توفر القارة الإفريقية العديد من الفرص الاستثمارية ومن مؤهلات علاقات التعاون المثمر في كافة المجالات، ومن الطبيعي أن الفرص المتاحة لا تخلو من صعوبات وعراقيل على الراغب في الفوز بالمؤهلات أن يبدع في تخطيها وأن يعرف كيف يستثمر في المستقبل. إن حصة القارة الإفريقية من مجموع المبادلات التجارية مع المغرب ضعيفة مقارنة مع العلاقات السياسية الثنائية الجيدة ومقارنة مع المؤهلات الاقتصادية المتاحة، فالمغرب الذي يعتبر بوابة القارة الأوربية إلى أوربا ونموذجاً يقتدى به في القارة الإفريقية على العديد من المستويات لم يجد بعد الصيغة المثلى لاستثمار مؤهلاته، ولولا بعض الشركات التي أمنت التواجد المغربي في القارة الإفريقية كالخطوط الملكية المغربية واتصالات المغرب وبعض البنوك لكان المغرب شبه غائب في الساحة الاقتصادية الإفريقية. إن القارة الإفريقية لا تزال في طور تأهيل اقتصادها ومقاولاتها ومؤسساتها التكوينية، وقد أبان العديد من المسؤولين الأفارقة، أثناء زيارتهم للمغرب، عن إعجابهم بما حققه المغرب من إنجازات ومنهم من أعلن استعداده للاقتداء بالنمودج المغربي وتوجهه نحو الاستفادة من الخبرة المغربية في الكثير من الميادين كالبناء والسياحة والفلاحة، لكن الكثير من الأفارقة مازالوا يتخوفون من تعرض خيراتهم ومواردهم الطبيعية إلى الاستغلال البشع من طرف الوافدين عليهم، وهذا الحكم المسبق لا يخضع للاستثناءات ولذلك فإنه يحتاج إلى معالجة تقوم على تنوير الرأي العام الإفريقي وعلى التواصل معه. ما يتوفر عليه المغرب من مؤهلات لتصحيح المفاهيم الخاطئة السائدة في الوسط الإفريقي متعدد الجوانب، إنه يشمل العلاقات السياسية المتميزة مع جل الدول الإفريقية، ويشمل السمعة الطيبة التي يحتفظ بها من سبق لهم أن أكملوا دراستهم في المغرب، وفضلاً عن ذلك فإن للمغرب مكانة خاصة في أوساط الأفارقة المسلمين. لكل هذه الأسباب تبرز إفريقيا كشريك قوي، شريك لا مفر للمغرب من تحمل انعكاسات تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية به مثل الهجرة السرية وامتهان بعض المهن غير الشريفة كالتسول والدعارة وما إلى ذلك، ولكنه في نفس الوقت شريك له مؤهلات اقتصادية قوية، مؤهلات تشمل المعادن والبترول والمنتجات الفلاحية والغابوية، فإذا كانت الشراكة مع الاتحاد الأوربي ضرورة لا مجال للتراجع عنها، فإن إنجاح الشراكة مع الدول الإفريقية ضرورة ملحة ولا بديل عنها لأنه بدونها يستحيل تحقيق التوازن والتكافؤ مع الاتحاد الأوربي، فالمغرب الإفريقي لا يمكنه أن يربح الرهان الأوربي بدون الاعتماد على وضعه المتميز في إفريقيا.