في تطور مفاجئ لتداعيات الجلسة الأخيرة لعبد الإله بنكيران بمجلس المستشارين، كشفت مصادر موثوقة ل»المساء» أن حزب الأصالة والمعاصرة يسير في اتجاه رفع دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة على خلفية «الاتهامات الثقيلة» التي وجهها إلى حزب «الجرار». وقالت مصادرنا إن «البام» بدأ أمس في القيام باستشارات قانونية لبحث الصيغ التي ستتم بها مقاضاة بنكيران. وأكدت مصادرنا أن الحزب ينتظر انعقاد أشغال مكتبه السياسي مساء اليوم، مضيفة أن الاجتماع سيتدارس إمكانية تجميد عمل الحزب بالمؤسسات الدستورية، الشيء الذي يعني انسحاب الفريقين من مجلس النواب والمستشارين. وكان عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، هاجم حزب الأصالة والمعاصرة خلال جلسة الأسئلة الشهرية في مجلس المستشارين المنعقدة يوم الجمعة الماضي والتي كانت مخصصة لموضوع الأمن الغذائي، متهما إياه بنهج أسلوب المؤامرات والمناورات عبر الإذاعات الخاصة وبعض الصحف. وقال بنكيران، في تعقيبه على مداخلة أحد المستشارين في سياق مقارنته بين المغرب ومصر: «قبل سنوات قليلة، كان هناك من أوصل المغرب إلى حالة من التذمر، ويريد أن يتم التحكم فيه كما كان عليه الحال في مصر»، موضحا أن الجميع يعرف الحزب الذي يقصده. واعتبر رئيس الحكومة أن أكبر خطر يهدد المغرب ليس هو الأمن الغذائي، بل هو وجود هذا الصنف من الناس، في إشارة منه إلى حزب الأصالة والمعاصرة، وأضاف قائلا: «حتى وقت قريب، كنا نسمعهم يشتمون المسؤولين، وكانوا يتحكمون ويفعلون ما يشاؤون، ومن أرادوا أن يرسلوه إلى السجن يرسلونه». وشدد رئيس الحكومة على أن عهد التحكم قد انتهى، وخاطب إدريس الراضي، رئيس الفريق الدستوري في مجلس المستشارين، قائلا: «إنني أدافع عنك وعن أمثالك لأنك تستطيع، في عهدنا، أن تقول ما شئت؛ ولكن معهم، لم تكن تقدر على الكلام لا أنت ولا بعض الناس الذين أصبحوا اليوم أبطالا». انتقاد بنكيران للأصالة والمعاصرة جعل فريق هذا الحزب في مجلس المستشارين ينسحب من الجلسة، وسط تلفظ عبد الكريم بونمر، مستشار ينتمي إلى «البام»، بعبارات قدحية في حق رئيس الحكومة من قبيل «هذا مريض» و»الله حتى حالة مرضية تفو عليه». ولم يفت بنكيران تذكير حكيم بنشماس، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، بتصرفه تجاه إدريس الأزمي، الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، والذي حاسبه على قسمات وجهه وقال له أنت ضيف عندنا، وقال بنكيران لبنشماس: «ما قمت به غير مقبول، وعليك أن تتعلم احترام الوزراء لأن في ذلك احتراما لبلدك، ويمكنك أن تصبح وزيرا وتعامَل بطريقة أسوأ من التي تصرفت بها». وعاد بنكيران ليؤكد على تشبث الحكومة بقرار الاقتطاع من أجور المضربين، حيث قال: «إن هذه الحكومة تغامر بشعبيتها من أجل تصحيح الأوضاع، «وتقدر تطيح»، ولكن لن تقبل بالتوظيف المباشر بل بوظيفة عبر مباريات يتساوى فيها أبناء الشعب». وأوضح رئيس الحكومة أنه من السهل أن يتحالف مع النقابات وألا يكون هناك اقتطاع من أجور المضربين، غير أنه لن يقبل بذلك لأن لديه غيرة على مال الدولة، وزاد قائلا: «يلا بغاوني نمشي بحالي أنا مستعد، ولكن أن أسير الانحراف فأنا غير مستعد». وقدم مثالا على الممارسات النقابية السيئة، إذ إنه كلما دعت نقابة إلى إضراب عن العمل إلا واستجابت له جميع الشغيلة، بما فيها المنتمية إلى النقابات الأخرى. وقد انسحب الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بعد انطلاق الجلسة، احتجاجا على الاقتطاع من أجور المضربين، وكذا على المنع الذي قال محمد دعيدعة، رئيس الفريق، إنه تعرضت له مجموعة من المسيرات الاحتجاجية التي تنظمها الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل في إطار اليوم الاحتجاجي الوطني. ومن جهتها، امتنعت مجموعة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب عن المشاركة في مناقشة رئيس الحكومة احتجاجا على الوقت الذي منح لها والمحدد في دقيقتين. ومن جهة أخرى، أكد رئيس الحكومة أن الأمن الغذائي هاجس حاضر بقوة لدى الحكومة الحالية والتي تشجع وتدعم الاستثمار في القطاع الفلاحي، إلى جانب دعمها للصناعات الغذائية ومواصلتها دعم القطاع الفلاحي. وتحدث رئيس الحكومة عن الإكراهات التي يعرفها القطاع، والمتمثلة أساسا في ندرة الموارد والتقلبات المناخية وانعكاسات اتفاقية التبادل الحر.