كشفت مصادر مطلعة ل»المساء» أن إسبانيا قدّمت طلبا إلى المغرب من أجل قبوله بترحيل القاصرين غير المرفوقين المتواجدين بمدينة سبتة. وقالت المصادر إن وزير الداخلية الإسباني وجه هذا الطلب إلى حكومة المغرب خلال لقاء القمة المشترك بين البلدين، الذي انعقد في شهر شتنبر الماضي. ويقترح الطلب الذي اطّلعت الجريدة على بعض محتوياته، على وزارة الداخلية المغربية إحداثَ وحدة أمنية خاصة للبحث عن آباء وأولياء أمور هؤلاء الأطفال القاصرين، وأغلبهم من مدينة تطوان، من أجل تسليمهم أبناءهم المتواجدين حاليا في مراكز الإيواء الإسبانية، قبل أن يسريّ الاتفاق على باقي القاصرين المغاربة غير المرفوقين المتواجدين في مختلف المدن الإسبانية. وأشار مصدرنا إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها إسبانيا أصبحت تفرض عليها التخلي عن العديد من الالتزامات الدولية والإنسانية، من أجل تقليص نفقاتها الاجتماعية المختلفة، بدءا بالمهاجرين المغاربة القاصرين. ويستقبل 26 مركزا أندلسيا لإيواء القاصرين أكبر عدد من الأطفال المغاربة بتفاوت يصل إلى حوالي 400 قاصر سنويا عن بقية الأقاليم الأخرى، تليه جزر الكاناري بعدد أقل، فيما تأتي بعدهما مدينتا سبتة ومليلية بأكثر من 200 طفل في كل واحدة منهما، ثم العاصمة الإسبانية مدريد. أما بالنسبة إلى العدد الإجمالي للمهاجرين المغاربة القاصرين غير المرفوقين في إسبانيا فتشير الإحصائيات الرسمية الإسبانية إلى وجود ما يقارب 5000 طفل مغربي بدون أهل، يتواجدون داخل مراكز الإيواء المؤقتة. ويقول أغلب المستشارين التربويين إن هؤلاء القاصرين لا يرغبون في الإفصاح عن هوياتهم أو عن عناوين عائلاتهم في المغرب، خوفا من ترحيلهم في حالة التوصل إلى اتفاق مع المغرب في هذا الشأن. من جهتها، قالت مصادر إسبانية أخرى ل»المساء» إن المهاجرين القاصرين المغاربة يختلفون عن باقي القاصرين، نظرا إلى معرفتهم الجيدة بالقوانين والإجراءات المسطرية التي يتحتم عليهم اتباعها فور وصولهم إلى الأراضي الإسبانية. وكشفت دراسة أجرتها الباحثة الاجتماعية فيوليتا كيروكا حول هجرة القاصرين المغاربة غير المرفقين أنها لقيّت صعوبة كبيرة خلال محاولتها التحقيق حول احتمال إقحام المهاجرين القاصرين ضمن شبكات الدعارة. ويضيف التقرير أن أغلبية القاصرين المغاربة المتراوحة أعمارهم ما بين 14 و17 سنة يتحدّرون من مناطق قروية، حيث يتوجهون في رحلات سرية إلى الأراضي الإسبانية لأسباب عائلية، لكونهم يأملون في الالتحاق بعائلاتهم هناك. ومازال ملف هجرة القاصرين المغاربة إلى إسبانيا يفرض نفسه بقوة في كل الاجتماعات الثنائية بين البلدين، حيث سبق لخيسوس كالديرا، وزير الشغل والشؤون الاجتماعية الإسباني، أن أعلن في البرلمان الإسباني عن تشييد مركزين لإيواء وتكوين القاصرين المغاربة المرحَّلين في شمال المغرب، مضيفا أنه ينتظر إتمام الاتفاق حول بناء هذين المركزين، اللذين سيسمحان -حسب قوله- ب»بتكوين القاصرين الذين سيُرحَّلون من إسبانيا إلى المغرب بكل الضمانات»، مذكرا بأن «التعاون الإسباني مع المغرب قد حقق بعض النتائج المهمة في هذا الملف»، حيث سبق أن صادق البرلمان الإسباني على الاتفاق المُبرَم بين المغرب وإسبانيا بخصوص ترحيل القاصرين المغاربة، مع تمتيعهم بكل الضمانات، الأمر الذي ترفضه الجمعيات الحقوقية الإسبانية، على اعتبار أن «هؤلاء القاصرين سيتعرضون -مرة أخرى- للتشرد في المغرب».