مع متم سنة 2012 تكون قد مرت 100 سنة على حدث التوقيع على معاهدة الحماية، التي أصبح المغرب بموجبها تحت الاستعمار الفرنسي والإسباني. واليوم، حينما نستحضر بعض محطات هذه السنوات المائة، نراهن على إنعاش الذاكرة المغربية والتذكير بما قام به العلماء والسياسيون من مهام لاستعادة الاستقلال والحرية. نعترف ب«أن أكبر الحروب ليست هي حرب الحديد والنار، ولكنها حرب الذاكرة». لذلك هذه سلسلة عن تاريخنا المغربي الحديث. تاريخ اخترنا أن نصيغه بلغة الحاضر لكي نستشرف من خلاله المستقبل. أربع حلقات نعرض فيها لفترة حكم المولى عبد الحفيظ والتوقيع على عهد الحماية، ونبسط للخلفيات التي دفعت الفرنسيين لاختيار محمد بن يوسف سلطانا على المغرب، وكيف اندلعت الثورات المسلحة قبل وبعد نفي السلطان الشرعي. وحكاية الظهير البربري ووثيقة المطالبة بالاستقلال، قبل أن نختم باللحظات العصيبة التي عاشها محمد الخامس رفقة أسرته في المنفى، والدور الذي لعبه الحسن الثاني، وهو وقتها ولي للعهد في استعادة استقلال البلاد. ستساهم الحركات الاحتجاجية التي عرفتها بعض مناطق المغرب في تسريع وتيرة الدخول الفرنسي، والتوقيع على الحماية في الثلاثين من مارس من سنة 1912 من طرف «رينو»، سفير فرنسا وقتها في المغرب، والسلطان المولى عبد الحفيظ. وهي الحماية التي تضمنت عدة قرارات منها إنشاء نظام جديد بالمغرب من طرف «فرنسا» يقوم بإصلاحات في مختلف الميادين، مع الحفاظ على العقيدة الإسلامية. لقد تمرد الريسوني، الذي قام باختطاف الأجانب بعد أن عينه المولى عبد الحفيظ عاملا على إقليمالفحص بمنطقة الشمال. كما قاد بوحمارة في 1902 ثورة اعتبر نفسه فيها هو الأصلح لحكم المغرب، حيث سيطر على المناطق الشرقية والشمالية بدعم اسباني وفرنسي. بل إنه فرض الضرائب على سكان المناطق الخاضعة لنفوذه، وعين بها القياد، وأصبح بذلك سلطانا. خصوصا وقد أقام علاقات مع الأجانب، ودخل في مواجهات عسكرية ضد الدولة المغربية إلى أن تم القضاء على ثورته وإعدامه سنة 1909 على عهد السلطان المولى عبد الحفيظ. فلم تكن البيعة الحفيظية غير بداية عهد الحماية، بالنظر إلى أن السلطان لم يلتزم بشروطها، والتي كان في مقدمتها عدم الخضوع لما فرضه مؤتمر الجزيرة الخضراء في 1906، والذي اتخذ عدة قرارات منها المساواة الاقتصادية بين الدول الغربية في المغرب، وإنشاء شرطة فرنسية و إسبانية في الموانئ المغربية، وإحداث بنك مخزني تحت إشراف دولي . والحصيلة هي أن علماء فاس سيقررون عزل السلطان، قبل أن يوقع في مارس من سنة 2012 عقد الحماية. كان لا بد لفرنسا قبل أن توقع هذا العقد أن تنال ثقة جيرانها الأوربيين ودعمهم. لذلك فقد وقعت اتفاقا فرنسيا إيطاليا سنة 1902 نص على الاعتراف المتبادل باحتلال فرنسا للمغرب، واحتلال إيطاليا لليبيا. كما وقعت اتفاقا وديا فرنسيا إنجليزيا سنة 1904 تتنازل بموجبه انجلترا عن أطماعها في المغرب، مقابل اعتراف فرنسا باحتلالها لمصر. ووقعت الاتفاقية الفرنسية الإسبانية لسنة 1904 والتي حددت منطقة النفوذ الاسباني بالمغرب، على الرغم من أن ألمانيا عارضت الأطماع الفرنسية في المغرب حيث قام إمبراطورها « كيوم الثاني» بزيارة لمدينة طنجة سنة 1905 ودعا من خلالها إلى عقد مؤتمر دولي لمناقشة مستقبل المغرب. قبل أن تتخلى ألمانيا عن أطماعها هي الأخرى، حيث ستوقع مع فرنسا اتفاقية تنازلت بموجبها عن جزء من «الكونغو» لفائدة ألمانيا. ومن أهم ما ورد في الاتفاق الودي الفرنسي الإنجليزي في 1904 ضرورة إشراك إسبانيا في فرض نفوذها على المغرب، ولذلك عقد اتفاق فرنسي إسباني في أكتوبر 1904 يقسم المغرب إلى منطقة نفوذ إسباني في الشمال وفي المناطق الجنوبية، ومنطقة النفوذ الفرنسي في الوسط. وتم في نونبر من سنة 1912 اتفاق فرنسي إسباني جديد حدد مناطق النفوذ بين الدولتين، ورسم لمدينة طنجة حدودها الدولية، وطرق تسييرها. وحينما فرضت فرنسا على المغرب نظام الحماية، عينت الجنرال ليوطي أول مقيم عام بالمغرب، حيث استمر في اداء مهامه إلى سنة 1925 حيث عمل على توطيد دعائم الحماية الفرنسية بالمغرب، بإحداث إدارة مركزية وجهوية ومحلية استعمارية تتحكم في كافة السلطات. مع الاستعانة بالقياد والباشوات. كما تركت للسلطان سلطات محدودة تمثلت في دوره الديني وتوقيع الظهائر. وبعد استقالة ليوطي، سيتحول نظام الحماية إلى إدارة مباشرة حيث توسعت سلطات المقيم العام. الحملات العسكرية على مغرب ما قبل الحماية انطلقت أولى الحملات العسكرية على المغرب في بداية القرن، حيث احتلت فرنسا الصحراء المغربية الجنوبية الشرقية سنة 1901 وفكيك سنة 1904، ثم وجدة والدار البيضاء سنة 1907، وفاس سنة 1911. وهي السنة التي استولت فيها إسبانيا على العرائش. وبذلك تكون الحماية الفرنسية على المغرب قد رسمت خيوطها الدول الأوروبية الكبرى كألمانياوانجلترا واسبانيا، قبل أن يكون للفرنسيين النصيب الأكبر. فيما راحت بقية الدول تبحث لنفسها عن مستعمرات أخرى في إفريقيا وآسيا. غير أن ذلك لا يجب أن ينسينا أن ثمة أسبابا ذاتية ساهمت هي الأخرى فيما آل إليه الوضع. وهي الأسباب التي تمثلت في ضعف كيان الدولة، منذ تقلد الحكم المولى عبد العزيز، وأصبحت شؤون البلاد تدار من قبل صدره الأعظم «ابا حماد». ومنذ جاء المولى عبد الحفيظ إلى الحكم حيث عجز عن تنفيذ شروط بيعته، فثار عليه المغاربة، قبل أن يقرر التخلي عن الحكم بالمقابل. لن تقبل القبائل المغربية بهذا الوضع وستنطلق من 1902 إلى 1934 سلسلة المقاومة المسلحة في الجنوب مع أحمد الهيبة، وفي الشمال مع أحمد أمزيان ثم عبد الكريم الخطابي. وفي الأطلس مع موحى وحمو الزياني، وعسو باسلام. غير أن عدم تكافؤ قوة المقاومة المسلحة مع ما كانت تتوفر عليه السلطات الاستعمارية من عتاد، هو الذي أنهى هذه المقاومة المسلحة التي ستتحول إلى مقاومة ظرفية تتحرك وفق إمكانياتها المتواضعة. فرنسا تراهن على محمد بن يوسف لفرض هيمنتها حينما راهنت سلطات الحماية على اختيار محمد الخامس من بين إخوته، سلطانا على البلاد على الرغم من أنه كان أصغرهم، وكان أقلهم تعليما واهتماما بالشأن السياسي للبلاد بعد أن عاش في كنف والدته بقصر مكناس بعيدا على والده، مقارنة مع أخيه مولاي إدريس، الذي كان واليا على منطقة مراكش على عهد والده مولاي يوسف، كانت ترى فيه الرجل المناسب لسياستها الاستعمارية، خصوصا وأنها وجدت في عدد من المحيطين به استعدادا لخدمة مصالح فرنسا في المغرب من أمثال الصدر الأعظم محمد المقري، والفقيه المعمري، وبتخطيط من ثاني مقيم عام «تيودور ستيك». وإذا كانت وفاة السلطان مولاي يوسف المفاجئة يوم الخميس 17 نونبر سنة 1927 ، قد أنهت معارضة السلطان للمشاريع الاستعمارية بالمغرب، وخففت من الضغط على الإقامة العامة، فإنها من جهة أخرى نبهت «تيودور ستيك»، المقيم العام الذي عوض ليوطي، إلى ضرورة التدخل بشكل مباشر في مسألة اختيار من يتولى الملك بالمغرب بعد وفاة مولاي يوسف، خاصة أن السلطان لم يعين، قيد حياته، وليا للعهد، كما هي عادة جل أسلافه. وهكذا استغل المقيم العام فراغ منصب ولاية العهد، فأوعز إلى المقربين من سلطة الحماية، من حاشية السلطان، وبعض رجال الإقامة من الفرنسيين، إلى العمل على اختيار الأمير سيدي محمد بن يوسف ليتولى ملك المغرب، لبعده عن أي نشاط سياسي في حياة والده. كان المقيم ستيك متشبعا هو وفريقه بروح المستعمر الذي لا يقنع إلا بالحكم المباشر، وإبعاد السلطان عن كل مشاركة في ممارسة السلطة، حتى ولو كانت هذه المشاركة رمزية. إلا أن القرار الذي أحرق ما تبقى من خيوط في العلاقة بين مولاي يوسف والمقيم العام تيودور ستيك، هو سماح هذا الأخير لآلاف من المعمرين الذين تقاطروا على المغرب بعد استقالة اليوطي، بالاستيلاء على الأراضي الفلاحية الخصبة بأهم السهول المغربية. وكانت للمقري أيادي في هذه الفضيحة التي هزت البلاد. فثارت القبائل التي سلبت منها أراضيها بالشكوى والتظلم أمام قصر السلطان مولاي يوسف، الذي لم يخف اعتراضه على سياسة «ستيك». تدهورت العلاقة بين المقيم والسلطان إلى درجة أن هذا الأخير أمر بطرد المقيم من قصره، وأصدر أوامره بعدم السماح له بأية مقابلة ملكية. لقد سجل عدد من الباحثين الذين أرخوا لحدث بيعة الأمير سيدي محمد بن يوسف، بعد وفاة السلطان مولاي يوسف سنة 1927 ، بأن حاشية السلطان، وفي مقدمتهم صدره الأعظم محمد المقري ورجال الإقامة العامة، كانوا منذ صيف السنة نفسها يستشعرون اقتراب أجل السلطان الذي كان يعاني من وطأة مرض «البروستات»، حيث قرر الانتقال من الرباط إلى فاس. فبدأ رجال المخزن يتهافتون فيمن سيتم اختياره لكرسي السلطنة بعد وفاته. وهكذا ما كاد السلطان مولاي يوسف يسلم الروح إلى باريها يوم الخميس 17 نونبر سنة 1927 ، حتى ظهرت بوادر الانقسام بين رجال المخزن، حيث كان الحاجب التهامي عبابو، وبجانبه مدير التشريفات السلطانية، قدور بن غبريط، يميلان إلى مبايعة الأمير مولاي إدريس بن يوسف، باعتباره أكبر أبناء السلطان المتوفى وخليفته بمراكش، وكان هذا الأمير يحمل الكثير من أوصاف أبيه. أما الفريق الثاني، فكان يقوده الصدر الأعظم محمد المقري ويسانده الفقيه محمد المعمري، وبعض الفرنسيين النافذين في الإقامة. وقد كان هذا الفريق يلعب ورقة سلطة الحماية. فإذا كان محمد المقري يخشى على انفلات منصب الصدر الأعظم من يده في حالة تولي مولاي إدريس بن يوسف، فإن الفقيه المعمري يعرف جيدا ما تريده سلطة الإقامة. فقد سبق له أن عمل مترجما بالإقامة في السنوات الأولى من عهد الحماية، وتربطه علاقات خاصة بالأمير سيدي محمد بن يوسف. وكان «تيودور ستيك» في قرارة نفسه لا يرغب في أن يرى مرشح الحاجب التهامي عبابو، الأمير مولاي إدريس، سلطانا على المغرب، لأن طبعه لا يخلو من عناد. بالإضافة إلى كونه يعرف ألاعيب السياسة، وليس من السهل على سلطة الحماية أن تجرده من حقه في ممارسة السلطة. في حين ظل يستمع جيدا لنصائح رفيقه المقري. وتدل كل القرائن على أن فريق الصدر الأعظم قد استجاب لرغبة المقيم العام «تيودور ستيك»، الذي جاء أصلا إلى المغرب لتجاوز سياسة اليوطي، والتهييء لسياسة الإدارة المباشرة وتنمية الاستيطان. ولهذا وجد نفسه منسجما مع اختيار المقري والمعمري، ووافق على الترشيح المبدئي للأمير سيدي محمد، الذي لم يكن لديه أي طموح سياسي، حيث يظهر من خلال طبعه الهادئ وانعزاله عن الناس وميله الفطري إلى الزهد والعفاف، أنه غير مكترث بما يدور حوله. وعلى الرغم من أن الصدر الأعظم والفقيه المعمري وبعض رجال الإقامة كانوا يستعجلون المقيم العام في الموافقة على ترشيح الأمير سيدي محمد، فإن «تيودور ستيك» كان يعتقد أنه من الصعب عليه استبعاد الابن الأكبر للسلطان الأمير مولاي إدريس بن يوسف عن السلطنة. غير أن المستشار القانوني للإقامة «ميشو بيلير»، والمعتمد العام «أوربان بلان» سيؤكدان له بأنه ليس هناك قاعدة ثابتة في وراثة العرش، باستثناء أن يكون السلطان الجديد من الأسرة العلوية، وأن يحظى هذا الاختيار بموافقة الفقهاء والعلماء المجتمعين بفاس. كانت هذه الفتوى القانونية قد أزاحت هما ثقيلا من على نفسية «تيودور ستيك»، حيث كان يتخوف، بعد تجربته المرة مع مولاي يوسف، أن يتولى سلطنة المغرب شخص قوي يعترض على مشاريعه الاستيطانية بالبلاد. فوافق دون تردد منه على ترشيح الأمير سيدي محمد بن يوسف، خاصة أن المعتمد العام «أوربان بلان» قد أكد له أن الإقامة العامة لن تواجه من هذا الأمير أي عصيان. وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه الفقيه المعمري ومحمد المقري الذي يرى أن الأمير سيدي محمد «شاب مرن سهل المراس والتوجيه». محمد الخامس.. شاب سهل المراس لم يتردد الفقيه المعمري ومحمد المقري في وصف محمد بن يوسف بكونه «شاب مرن سهل المراس والتوجيه». وبعد الانتهاء من مراسيم دفن السلطان مولاي يوسف صباح يوم الجمعة 18 نونبر 1927 بضريح مولاي عبد الله بفاس، أوعز «تيودور ستيك» إلى الصدر الأعظم محمد المقري بأن يقوم بكل الإجراءات، تبعا للتقاليد المخزنية، لمبايعة الأمير سيدي محمد بن يوسف سلطانا على المغرب. وجمع المقري بعض رجال المخزن المقربين إليه من أمثال وزير العدل محمد الرندة، ووزير الأوقاف الفقيه أحمد الجاي، وعمر التازي وزير الأملاك المخزنية. وحضر هذا الاجتماع الفقيه محمد المعمري الذي يظهر أنه كان يمثل عين سلطة الحماية في هذا الفريق، بالإضافة إلى رغبته في أن يرى الأمير سيدي محمد بن يوسف متربعا على كرسي السلطنة بالمغرب. وبعد مشاورات قصيرة بين المجتمعين بالقصر الملكي بفاس، أعلن الصدر الأعظم، محمد المقري، «أن المصلحة العليا للبلاد جعلت رجال المخزن المجتمعين يومه الجمعة 23 جمادى الأولى عام 1346 ه الموافق ل 18 نونبر 1927 ميلادية يبايعون الأمير سيدي محمد بن يوسف سلطانا على المغرب، خلفا لأبيه السلطان مولاي يوسف رحمه الله». وحتى تتخذ هذه البيعة طابعها الرسمي، وصيغتها الشرعية في إطار التقاليد المخزنية المرعية، استدعى الصدر الأعظم، محمد المقري، إلى القصر الملكي هيئة العلماء وقضاة فاس إبانه، الفقيه محمد بن رشيد العراقي، والعلامة عبد الرحمان بن القرشي، وأعيان مدينة فاس، وكبار رجال الدولة الذين حضروا مراسيم جنازة مولاي يوسف، فسلموا على الأمير سيدي محمد وبايعوه بالملك وسنه لم يتجاوز الثامنة عشرة. وصباح يوم السبت 19 نونبر، تقدم المقيم العام «تيودور ستيك» للسلام على السلطان الجديد وتهنئته باسم الجمهورية الفرنسية. كما تقدم لتهنئته ممثلو الدول الأجنبية بالمغرب. وفي مساء اليوم نفسه، تقدم الشرفاء والفقهاء والأعيان وكبار الموظفين المغاربة، الذين اختارهم المقري بعناية، للسلام على السلطان وتهنئته بالملك. لقد نجح المقيم العام، بفضل الصدر الأعظم، والفقيه محمد المعمري، في اختيار الأمير سيدي محمد، أصغر أبناء السلطان مولاي يوسف سلطانا للمغرب، ليحافظ بذلك المقري على صفته صدرا أعظم قبل أن توافيه المنية عن سن 115 سنة. ففي شهر شتنبر من سنة 1957 توفي المقري عن عمر يناهز 115 سنة. وكتب بعض المؤرخين أن وفاته حلت بعد ستة أيام من صدور لائحة الخونة، التي جردته من حق المواطنة لمدة 15 سنة. فهل كان الصدر الأعظم، الذي تولى هذه المهمة على عهد ملكين من الملوك العلويين هما المولى يوسف، ومحمد الخامس خائنا. لقد قال المقري لأصدقائه الفرنسيين، بعد أن اختاروا محمد بن عرفة سلطانا بديلا لمحمد الخامس في عز المواجهة بين الوطنيين وسلطات الإستعمار «إن إبعاد محمد الخامس سوف لن يكلف أكثر من أربع وعشرين ساعة من الفوضى والاضطراب، وإن بقاءه بعدما أجمع المجتمعون بمراكش على قيام إمام ثان هو سيده محمد بن عرفة، سيكون خطرا على البلاد، وإن وجود إمامين إمام الرباط، وآخر بمراكش، عمل يمس الشعور الديني، وإذا صح العزم فلتبادر فرنسا بإبعاد عدوها». سقط بن عرفة. لكن محمد الخامس سيعود إلى عرشه بعد معارك وأحداث انطلقت بالمقاومة المسلحة، وتوالت مع ما خلفه الظهير البربري، والمطالبة بالاستقلال من خلال وثيقة رسمية، ثم المنفى الذي فضله السلطان على الحجر والحماية، على الرغم من أن ولي عهده آنذاك المولى الحسن اعتبر خطوة والده مقامرة كادت تذهب بالعرش العلوي.