«إسبانيا تحتضر اقتصاديا» هذا ما خلص إليه تقريران رسميان صدرا خلال الأسبوع الماضي. إذ بلغت نسبة البطالة في حكومة الأندلس 35.42 بالمائة، فيما بلغت في مدينة سبتةالمحتلة 41,03 بالمائة، أما في مدينة ألمرية، التي كانت تعتبر قبلة للمغاربة للعمل في الفلاحة فقد بلغت نسبة البطالة فيها 38.44 بالمائة، ونفس الأمر تقريبا بمدينة ويلفا، التي تعتبر معقلا لجني ثمار توت الأرض، حيث بلغت بها نسبة البطالة 36.19 بالمائة. نفس الأرقام تقريبا كشف عنها معهد الإحصاء الوطني في إسبانيا، مشيرا إلى أن نسبة البطالة في الربع الثالث من العام الحالي وصلت إلى 25 بالمائة. وأضاف المعهد أن هذه النسبة هي الأعلى منذ عام 1976، مبينا أن البطالة وصلت في 16 من المقاطعات الإسبانية إلى ما يزيد على 30 بالمائة، خصوصا في المقاطعات الأندلسية. ودفع استمرار الركود الاقتصادي في إسبانيا التي تعتبر رابع أكبر اقتصاديات منطقة الأورو، إلى ارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوياته منذ حقبة السبعينيات، مضيفا المزيد من الغضب لدى رجل الشارع الإسباني إزاء ما تقوم به الحكومة من إجراءات تقشفية لخفض عجز الموازنة. وأوضحت البيانات التي صدرت خلال الأسبوع الماضي أن شخصا واحدا من أصل أربعة فقد وظيفته في الثلاثة أشهر الأخيرة، ليصل معدل البطالة إلى 25.02 بالمائة، مسجلا بذلك أسوأ مستوى له منذ 36 عاما ليصبح عدد العاطلين عن العمل عند 5.8 ملايين شخص، لتحتل إسبانيا المركز الثاني بعد اليونان في ارتفاع معدل البطالة على مستوى دول الاتحاد الأوروبي. ووفق إحصائيات رسمية أخرى، فقد سجلت 34 بالمائة من حالات الانتحار بإسبانيا خلال هذه السنة بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالجارة الشمالية. كما أن السلطات القضائية الإسبانية تخلي كل 8 دقائق منزلا من قاطنيه، بسبب عدم أدائهم أقساط القروض الشهرية المخصصة للسكن، ليبلغ الرقم كل يوم 520 حالة إخلاء للشقق في مجموع التراب الوطني الإسباني. وتشتد الضغوط كل يوم على رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي من أجل تقديمه طلب حزمة إنقاذ مالي من الاتحاد الأوربي، فيما أكد بنك «سانتاندير»، وهو أكبر مصرف مقرض، إلى أن أرباحه في الربع المالي الثالث تراجعت نتيجة شطب «استثمارات العقارات السامة» وصدرت هذه الإحصاءات الكارثية عن الوضع الاقتصادي الإسباني أياما قبل نشر البنك المركزي الأوروبي لمعدلات النمو والعجز، والذي سيصدر في السابع من شهر نوفمبر المقبل. ويتوقع خبراء اقتصاديون دوليون عدم تمكن إسبانيا من التوصل إلى أهدافها المالية هذا العام وحتى العام المقبل، مما قد يزيد معدلات الديون وارتفاعا آخر لمعدلات البطالة وسط الديون الباهظة التي تثقل كاهل عدد كبير من المقاطعات الإسبانية. وإلى حدود الآن مازال ماريانو راخوي يمانع، ولو بشكل محتشم، في طلب المساعدة بشكل رسمي من آلية الاستقرار الأوروبي حتى يتمكن البنك الأوروبي من التدخل في السوق الثانوي وشراء السندات السيادية الإسبانية تحت مظلة برنامج شراء السندات. فيما يرى محللون دوليون أن إسبانيا لن تعود أبدا كما كانت في السابق، وأن عليها أن تتكيف مع العيش على حياة التقشف وتقليص حجم النفقات وللميزانيات العامة، سواء في قطاع التعليم أو الصحة أو البنيات التحتية لمدة تزيد عن سبع سنوات.