سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الناصري: هناك مصحات خاصة تعمل خارج القانون وأدوية تباع دون ترخيص رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر أكد أن أطباء القطاع الخاص مستعدون لعلاج المعوزين بنفس تسعيرة المستشفيات العمومية لكن بشروط
قال الدكتور الناصري بناني، رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، إنه «لايمكن الحكم على القرار الأخير للحكومة بمنع أطباء القطاع العام بالاشتغال في القطاع الخاص إلا بعد تنفيذ هذا القرار»، مؤكدا أنه سبق للوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي ووزير الصحة الأسبق الشيخ بيد الله ووزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو أن أخذوا القرار نفسه، دون أن يتم تنزيل هذا القرار على أرض الواقع. وأوضح أنه يجب أن يتم تطبيق قانون مهمة الطب بجميع فصوله. وشن رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر هجوما كاسحا على مصحات الضمان الاجتماعي، متسائلا عن الأسباب التي تحول دون أن تفتح الحكومة هذا الملف. وأكد بناني أنه لا يمكن حل المشاكل المتعلقة بالصحة العمومية دون تعميم التغطية الصحية على جميع المواطنين، مبرزا أن هناك مجموعة من المقترحات من أجل تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات العمومية، وقال في هذا السياق: «مباشرة بعد تعيين الحكومة بعثنا بمذكرة إلى رئيس الحكومة، لكن لحد الساعة لم نتوصل بأي رد». - اتخذ وزير الصحة الحسين الوردي قبل أسابيع قرارا أصبح أطباء القطاع العام، بموجبه، ممنوعين من الاشتغال في القطاع الخاص، هل تعتبرون أن هذا القرار كافيا لوضع حد لهذه الظاهرة؟ لابد أن يعرف الجميع بأن القرار المعلن من قبل وزير الصحة ليس قرارا للوزير أو الحكومة، ولكن القانون المنظم لمهنة الطب في المغرب المنشور في الجريدة الرسمية سنة 1996 هو الذي يمنع على أطباء القطاع العام الاشتغال وتقديم الخدمات الصحية في القطاع الخاص. وهذا القانون واضح وضوح الشمس، فالمادة 55 التي تتحدث عن مسألة المنع غير ملتبسة، حيث تقول: «في ما عدا الحالة التي يجب عليه أن يقدم فيها الإسعاف والمساعدة إلى شخص يوجد في حالة خطر يمنع على كل طبيب مقيد في جدول هيئة بصفة طبيب موظف القيام بأي عمل من أعمال مهنته خارج المرفق العام المعين بالعمل به بصورة قانوية». والملاحظ أنه خلال هذه المادة تحدث المشرع عن المنع وليس عن أي شيء آخر، وهي كلمة واضحة ولا تقبل أي تأويل أو تفسير، وهو ما يعني أن الحكومة الحالية لم تأت بأي جديد في هذا السياق، وكان عليها تطبيق القانون بدون أي إثارة إعلامية، فقد كانت في السابق فوضى عارمة، وبصفتنا أطباء في القطاع الخاص تقدمنا سنتي 2001 و2002 بحوالي 150 شكاية ضد أطباء يشتغلون بطريقة غير قانونية في القطاع الخاص، لكن هذه الشكايات كلها ظلت حبرا على ورق، حيث لم تتم الاستجابة لها من قبل الحكومات المتعاقبة، والسؤال المطروح حاليا هو: ماذا بعد الإعلان عن هذا القرار؟ وهل ستكون الحكومة قادرة على تنزيله؟. وإن كان تطبيق القانون لا يتعلق فقط بهذه النقطة لوحدها، إذ لابد من تطبيق القانون المنظم لمهنة الطب بجميع حذافيره، لأنه قبل الوصول إلى المادة 55 هناك المادة 22 التي لا يتم احترامها، حيث هناك مصحات خاصة تمارس الطب بدون رخصة قانونية. فالمادة 22 تقول: «يتوقف مشروع فتح مصحة أو إعادة فتحها أو استغلالها على إذن إداري سابق».أما المادة 24 فتؤكد على «تسلم الإدارة الإذن النهائي في فتح مصحة أو إعادة فتحها أو استغلالها بعد أن يثبت لديها مطابقة المؤسسة»، والإدارة المعنية هي الأمانة العامة للحكومة، غير أن هناك مصحات خاصة في المغرب لا تتوفر على رخصة من قبل الأمانة العامة، فهل للحكومة الجرأة لتطبيق القانون كاملا، ماشي حرام على هذا وحلال على الآخر». - لكن الحكومة أخرجت هذا القرار إلى العلن وأكدت أنها عازمة على تنفيذه من أجل تنظيم هذه العملية، وأوضحت أنه سيتم تشكيل لجان من أجل الحرص على تطبيقه. لقد قلت سابقا إن القرار ليس للحكومة، بل هذا الأمر موجود في القانون، وقد سبق للوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي أن أصدر قرارا بتطبيق القانون، وأكد على ضرورة منع أطباء القطاع العام من الاشتغال في القطاع الخاص، لكن لم يتم تطبيق هذا المرسوم وظل حبرا على ورق. كما أن وزير الصحة الأسبق الشيخ بيد الله أصدر بدوره قرارا مشابها لقرار الوردي، فالتنفيذ لم يكن حاصلا، لتبقى هذه القرارت غير ذات جدوى. - إذن المشكل لا يكمن في غياب القانون أو القرار، ولكن في طرق تنفيذه؟ بطبيعة الحال. الوزيرة السابقة ياسمينة بادو هي الأخرى أصدرت مذكرة في الاتجاه نفسه، لكن جميع القرارات الوزارية في هذا السياق لم يتم تطبيقها. لذا لا يمكن الحكم على قرار الوردي حاليا. - هل هناك شك بالنسبة إليك في نجاح تطبيق هذا القرار؟ الأمر لا يتعلق بالشك، ولكن لا يمكن الحكم على الجرأة إلا بعد تنفيذ القانون، وفي هذا الوقت الذي نتحدث فيه حاليا، هناك مجموعة من أطباء القطاع العام يشتغلون في المصحات الخاصة، فما الفائدة من إصدار مثل هذه القرارات دون تنفيذها؟ أنا لا يمكنني أن أصدر أحكاما عن مثل هذه الخرجات، لأنني لست معارضة سياسية، ولكن ما أرغب فيه هو تطبيق القانون المنظم للمهنة التي أشتغل فيها، والقانون يتحدث عن أن مصحات الضمان الاجتماعي تعمل بدون رخصة، فلماذا لم تتخذ الحكومة قرارا في هذا السياق؟ - لماذا في رأيك؟ هذا السؤال لابد أن يوجه إلى الحكومة، فأنا شخصيا لا أعرف لماذا لم يتم فتح هذا الملف. فهل لوبي مصحات الضمان الاجتماعي أقوى من الحكومة أم أن هناك أسبابا أخرى؟ المهم هو أن الحكومة لم تصدر أي موقف بخصوص مصحات الضمان الاجتماعي، في حين تقدمنا نحن بعدة شكايات إلى الحكومة، وما يؤكد هذا الكلام أن لجنة تقصي الحقائق البرلمانية في سنة 2002 أكدت أن مصحات الضمان الاجتماعي ليست لها أي مرجعية قانونية لفتح أبوابها، وهو الأمر الذي أكده المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2010، فمصداقية الحكومة تقتضي اتخاذ إجراءات لتوقيف أي عمل غير قانوني، فقد حان الوقت لحل هذا المشكل، فالشارات الضوئية في قانون السير يجب أن تحترم من قبل الجميع، وهو الأمر نفسه بالنسبة للقانون المنظم لمهنة الطب، إذ يجب أن تطبق جميع فصوله بدون استثناء. - أثناء تشكيل أي حكومة تعد بضرورة حل المشاكل المتعلقة بالصحة العمومية، لكن يظهر أن هذه الوعود تظل فقط للاستهلاك الإعلامي. في رأيك لماذا يعجز المغرب عن إيجاد حل للقضايا المتعلقة بالصحة العمومية؟ وأي يكمن الخلل؟ حينما تم تعيين الحكومة الجديدة برئاسة عبد الإله بنكيران قمنا بصياغة مذكرة جديدة تم بعثها إليه، وعرضنا عليه كل وجهات النظر حول مشاكل الصحة، كما أمددناه ببعض المقترحات من أجل تحسين جودة الخدمات الصحية ببلادنا، وطلبنا منه تحديد لقاء معه لتدارس كل النقاط المدرجة في هذه المذكرة، لكن لحد الآن لم يرد رئيس الحكومة على هذه المذكرة، والأمر نفسه حصل مع الحسين الوردي، حيث طرحنا مجموعة من القضايا التي سبق أن أشرت لها سابقا، بما فيها قضية اشتغال أطباء القطاع العام في المصحات الخاصة، بالإضافة إلى حرمان الأطباء القطاع الخاص من التغطية الاجتماعية، والخطر الذي يشكله بيع الأدوية بدون إذن طبي على صحة المواطنين وعلى اقتصاد البلاد، والإشكالية المرتبطة بالتأمين الإجباري على المرض. وقد أكدنا في هذه المذكرة أنه من المستحيل على المؤسسات العمومية الموجودة حاليا في البلاد استقطاب حوالي 8 ملايين من المعوزين المغاربة، وهو ما يجعل المستشفيات العمومية عنوان الطب الفقير، وأكدنا أننا ضد أن يكون المستشفى العمومي فقط للفقراء والمعوزين، حيث يجب أن يكون في مستوى أو أحسن من القطاع الخاص، ففي جميع الدول المتقدمة تكون تجهيزات المستشفى العمومي أجود بكثير من تجهيزات المصحات الخاصة، وهو عكس ما يوجد لدينا. ولحل هذه الإشكالية اقترحنا بأن تتقدم الحكومة بتعديل بسيط للقانون يعرض على البرلمان يسمح من خلاله للمعوزين بالعلاج في القطاع الخاص، وهو ما سيعطي الحق للمريض في اختيار طبيبه المعالج وكذا تسهيل المأمورية على الدولة. أطباء القطاع الخاص مستعدون لعلاج المعوزين بالثمن نفسه الموجود في المستشفيات العمومية، ومن بين حسنات هذه القضية هو أنه سيكون للمريض الحق في اختيار طبيبه وهذه العملية تسهل مسألة العلاج، لأن الراحة النفسية مسألة مهمة جدا، ومن ناحية أخرى سيتم تخفيف الضغط على المستشفيات العمومية، كما أن المريض سيستفيد من التجهيزات الموجودة في القطاع الخاص، وسيصبح المستشفى العمومي قادرا على منافسة القطاع الخاص، عبر الرفع من مردوديته. - ولكن ماذا سيستفيد أطباء القطاع الخاص من هذه العملية؟ شخصيا أفتح يوميا أبواب عيادتي لحوالي ثلاثة أشخاص معوزين بشكل مجاني، فإذا كانت الدولة ستقدم لي تعويضا عن هذه الخدمات فهذا أمر جيد. - ولكن ليس جميع أطباء القطاع الخاص يقومون بهذه العملية؟ حينما يتم اتخاذ هذا القرار وتكون تسعيرة الذهاب إلى المستشفى العمومي هي نفسها تسعيرة الطبيب في القطاع الخاص، فإن العديد من المعوزين سيلجؤون إلى القطاع الخاص. والهدف من تقديم هذا الاقتراح هو نجاح المشروع المجتمعي المتعلق بتعميم التغطية الصحية على جميع المواطنين، ففي سنوات الثمانينيات تم تنظيم مؤتمر دولي حول الولوج إلى العلاج، و كانت من بين خلاصاته أنه لايمكن الولوج إلى العلاج في ظروف جيدة دون معالجة العائق المادي والجغرافي، وللتغلب على هذين العائقين لابد من تعميم التغطية الصحية على جميع المواطنين. في هذه الحالة سيكون بإمكان المواطنين الولوج إلى العلاج بشكل سلسل ودون التفكير في العوائق المادية أو الجغرافية. - على ذكر الطبقة المعوزة، شهدت أبواب بعض المستشفيات وقفات احتجاجية ضد وقف العمل بشهادات الاحتياج بمبرر أن «الراميد» دخل إلى حيز التنفيذ. ما رأيك في هذه القضية؟ أعتقد أن توقيف العمل بشهادات الاحتياج بسبب تنفيد «الراميد» هو العبث، لأن المريض الذي لم يستفد من «الراميد» ولا يتوفر على شهادة «الاحتياج» هل نتركه إلى قدره؟ المواطنون لهم الحق في الاحتجاج على هذا القرار، فالحكومة لم تقم بدورها بشكل جيد في مسألة توزيع بطائق «الراميد» على المحتاجين والمعوزين وفي تنظيم هذه العملية، ففي الوقت الذي نلاحظ أن الإدارة لم تقم بواجبها في هذا السياق، تتم معاقبة المريض المعوز الذي لا حول له ولا قوة ولا يسعى إلا للعلاج الذي يبقى من أبسط حقوقه، فهناك أشياء في هذه العملية غير مفهومة وغير طبيعية، لأنه من حق كل مريض الحصول على العلاج. - بالعودة إلى قضية قرار الوردي منع أطباء القطاع العام بالاشتغال في المصحات الخاصة، هناك تخوف من قلة العنصر البشري في هذه المصحات. هل هذا الأمر صحيح؟ هذا الأمر غير صحيح. من يروج لمثل هذا الكلام يسعى إلى عدم تنفيذ هذا القرار، فليس هناك أي خصاص، ويجب أن أؤكد لك بأن هناك مجموعة من أطباء القطاع الخاص لا يشتغلون بالشكل الذي يجب عليهم الاشتغال به في المصحات الخاصة، حيث يشتغلون فقط بحوالي 20 في المائة من إمكاناتهم، ويمكن القول إن المصحات الخاصة إذا اكتفت فقط بتشغيل أطباء القطاع الخاص، فإنها ستعاني من الفائض وليس الخصاص. - لماذا إذن يتم الاعتماد على أطباء القطاع العام؟ هذه قضية أخرى، لأن بعض أطباء القطاع العام يجلبون المرضى الذين كان من اللازم معالجتهم في المستشفيات العمومية، إذ يقع تهريب المرضى من القطاع العام إلى الخاص. كما أن عددا من أطباء القطاع العام كانوا يحصلون على تعويض لا أقول أقل مما يحصل عليه أطباء القطاع الخاص، ولكنه تعويض مهين، فهو يصل إلى أقل من خمسين في المائة من تعويض طبيب بالقطاع الخاص، وكان المستفيد من هذه العملية بعض أصحاب المصحات الخصوصية، الذين كانوا يفتحون أبوابهم لأطباء القطاع العام، وهم كذلك مصحات الضمان الاجتماعي، فكيف يعقل أن يشتغل طبيب مداومة مدة 12 ساعة مقابل 250 درهما، فهذا الأمر لا يوجد في أي دولة أخرى، ولا يمكن لطبيب في القطاع الخاص أن يقبل بهذا الأمر، فحينما يقوم طبيب بإجراء عملية جراحية داخل مصحة صندوق الضمان الاجتماعي ويطلب موافقة التحمل من طرف شركة التأمين التي تؤدي له عن الوحدة 30 درهما، بالإضافة إلى مصاريف المصحة، وما يحصل أن صندوق الضمان الاجتماعي لا يؤدي للطبيب سوى 15 درهما المقدمة من قبل شركة التأمين، وهذا يرجع إلى أن هذا الطبيب يشتغل بدون رخصة وهو ما يجعله يقبل بأي ثمن قدم له، وهو ما يعني أن هناك استغلالا لهذه العملية من قبل مصحات صندوق الضمان الاجتماعي.