شكل غياب الوزير المنتدب في الخارجية، يوسف العمراني، عن الجلسة الافتتاحية للحوار الاستراتيجي المغربي -الأمريكي، الذي افتتح بالمقر التاريخي للقنصلية الأمريكية بطنجة أول أمس السبت، الحدث الأبرز خلال اللقاء، الذي عرف غيابا تاما للتمثيلية الرسمية المغربية، في الوقت الذي حضر السفير الأمريكي صامويل كابلان والمنسق العام للحوار، في إشارة واضحة إلى «الغضب» المغربي المستمر من الدعوة الأمريكية لتوسيع مهام «المينورسو» في الصحراء لتشمل مجال حقوق الإنسان. ورغم أن الجانب الأمريكي اختار مقر أول قنصلية له في العالم لاحتضان الحوار الاستراتيجي، وهي القنصلية التي منحها السلطان المولى سليمان هدية للحكومة الأمريكية سنة 1821، لتستقبل أولى تمثيلياتها الدبلوماسية منذ استقلالها، فإن هاته المبادرة التي تحمل دلالات تاريخية وسياسية لم تشجع ممثل الحكومة على الحضور كما كان مبرمجا. ووجد السفير الأمريكي، الذي ستنتهي مهامه بالمغرب بعد أقل من أسبوعين، نفسه مضطرا لافتتاح أشغال الملتقى وحيدا، دون انتظار الوزير المغربي كما جرت العادة، ولم يُسقِط كابلان من كلمته التذكير ب«متانة العلاقات التي تربط بين المغرب والولاياتالمتحدة تاريخيا»، معتبرا أن التوتر الحالي بفعل الدعوة الأمريكية إلى توسيع صلاحيات المينورسو «أزمة عابرة ستنتهي عاجلا». وأكد السفير الأمريكي على أن «الموقف الأمريكي من الصحراء لم يتغير»، وأن الولاياتالمتحدة لا تزال مؤمنة بالمقترح المغربي لمنح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا. وأضاف أن بلده لا تزال تعتبر بأن السبيل لحل مشكلة الصحراء سيكون عبر الحوار المباشر بين كل الأطراف تحت مظلة الأممالمتحدة. واتسمت كلمة السفير الأمريكي بالحذر، وكانت مشحونة بالعبارات العاطفية، التي طغت أكثر على كلمة زوجته التوديعية. وأكد كابلان أكثر من مرة على «الصداقة الطويلة التي تربط بين المغرب والولاياتالمتحدة الممتدة منذ القرن الثامن عشر»، واصفا نفسه وأسرته ب«أصدقاء المغرب»، علما أن لقاء أول أمس يعد الخروج الرسمي الأخير للسفير الأمريكي قبل توديع المغرب. ولم تغفل كلمة السفير الأمريكي الجانبين الأمني والاقتصادي، حيث اعتبر أن المغرب وأمريكا تجاوزا مرحلة بناء العلاقات، وأن البلدين انتقلا خلال عهد الرئيس باراك أوباما إلى «عقد شراكات أمنية واقتصادية متينة»، قائلا إن المغرب لم يعد يستقبل المساعدات الأمريكية، بل أصبح شريكا استراتيجيا، حسب تعبيره.