النصب على الطريقة الإفريقية أصبح ظاهرة متفشية بالمغرب، تحدثت عنها الصحف الوطنية أكثر من مرة، وتعرفها مصالح الشرطة القضائية والنيابات العامة وحتى بعض المواطنين العاديين، لأن بعض الأفارقة يمارسونها بمختلف أنحاء المغرب تقريبا بنفس الطريقة والأسلوب، والضحايا كثيرون مغاربة وأجانب، مثلما هو الشأن لرومان، المواطن الفرنسي اللبناني، الذي كان آخر ضحايا النصب الإفريقي بأكادير، هذا الفعل الجرمي لم يتوقف رغم إدانة العديد من النصابين الأفارقة من طرف مختلف المحاكم المغربية كما أدين الكامروني الذي كان الفرنسي / اللبناني ضحية له. الأفارقة من ممارسي النصب والاحتيال بالمغرب يكررون نفس الحكاية، إذ عادة ما يدّعون أنهم من أبناء وزراء أوجنرالات قتلوا من طرف أنظمة دولهم بسبب خلافاتهم السياسية معها أو لمحاولتهم قلب نظام الحكم أو قتلوا في حرب أهلية، ويدعون أن آباءهم المذكورين تركوا قبل وفاتهم خزانة حديدية بها مبالغ مالية مهمة وأشياء ثمينة بسفارة بلدهم في الرباط وأنهم بحاجة لمبلغ لسحبها من السفارة، وبعد إيهام ضحاياهم بسحب الحقيبة يفتحونها ويوهمون ضحاياهم أن الأوراق التي توجد بداخلها تتحول بفضل سائل كميائي إلى أوراق نقدية حقيقية، ويبتزون ضحاياهم بمطالبتهم بمبالغ مالية لاقتناء السائل المزعوم. أجنبي في فخ العصابة أوقف ميشيل، الذي يحمل جنسية مزدوجة لبنانية وفرنسية ويقيم بأكادير سيارته أمام المركب التجاري سوق الأحدبأكادير حين فاجأه شخص ذو ملامح إفريقية بالتحية، ثم بدأ في سرد مزايا سيارته قبل أن يقترح عليه بيعها له ووافق ميشيل، وفجأة شاهد الإفريقي مطبوعا داخل السيارة هو لفيلا يملكها ميشيل بطريق تارودانت ينوي بيعها، فأكد الإفريقي رغبته في اقتنائها أيضا، ثم أخبر ميشيل بأن عمه أحد وزراء الكوت ديفوار المعتقلين على خلفية تورطهم في الانقلاب الأخير على نظام هذه الدولة الإفريقية وقبل اعتقاله كان قد أرسل إلى سفارة بلاده بالرباط عبر منظمة غير حكومية خزانة حديدية بها مبلغ مالي يقدر بخمسة ملايين أورو، وأنه حضر إلى المغرب بناء على طلب عمّه المعتقل من أجل تسلم الصندوق واقترح عليه تسليمه 25ألف درهم لسحب الخزانة. وافق ميشال على طلبه حيث سلمه المبلغ المذكور في اليوم الموالي، وكان الإفريقي مرفقا بشخص آخر ادعى أنه شقيقه، حيث رافقهما إلى مدينة الرباط لدعمهما ومساندتهما إلى حين تسلم الخزانة المذكورة، وبعد أن انتظرهما قرابة نصف ساعة أمام سفارة الكوت ديفوار أحضرا فعلا حقيبة حديدية تم وضعها في الصندوق لسيارة ميشيل ورجع الكل إلى مدينة أكادير ، وبعد فتح الخزينة وجد بها مجموعة كثيرة من الأوراق مستطيلة الشكل مصبوغة باللون الأخضر ملفوفة بالقطن ووسطها قنينة زجاجية تضم سائلا وحقنة وكيسا بلاستيكيا يضم مادة بيضاء، وشرع أحد الإفريقيين في غسل بعض هذه الأوراق بتلك المواد إلى أن انكشف اللون الأصلي للأوراق وتبين أنها أوراق مالية من عملة الأورو وسلمه ورقة من فئة 50 أورو لصرفها بإحدى الوكالات البنكية للتأكد من صحتها, وكذلك فعل ميشيل حيث تبين له أنها عملة حقيقية وغير مزيفة. استغلال ثقة الضحية لابتزازه الأوراق التي غسلها الإفريقيان وتسلم منها ميشيل واحدة قام بصرفها بإحدى الوكالات البنكية كانت أوراقا نقدية حقيقية عكس باقي الأوراق التي تضمنتها الخزانة الحديدية، ولم يسلمها الإفريقيان لميشيل من أجل عينيه الشقراوين بل فقط لكسب ثقته قبل الاسترسال في ابتزازه، إذ طلبا منه مبلغ 114000 أورو لاقتناء المحلول الكميائي بدعوى نفاد المحلول الذي كان لديهما ثم اقترحا عليه اقتناء ربع ليتر منه فقط بمبلغ 110000 درهم ورافقهما إلى الرباط حيث أوهماه باقتناء المحلول من أحد معارفهما وبعد تجريب بعض الأوراق تبين أن لونها لم يكن صافيا بما فيه الكفاية وطلبا منه مبلغ 75 ألف درهم لاقتناء محلول آخر للحصول على نقاء وصفاء الأوراق المالية، ثم طلبا مبلغا ماليا آخر قدره 5000 أورو بدعوى اقتناء مادة أخرى للحصول على المحلول المطلوب، ليستمر مسلسل ابتزاز ميشيل إلى أن وصل مجموع المبالغ المبتزة منه 500000 درهم، وبعد أن فطن إلى أنه وقع ضحية نصب واحتيال سجل شكاية لدى الضابطة القضائية بأكادير، بعدها اتصل إفريقي من جنسية كاميرونية بميشيل مدعيا أنه تقني كلف من طرف الإفريقيين الآخرين بالبحث عن المحلول الجيد وغسل الأموال، فطلب منه ميشل الحضور إلى مدينة أكادير، وبتنسيق تام مع عناصر الشرطة القضائية تم القبض على هذا التقني المزيف. مختص في الأدوار الثانوية في معرض الاستماع إليه، صرح التقني المزيف, وهو من مواليد 1969 بالكاميرون, أنه دخل المغرب بطريقة غير شرعية من الحدود الجزائرية وساعده في الأمر وسطاء جزائريون تعرف عليهم في مدينة مغنية، وتعرف على مواطنين من الكوت ديفوار يتعاطون النصب والاحتيال على الطريقة الإفريقية وعادة ما تسند له الأدوار الثانوية، واعترف بأنه تواطأ مع هؤلاء الإيفواريين في عدد من عمليات النصب بمختلف أنحاء المغرب لجمع المال الذي سيمكنه من الالتحاق بزوجته المغتربة بفرنسا ولم يعد يتذكر عدد الأشخاص الذين تم النصب عليهم، وأمام هذه الاعترافات التلقائية تمت متابعته من طرف النيابة العامة من أجل النصب والإقامة غير المشروعة وأدين بثمانية أشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 500 درهم وبإتلاف الأوراق المحجوزة والسائل المحجوز ومصادرة الهاتف والحقيبة لفائدة الأملاك المخزنية وأداء تعويض مدني قدره 5000 درهم، وأنجزت برقية بحث على الصعيد الوطني في حق الإفريقيين الآخرين قصد اعتقالهما وتقديمهما للمحاكمة .