فتحت نقابة أطباء القطاع الحر في مدينة فاس النار على عدة جهات معنية في قطاع الصحة، في وقفة احتجاجية مثيرة نظمتها أمام إحدى أكبر المصحات وسط المدينة، زوال يوم الجمعة الماضي. فقد وصفت أطباء القطاع العام، الذين يشتغلون في «السر» وبطريقة مخالفة للقانون في المصحات الخاصة، ب»أشباح المستشفيات» وب»مرتزقة المصحات»، في إشارة منها إلى أن عددا من هؤلاء الأطباء لا يشتغلون في المؤسسات العمومية التي يتقاضون أجورها، بينما يترددون، في السر والعلن، على المصحات الخاصة، التي تدرّ عليهم مداخل مالية مهمة. واتهمت النقابة حكومة بنكيران ب»تشجيع الريع والفساد في المجال الطبي والاستشفائي»، عن طريق التساهل مع عمل أطباء القطاع العام في القطاع الخاص. ودعت النقابة إلى وضع حد لهذا الوضع، الذي يعود العمل به إلى منتصف تسعينيات القرن الماضي، بعدما طالب الأطباء بالزيادة في الرواتب، فردت عليهم السلطات بالترخيص للعمل في القطاع الخاص، عوض إقرار الزيادة، التي لم تكن ميزانية الدولة تسمح بها في تلك المرحلة. وكان من المفترض أن ينتهي العمل بهذا الاستثناء في سنة 2001، لكن الوضع استمر على ما هو عليه. وتكبّدت المصحة التي نظمت قبالتها الوقفة الاحتجاجية خسائر معنوية في سمعتها بسبب حدة الشعارات واللافتات التي رفعها أصحاب البذلة البيضاء الغاضبون. ويفضل بعض أطباء القطاع العمومي تركيز جهودهم على العمل في المصحات الخاصة، عوض العمل في القطاع العموميّ الذي ينتمون إليه. ويدر هذا العمل الإضافي في المصحات موارد مالية مهمة على بعض الأطباء العموميين، الذين يُتهَمون بتكوين شبكات معقدة لجر المرضى من المستشفيات العمومية التي يقصدونها مُكرَهين لكي يُجروا لهم الفحوصات والعمليات في المصحات الخاصة التي يعملون فيها في أوقاتهم الشاغرة.. وانضاف إلى القائمة بعض أساتذة كليات الطب، الذين أصبحوا يبذلون مجهودات في العمل داخل المصحات، دون أن يركزوا على الدروس التي يفترض أن يكونوا مشغولين في إعدادها لفائدة الطلبة.. وقرر وزير الصحة، الحسين الوردي، وهو يجري بعضا من «عمليات التجميل» على القطاع، منع اشتغال أطباء القطاع العام في القطاع الخاص، وهي نفسها الخطوة التي أقدم عليها قبله وزير التربية الوطنية، محمد الوفا، ومنع بموجبها معلمي القطاع العام من العمل في التعليم الخصوصي. وهدد وزير الصحة، وهو يعمّم مذكرته، بمعاقبة كل من تثبت مخالفته هذا القرار، سواء من الأطباء أو من المصحات الخاصة، لكنْ دون أن يعتمد إجراءات عقابية في حال تسجيل المخالفات. ويقول أطباء القطاع الحر إن «الوضع ما زال على ما هو عليه» في عدد من المصحات، ما دفعهم إلى الخروج إلى الشارع وتنظيم وقفة احتجاجية أمام مصحة كبيرة في حي الأطلس وسط مدينة فاس، ما يضرّ بمصالح أطباء القطاع الحر، وفق ما قال أحد المحتجين ل»المساء».