قال الباحث الأكاديمي حسن أوريد إنه لا يفهم نداء «ائتلاف الحضارات»، الذي طرحه رئيس الحكومة الإسبانية السابق خوسي لويس ثاباتير، مشيرا إلى أنه كان ينبغي له أن يُسمَّى «تفاعل الحضارات»، نظرا إلى ما تعكسه هذه الأخيرة من تصورات وقيم وليست «جيوشا أو قوى».. وقال مؤرخ المملكة السابق، في مداخلة له صباح أمس، في ندوة دولية حول «الأندلسيّون المورسكيّون في المغرب: الحالة الرّاهنة للبحث»، إنّ الكنسية الإسبانية مارست ضغوطا كثيرة على الملك السباني فيليبي الثالث من أجل عدم احترام الاتفاقية التي كانت مُبرَمة حينها بينه وبين أبي عبد الله، آخر ملوك بني الأحمر. وأضاف حسن أوريد، في الندوة الدولية، التي حضرها أكاديميون مغاربة وإسبان، أن «الملك أبا عبد الله لم يكن منهزما ولا متخاذلا»، مشيرا إلى أنّ «قراءة التاريخ ليست نهائية، بل هو تمرير متجدد، وأن التاريخ يشهد أنّ الملك أبا عبد الله حاول -قدْر الإمكان- أن يحافظ على مقومات الحضارة الأندلسية في بُعدها الإسلامي.. لقد كان حريصا، قبل أن يسلّم مفاتيح المدينة للملكة إيزابيلا الكاثوليكية، المحافَظة على شعائر الإسلام وأن تصان مقدساته، لكنّ الذي حدث هو أنّ بنود الاتفاق لم تُحترم، بعدما مارست الكنسية ضغوطا على البلاط الملكي حتى لا تحترم هذه البنود». وأشار المتدخل إلى ن الكنسية كانت تمارس ضغوطا من أجلب تنصير المسلمين وتغيير أسمائهم وضرورة اشتغالهم يوم الجمعة، بدل يوم الأحد، وغيرها من الضغوط التي استجاب لها البعض، إما خوفا أو تقية أو عن اقتناع. وقال أوريد إن هناك قراءات متعددة لتاريخ الموريسكيين، مذكّرا ببعض الأحداث التي أثّرت ليس في المغرب فقط، بل في جيرانه، مستندا على رؤية العالم السياسي صامويل هنتنغتون، التي تم تسويغها بعد أحداث 11 شتنبر في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث نُظر إليها كتجلٍّ لصراع الحضارات، وكان من نتاجها النظرة إلى العالم وفق نظرة مانوية، بأن هناك «الأخيار» من جهة و»الأشرار» من جهة ثانية، وهي نظرة لا تختلف، حسب قول أوريد، عن نظرة إسبانيا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.. فقضية الموريسكيين -حسب أوريد دائما- ليست مجرّد حدثٍ تاريخيّ، بقدْر ما هي رمز يمكن أن تسعفنا في فهم هذه الهوة التي بدأت منذ سنة 1492، والتي رسّختها بالأساس نظرة ميثولوجية كتلك التي أشاعتها الكنسية ومحاكم التفتيش، فبالنسبة إلى أوريد فإن «الموريسكي هو ابنُ الأندلس ونتاج حضارة راقية زاوجت بين بُعدَين مادي وروحي، وتعبير عن عبقرية المكان، لكن الكنسية نظرت إليه كخطر وفق مبدأ العقيدة.. وكان عليه أن يرحل، حيث كانت تنظر إليه كنتاج للحضارة الإسلامية وأنه لا يمكن لإسبانيا أن تكَوّن وحدتها إلا بالتخلص منه، إما بأن يعتنق المسيحية أو يرحل».. وأعقبت مداخلة حسن أوريد عروضٌ أخرى لأكاديميين من مختلف الجامعات المغربية، كما شارك فيها مؤرخون وجامعيون إسبان، وهي من إعداد مجموعة البحث في تاريخ المغرب والأندلس، بتعاون مع الجمعيّة المغربية للدراسات الأندلسية.