الأوضاع الاقتصادية الصعبة في جل الدول الإفريقية وكذا انتشار البطالة وسط الشباب، تجعل أبناء هذه الدول لا يفكرون سوى في الهجرة نحو القارة العجوز، حيث يمكن تحقيق كل الأحلام الوردية للشباب الإفريقي، ولم يكن كمارا الغيني يشكل الاستثناء، بل كان أيضا من الحالمين بالهجرة، فحمل حقيبته إلى المغرب البلد الذي لا تفصله غير كيلوميترات عن أوربا، وستكون المملكة محطة لتدبر السفر ولو سرا إلى قارة الأحلام. حل كمارا بالمغرب بطريقة سرية على أمل المغادرة سرا نحو القارة الأوربية وليس إلى إفريقيا التي تنخرها المشاكل والأمراض، بحث كثيرا عن عصابات التهجير لتساعده على عبور المتوسط، لكن طال به المقام بالمغرب وكان لابد له من أن يتدبر لقمة العيش في مدينة الرباط، وسمع قبل حلوله بالمغرب أن أفارقة كثر مارسوا النصب والاحتيال على مغاربة واغتنوا منه، النصب كان بطريقة إفريقية لا يعرفها غير المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء، بعد اقتناعه بسلك طريقة النصب غادر الرباط نحو مدينة أكادير ومنها سيبدأ رحلة النصب والاحتيال بل وحتى الشعوذة والخرافة. في عاصمة سوس تعرف كمارا على الحسن، تقني فلاحي من منطقة أيت عميرة بشتوكة / أيت باها، وأوهمه أنه ينتمي إلى عائلة مالية عريقة، مات والده في الحرب وأن والدته بعثت إليه بنصيبه من الإرث إلى السفارة المالية بالمغرب، غير أنه يحتاج لمبلغ قدره 7500 أورو لتسليمها للمسؤولة عن السفارة قصد تسلم أمواله، وأنه مستعد لإرجاع المبلغ مع فائدة مهمة جدا قد تصل إلى نصف هذه الثروة، بمجرد ما يتوصل بأمواله، وبالفعل سلمه الحسن مبلغ 6000 درهم، وبعد يومين اتصل به من مدينة الرباط طالبا الالتحاق به ولم يتردد الحسن في السفر إلى العاصمة وكله أمل في أن يتسلم ثروة مالية مهمة من هذا الإفريقي، وفعلا تسلم منه حقيبة أخبره بأن بداخلها مبلغا خياليا من العملة الصعبة ومحلولا لغسلها واشترط عليه ألا تفتح إلا في مدينة أكادير. وبعد حلول كمارا بمدينة الانبعاث حدد مع الحسن موعدا لفتح الحقيبة، التي وجد بها بعد فتحها مجموعة من الرزم من الأوراق السوداء في حجم النقود، ادعى كمارا أنها عملة من الأورو تحتاج لمحلول لغسلها، ثم أخذ قنينة صغيرة بها محلول مسح به ورقتين وأزال عنهما السواد فتبين أنها من عملة الأورو، ثم طلب من الحسن مبلغ 70 ألف درهم لاقتناء المحلول لغسل بقية الأوراق، ولم يجد الحسن بدا من تدبر المبلغ ليرسله لصديقه الإفريقي المقيم بالرباط، ثم عاد كمارا إلى أكادير حاملا حقيبة ثانية ادعى بأن بها المحلول المطلوب لكن أثناء السفر سقطت الحقيبة وتكسر المحلول ولم يعد صالحا وقبل أن يطالب الحسن بمبلغ آخر بادر الأخير بمطالبته بإرجاع المبالغ التي تسلمها منه غير أنه طمأنه بأنه سيتصل بوالدته لتدله على المختبر الذي يبيع المحلول، وطلب منه الحسن ألا يتصل به ثانية إلا إذا وجد المحلول أو توفير المبالغ التي توصل بها منه، وانقطع الاتصال بين الاثنين قبل أن يعود كمارا ليتصل هاتفيا بصديقه السوسي مخبرا إياه أنه سيستعين بساحر إفريقي يستطيع غسل الأموال بطريقة السحر دون حاجة للمحلول، ولم تمر غير يومين حتى اتصل الساحر المسمى (عمر.ب) من جنسية سنغالية بالحسن وأوهمه أن له قدرة خارقة يستطيع بواسطتها غسل الأموال وطلب منه 84 ألف درهم لشراء عطر « ماء البركان « وهو ضروري لإبعاد الشياطين قبل تحويل الرزم إلى نقود فسلمه الحسن المبلغ المطلوب، بعدها سافر إلى الدارالبيضاء بدعوى أنه يعرف فيها شخصا يببيع العطر المطلوب وبعد يومين التقى بالحسن بإحدى الشقق بأكادير، وشرع يقوم ببعض الطلاسيم ثم أخبره أن مفعول «ماء البركان» غير كاف وأنه بحاجة لعطر آخر يسمى «بنت سودان» وثمنه 10 آلاف أورو، بعدها اتصل كمارا بالحسن فأخبره بضرورة أن يلتحق هو وصديقه الساحر به بمدينة البيضاء حيث يتوفر عطر السودان شريطة إحضار مبلغ 35 ألف درهم، وبعد أن التحقا به بالعاصمة الاقتصادية، وفي إحدى الشقق، فتح كمارا الحقيبة وبدأ في غسل الأموال لكنه توقف بعد غسل أربع ورقات تبين أنها فعلا من عملة الأورو زاعما أنه بحاجة لعطر آخر حينها فقط أدرك الحسن أنه ضحية نصب واحتيال وفكر بدوره في طريقة توقعهما في فخ الشرطة وفي غفلة منهما أخذ الحسن بعض الأوراق السوداء ثم عرضها على مستخدم بنكي والذي أخبره أنها غير حقيقية، بعدها طلب الحسن من الساحر وكمارا أن تتم بقية عملية الغسل بأكادير وسلمهما مبلغا آخر لاقتناء المحلول، وبعد حلولهما بإحدى الشقق بأكادير اتصلا به هاتفيا، لكنه هذه المرة أرفق معه رجال الشرطة الذين داهموا الشقة وحجزوا العديد من الأدوات المستخدمة في السحر والشعوذة وأحالتهما على ابتدائية أكادير التي أدانتهم من أجل النصب والاحتيال والدخول إلى المغرب والإقامة به بطريقة غير مشروعة بستة أشهر حبسا نافذا وبإرجاع المبالغ المسلوبة من الضحية وأداء مبلغ 3000 درهم كتعويض.