة» هو عنوان الفيلم الذي أعاده إلى كان بعد غياب 32 عاماً، وتوّجه بجائزة المهرجان الأرقى، بعد فوز أول كان قد حقّقه في العام 1979 بفيلمه «ايام الجنة»، حاصداً جائزة أفضل مخرج وقتذاك. «شجرة الحياة» الأشبه بسيمفونية تنطلق مع بداية الكون وتنتهي على أعتاب الموت، كان قد استقبل بمزيج من الخيبة والتهليل، من دون أن ينكر اصحاب الآراء المعارضة للفيلم طموحه ومنحاه الفلسفي العميق. وكما غاب ماليك عن العرض الإفتتاحي لفيلمه، وهو المعروف بانسحابه من الاضواء والحياة العامة، غاب كذلك عن الحفل الختامي، تاركاَ لمنتجي الفيلم مهمة قبول الجائزة. ولم يكتفِ رئيس لجنة التحكيم الممثل والمخرج الأميركي روبرت دينيرو وأعضاء لجنته بتفجير مفاجأة ماليك، بل اتبعاها بمفاجأتين أخريين هما منح الممثلة الأميركية كيرستن دانست جائزة افضل ممثلة عن دورها في «ميلانكوليا»، وذلك على الرغم من الجدل الذي أثير بعيد استبعاد مخرجه الدنماركي لارس فون ترير من المهرجان وتسميته «شخصاً غير مرغوب فيه»، على خلفية تصريحاته حول هتلر والنازية. فون ترير منع من حضور حفل الختام، فيما تسلّمت دانست جائزتها عن تجسيدها دور إمرأة محبطة في حكاية دارت أحداثها على خلفية نهاية العالم. كذلك، منح دينيرو ورفاقه جائزة الإخراج للدنماركي الشاب نيكولاس وايندينغ ريفِن عن فيلمه «قيادة»، المصنّف شريط أكشن دموي، نادراً ما يستقبل المهرجان مثيله في مسابقته الرسمية (المرة الأخيرة كانت في العام 2007 عندما عرض شريط كوينتن تارانتينو «حصانة ضد الموت»). أما الجوائز الأخرى، فجاءت متوافقة إلى حد بعيد مع التوقّعات، حيث منحت الجائزة الكبرى للمهرجان مناصفة بين «كان يا ما كان في الاناضول» للتركي نوري بيلج جيلان بما هو فوزه الثالث في مهرجان كان السينمائي، و»الصبي مع الدراجة» للبلجيكيين جان بيار ولوك داردن، محققين فوزهما الرابع في مهرجان كان. أما جائزة لجنة التحكيم فاستحقتها الممثلة والمخرجة الفرنسية مايوين عن شريطها ذي المنحى الوثائقي «بوليس»، والذي دار حول فرقة شرطة فرنسية متخصصة بمكافحة العنف ضد الأطفال. ونال الممثل الفرنسي جان دوجاردان عن جدارة جائزة افضل ممثل لتجسيده شخصية ممثل سينمائي صامت في فيلم «الفنان» (إخراج ميشال ازانافيسيو)، تتراجع مسيرته حتى تصل إلى الحضيض مع دخول الصوت إلى الصناعة السينمائية. في حين حصد جائزة أفضل سيناريو المخرج الإسرائيلي جوزيف سيدار عن فيلمه «حاشية» الذي يدور حول منافسة حامية الوطيس بين أب وابن، كلاهما يعمل في مجال البحث الأكاديمي. عل صعيد آخر، منحت لجنة تحكيم «الكاميرا الذهب» التي تمنح للأفلام الأولى جائزتها للفيلم الأرجنتيني Las Acacias للمخرج بابلو جيورجيللي، فيما ذهبت السعفة الذهب لأفضل فيلم قصير إلى «تقاطع» لمارينا فرودا. وكانت لجنة تحكيم قسم «نظرة ما» برئاسة المخرج الصربي إمير كوستوريتسا قد أعلنت جوائزها أول من أمس، متوّجة الكوري الجنوبي Arirang لكيم كي دوك والألماني Stopped on Track لأندرياس دريسِن مناصفة بجائزة «نظرة ما». وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة في «نظرة ما» إلى الفيلم الروسي «إيلينا» (Elena) للمخرج أندري زفياجينتسيف، فيما نال الإيراني محمد رسولوف جائزة الإخراج عن فيلمه «وداعاً». وقال رئيس لجنة تحكيم مهرجان كان الممثل الأمريكي روبرت دي نيرو: إن اتخاذ القرارات كان صعبًا إلا أنه كان علينا أن نختار. وأضاف الممثل الأمريكي خلال مؤتمر صحافي أعقب اعلان نتائج الدورة الرابعة والستين لمهرجان كان «هذا لا ينتقص من قيمة الأفلام الأخرى التي لم تحصل على جوائز.. ميشال بيكولي كان رائعًا في «هابيموس بابام» وناني موريتي مخرج استثنائي. وأوضح دي نيرو وهو محاط بأعضاء لجنة التحكيم بعد منح السعفة الذهبية لفيلم «تري اوف لاي» للامريكى تيرينس ماليك «اتخاذ القرارات كان صعبا. لكننا نعتبر ان النتائج تجمع الأفضل». وأكد الممثل البريطاني جود لو عضو اللجنة «حصلت نقاشات حول عدة أفلام ومنها فيلم المودوفار، فضلا عن «باتير» و»الملاذ» و»سليبينغ بيوتي» و»هابيموس بابام». وأضاف أن العملية كانت معقدة وناقشنا مطولا وتوصلنا في نهاية المطاف إلى نتيجة. وبالنسبة لمنح الجائزة الكبرى مناصفة الى فيلم «ذات مرة في الاناضول» للتركي نوري جيلان والى «الصبي على الدراجة الهوائية» للشقيقين البلجيكيين داردين، قال دي نيرو «كان هذا الحل الأنسب الذي يعكس شعورنا حيال هذين الفيلمين». وافتتح مهرجان كان السينمائي الرابع والستين لهذا العام بفيلم «منتصف الليل في باريس للمخرج الأمريكي الشهير، وودي آلن. وشارك في لجنة التحكيم الممثلان جود لو وروبرت دي نيرو والممثلة أوما ثيرمان. يشار إلى أن مهرجان كان يعتبر ثاني أكبر المهرجانات السينمائية بعد جوائز الأوسكار. غير أن الأفلام التي تشارك في المهرجان الفرنسي للسينما، عادة ما لا تكون ذات صبغة تجارية، وإنما تحمل مضامين أخرى، سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. يذكر أن الأفلام العربية والمخرجين العرب غابوا عن قائمة جوائز مهرجان العام الجاري، وإن كان المخرج الأمريكي تيرنس مالك من أصول عربية، وتحديداً من لبنان.