انحصرت قيمة مبادلات المغرب خلال سنة 2009 مع دول القارة الإفريقية في 22530 مليون درهم أي ما يعادل 6% من مجموع المبادلات مع الخارج، وفضلاً عن ضعف هذه الحصة، فإن آخر معطيات مكتب الصرف تفيد بأن قيمة الصادرات المغربية لم تتجاوز 9004,1 مليون درهم، بينما الواردات ارتفعت إلى 13525,9 مليون درهم، وبذلك فإن الميزان التجاري مع دول إفريقيا يعاني من عجز بقيمة 4521,8 مليون درهم. باستقراء هذه المعطيات يتضح أن المغرب لايزال مطالباً بالعمل على جني ثمار تحسن العلاقات السياسية مع العديد من دول القارة وبالحرص على استغلال الفرص المتاحة له في مجال القيام بدور صلة الوصل بين الدول الإفريقية الناطقة بالفرنسية وبين بعض الدول المصنعة كالصين واليابان. من المحقق أن السنوات الأخيرة سجلت توسع نشاط كل من اتصالات المغرب وبعض المؤسسات البنكية المغربية في القارة الإفريقية، كما سجلت تحسن الربط الجوي مع عدة دول افريقية وتحويل مطار الدارالبيضاء إلى مفترق للطرق الجوية الواصلة بين الدول الإفريقية وباقي دول العالم، ولكن المصدرين المغاربة لم يتمكنوا بعد من عرض سلعهم في الأسواق الإفريقية بالكميات والأسعار التي تناسب حاجيات الأفارقة ومستوى معيشتهم، فتعدد المشاكل في افريقيا لا يعني أن كل الأفارقة يعيشون في الفقر المدقع ويواجهون باستمرار حالات اللااستقرار، وإنما يعني أن بحث الأفارقة المتواصل عن تحسين مستوى عيشهم يجعل من دولهم ورشاً مفتوحاً أمام كل السلع والخدمات، كما يعني أن الفوارق الطبقية بمختلف هذه الدول تزيد من انفتاحها على كافة السلع بما فيها العالية الجودة. إن مكانة المغرب الاقتصادية وموقعه الجغرافي وسمعته بين الدول المصنعة تحكم عليه بتقبل سلبيات تدفقات الهجرة السرية التي لا يقوى بمفرده على مواجهتها، ولكنها تحكم عليه في نفس الوقت بحث كافة هياكله المعنية بإنتاج وتصدير السلع والخدمات القابلة للتداول في الأسواق الإفريقية على تقوية علاقاتها مع الفاعلين الاقتصاديين الأفارقة رغم أن الرفاه والمتعة المعتادين في العديد من كبريات المدن العالمية المشتهرة بمعارضها الدولية غير متوفر في جل العواصم والمدن الإفريقية، ذلك أن الحرص على حماية المكتسبات في أوربا والعمل على تطويرها لا يعفي من التوجه إلى افريقيا لفهم حاجياتها وقدراتها على التمويل ولإنعاش المنتوج المغربي في أسواقها، أما عجز المغرب التجاري مع افريقيا فلا يجد تبريره إلا في تغييب افريقيا من الخيارات الاستراتيجية الرامية إلى الرفع من حجم الصادرات والحد من العجز التجاري.