بعدما رماه القدر وراء أسوار السجن لاقترافه عمليتي سرقة قضى بموجبهما تسع سنوات سجنا نافذا، تعرف المتهم (ر) على شخصين ربط معهما علاقة صداقة وتعارف أثناء وجوده بالمؤسسة السجنية، وبعد مغادرتهم لها تبين أن الثلاثة لم تردعهم العقوبة السالبة للحرية، وبسبب ضيق ذات اليد, وبغية توفير مستلزماتهم من السجائر والمخدرات ومواجهة متطلبات الحياة، عاد المتهمون الثلاثة إلى اقتراف السرقات بمهاجمة أشخاص أبرياء واعتراض سبيلهم، ولذلك الغرض كانوا يجتمعون في منزل أحد الأشخاص ليخططوا لعمليات السرقة، وكانوا يتربصون بضحاياهم في مكان مظلم وفي وقت متأخر من الليل، حيث تكون الفرصة مواتية لاعتراض السبيل، يبادر أحدهم بوخز الضحية بقنينة خمر مكسرة، أو ينهال عليه أحد المعتدين بسلسلة حديدية أو إشهار سكين في وجهه، قصد تخويفه لتسليمهم ما بحوزته، وبعد أن ينفذوا عملياتهم يغادرون المكان بعد تهديد الضحية بالقتل إن حاول التبليغ عنهم. بعد توقيف المتهم الذي كان موضوع مذكرة بحث، استهلت الضابطة لقضائية بحثها بالاستماع إليه، حيث صرح بأنه يتوفر على سابقتين قضائيتين في السرقة، قضى بموجبهما خمس وأربع سنوات في السجن، وعن المنسوب إليه أفاد المتهم أنه نشأ وسط أسرة فقيرة، وانقطع عن الدراسة في مستوى الثاني إعدادي، واتجه للعمل في البناء لتوفير كل ما يلزمه من سجائر ومشروبات كحولية ومخدرات، التي يدمن على استعمالها مع باقي أصدقاء السوء الذين سبق أن تعرف عليهم اثناء قضائه للعقوبات الحبسية. وبخصوص الجريمة التي تورط فيها رفقة المتهمين (ح) و(ه) و(و)، أفاد بأنه أثناء معاقرتهم الخمر بأحد الأماكن قبيل طلوع الفجر أثار انتباههم شاب في مقتبل العمر غريب عن المنطقة، فتوجهوا نحوه، وطلب منه (ه) مده بمبلغ مالي بسيط فاستجاب لطلبه، لكن (ح) طالبه بمبلغ آخر، بينما أشهر هو سكينا في وجهه ونفس الشيء فعله (ح)، وانهال عليه (ه) بسلسلة حديدية فاستسلم لهم وسلبوه مبلغا ماليا وهاتفا نقالا، مضيفا أنهم كانوا يجتمعون عند أحدهم للتخطيط لعمليات السرقة. اعتداء عند الاستماع إلى الضحية، صرح بأنه كان متوجها إلى محطة سيارات الأجرة بغية السفر إلى الدارالبيضاء، فاعترض سبيله شاب في مقتبل العمر قصير القامة، وطلب منه درهمين فمنحهما له، ثم حضر شاب آخر طلب منه 10 دراهم، فأدخل يده في جيبه لمنحها له، حينها ظهر شخص ثالث مسلح بسكين وتوجه نحوه وقام الآخران بإخراج سكين وسلسلة حديدية، وشرعوا في تهديده إلا أنه حاول مقاومتهم، فانهال عليه أحدهم بسلسلة حديدية على رأسه، وسلبوه 2800 درهم وهاتفا نقالا وهددوه بالقتل إن بلغ رجال الدرك الملكي ثم لاذوا بالفرار. ضحية أخرى كان قد تعرض لاعتداء المتهمين عندما كان متوجها إلى منزله، ففي مكان مظلم اعترض طريقه ثلاثة شبان واتجه نحوه أحدهم، وقال له: «دور معانا الشريف»، فمنحه الضحية درهمين، إلا أنه فوجئ بشاب يستل سكينا ويهدده، غير أن شابا ثالثا تدخل وأبعده عنه قائلا: «خليه خليه هذا ولد دربنا كنعرفو» فتراجع المعتدون. وعند الاستماع إلى ضحية ثالث أفاد أن الشبان الثلاثة هددوه بقنينة خمر وسلبوه 175 درهما. بعد تقديم المتهم إلى النيابة العامة، طالب ممثل الحق العام قاضي التحقيق بإجراء تحقيق مع المتهم (ر) أفاد خلاله بأنه سبق له أن قضى صحبة صديقيه (ه) و(ح) مدة خمس سنوات وراء القضبان إثر إدانتهم بالسرقة، ولما غادر أسوار السجن انقطع عن هذه العادة واشتغل بالبناء، منكرا أن يكون اعتدى على الضحايا أو أن يكون سلبهم ما بحوزتهم. بعد الاستماع إلى أحد الضحايا، أكد أنه أغلق محله التجاري ليقوم بجولة راجلا في المدينة، فإذا بالشبان الثلاثة يخرجون من مكان مظلم وطالبه أحدهم بدرهمين، غير أن آخر طلب من زميله أن يتركاه لأنه «ولد الدرب» فانسحب الأخير دون أن يسلبه المعتدون أي شيء. الضحية الثانية أفاد أنه كان متوجها لأداء صلاة الفجر حين فاجأه ثلاثة أشخاص، وخزه أحدهم بقنينة خمر مكسرة على رأسه وسلبوه مبلغ ماليا (175 درهما) وخاتما معدنيا. الضحية الثالثة أكد أن ثلاثة أشخاص اعترضوا سبيله وبعد الاعتداء عليه بسلسلة حديدية وتهديده بسكين سلبوه مبلغ 2800 درهم وهاتفا نقالا. 15 سنة سجنا نافذا أحال قاضي التحقيق المتهم (ر) وملف القضية على غرفة الجنايات لدى استئنافية مدينة سطات، التي بعد مناقشتها لملف القضية، ظروفها وملابساتها، والظروف المحيطة بها، والاستماع إلى المتهم ودفاعه، الذي التمس الحكم ببراءة موكله لانعدام وسائل الإثبات، تابعت المتهم بجناية السرقة بالسلاح طبقا للفصل 507 من القانون الجنائي، وقضت بمؤاخذته بتهم اعتراض سبيل المارة والسرقة بالسلاح الأبيض والحكم عليه بخمس عشرة سنة سجنا نافذا.