قامت الدنيا ولم تقعد، فقط لأن فتيات بلجيكيات التقطن لأنفسهن صورا بتنورات قصيرة بالفضاء الخارجي لمسجد الحسن وليس داخله، بل إن زملاءنا في الاتحاد الاشتراكي، ولحاجة في نفس يعقوب ضد حكومة الإسلاميين، نسوا أو تناسوا أنهم اشتراكيون و«حداثيون»، واعتبروا الأمر فضيحة، وما هي كذلك، بل الفضيحة هي أن هذا المسجد، الذي يعد المعلمة الدينية والتاريخية والسياحية الوحيدة التي توجد بالدار البيضاء، دخله في وقت سابق صهيوني اسمه إسحاق رابين وتجول داخله تحت حراسة أمنية مشددة دون أن يجرؤ أي شخص على قول: اللهم إن هذا منكر. أكثر من هذا، فالفضيحة هي أولئك الفتيات المغربيات القاصرات اللواتي دفعهن الفقر إلى بيع أجسادهن بجوار هذا المسجد ليلا لكسب لقمة العيش. صحيح أنه ينبغي احترام المساجد وكل أماكن العبادة، ونحن ضد أي عمل يرمي إلى استفزاز مشاعر الناس بجميع دياناتهم، وعلى الدولة أن تتدخل لفرض احترام هذه الأماكن؛ لكننا لا نعتقد أن التقاط صور من طرف أجنبيات أمام هذه المعلمة المغربية يستحق كل هذا التضخيم الذي رافقه. ثم ماذا لو قامت جهات حكومية بمنع هؤلاء الفتيات البلجيكيات من التقاط هذه الصور بالقرب من المسجد؟ أكيد أن الكثيرين سينتفضون ليصرخوا بأعلى صوتهم: «إن السياحة المغربية وصورة البلد مهددتان». مسجد الحسن الثاني هو مكان للعبادة وإقامة الصلوات، ولكنه في نفس الوقت معلمة تاريخية وحضارية وأكبر معلمة دينية في منطقة شمال إفريقيا، والسياح الذين يقصدونه لأخذ صور تذكارية بجانبه يفعلون ذلك باعتباره معلمة وليس باعتباره مكانا للعبادة، لأنهم لا يفعلون ذلك، مثلا، بالقرب من مساجد أخرى ذات عراقة في المغرب، كما أن السياح الذين يقصدون العاصمة يذهبون إلى مسجد حسان لأنه معلمة تاريخية وليس لأنه مكان للتعبد. ما يجب التنبيه إليه هو أن المعالم التاريخية في العالم الإسلامي كله تقريبا مرتبطة بالجانب الديني، لأن الإسلام والعمارة ظلا متلازمين عبر التاريخ، لذلك كانت المساجد مظهرا لفنون النقش والعمارة رغم أنها أمكنة للتعبد.