الأكيد، اليوم، أن وزراءنا حينما يخلدون للنوم ليلا يسترجعون شريطا في ذاكرتهم بعنوان «كيف كنتي وكيف وليتي»، لأنْ لا أحد بينهم ولا حتى بيننا كان يعتقد أن صقور العدالة والتنمية سينتهون وزراء أشبه بالأيتام في مأدبة اللئام. وإذا كان طارق بن زياد قد حذر جنوده من اللئام بعد عبوره المضيق وإحراقه السفن، فإن بنكيران بعد أن أحرق جيوب المواطنين ورفع الأسعار، راح يخوف الناس من التماسيح والعفاريت، وتبعه في ذلك باقي وزرائه بالحديث عن الضفادع و»الحلوف»... وحتى وزير الرياضة أوزين، الذي لا يملك في حكومة بنكيران سوى حق الشفعة باعتباره حليفا في الأغلبية، وجد ضالته في البط والإوز؛ ولا محالة أن وزراء الحكومة الحالية، بعد سنة «ديال العشرة» مع الحيوانات، أصبحوا مقتنعين بمقولة «لو كنت عارف الكلب يعضني كون رخيت لو الشرويطة». والمغاربة، الذين أوصلوا السي عبد الإله إلى رئاسة الحكومة و»حزموه» ب107 من الجنود البرلمانيين، يريدون، اليوم، أن يعرفوا هل قاموا بذلك من أجل الزيادة في الأسعار أم في الأجور وجودة وكرامة العيش؟ لأن رئيس الحكومة، الذي هلل في آخر صيحة له في البرلمان بأنه لن تكون هناك زيادة في الأسعار إلا وسيخبر بها المغاربة، هو نفسه الذي ما إن خرج من البرلمان حتى التقى بوفد من الصحافيين العرب وقال لهم إن الزيادات في الأسعار لا مفر منها وإنها آتية على مدى الأربع سنوات القادمة، وكأنه يقول «يكون في عون اللي قتل أما اللي تقتل دار علاش». والمغاربة، اليوم، يريدون أن يجيبهم السي عبد الإله بلسانه عن سؤال بسيط للغاية: ما الذنب الذي اقترفه المغاربة كي يستحقوا كل هذا العقاب المتمثل في رفع الأسعار؟ لكن يبدو من السنة الأولى للحكومة الحالية أن بنكيران أصبح يشبه طارق بن زياد ليس في فتح الأندلس، بل في حرق السفن؛ ومنطق السياسة يقول إن ما تقوم به الحكومة الحالية من قرارات دليل على أنها أحرقت خط الرجعة مع الشعب؛ ويعلم الله أي قاموس سياسي سيستعمله بنكيران في الانتخابات القادمة لإقناع المغاربة بإعادة التصويت على حزبه بعد 4 سنوات حين سيصبح سكان المغرب يعيشون على «الخضرة مسلوقة»، بعد أن كشفت مندوبية الإحصاء هذه الأيام أن الخضر وحدها في انخفاض رغم قلة الأمطار؟ وأن «الغنمي» والدجاج مع الأسماك سينتهي بها الأمر إلى أن تباع في قيساريات الذهب بعد أن يتخلى الجزارة وتجار الدجاج والسَّمَّاكة عن عرض مبيعاتهم من تلك المواد بأثمانها الاعتيادية في الأسواق و«المارشيات». وإذا كان «البكًري ما يندز وخا تكون صوفتو طويلة»، فإن حكومة السي عبد الإله بنكيران هي الحكومة الوحيدة في العالم التي اقتنعت بأن حل الأزمة المالية يوجد في جيوب الفقراء وليس الأغنياء، مطبقة بذلك المثل الشعبي «الصلاة عادة والصوم جلادة واللي تبغي تجربو جربو في هاذا»، متناسية أن «اللحم إلى خناز ما يهزوه غير ماليه»، وإن غدا لناظره لقريب وسيرى بنكيران ووزراؤه من سيحملهم على الأكتاف بعد أن تنتهي ولايتهم في الحكومة، هم الذين اعتقدوا أن التقاط الصور التذكارية مع «المزاليط» سينفعهم يوم الحساب داخل صناديق الاقتراع، فبعد الوزير العثماني الذي أخذ صورا مع «مول البنان» و«مول المحلبة» بجانب «رايبي»، طالعنا الوزير الرباح في صور يغطس فيهما يداه في «زلايف البيصارة»،... واليوم ها السي عبد الإله يظهر ضاحكا منشرحا قابضا في يد «مول الديطاي». على بنكيران أن يحمد الله أن صورته مع «مول الديطاي» لم يظهر فيها «النيبرو». وإذا كان «حد الحلاوة زبيبة»، فإن الدعاية للوزراء بالصور مع «المزاليط» أصبحت وجبة مُرّة و«بايتة» لإلهاء الشعب، واليوم بعدما أخذتهم النومة لأزيد من سنة على سرير الوزراء، عليهم أن يتذكروا أن «المنامة طويلة والليل قصير».