سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حكيمي: المخابرات الجزائرية حاولت إجبارنا على القيام بعمل مسلح داخل المغرب عضو الشبيبة الإسلامية المحكوم بالإعدام يحكي قصة فراره إلى الجزائر وتسليمه إلى ليبيا وكيف أصبح لاجئا في سويسرا
عاد اسم محمد حكيمي، أحد رجال عبد الكريم مطيع السابقين بليبيا، إلى الواجهة آخر مرة في شهر ماي الماضي، بعد توقيفه بألمانيا بناء على مذكرة بحث دولية أصدرتها السلطات المغربية عبر الأنتربول، قبل أن يتم إخلاء سبيله، ليتمكن من العودة إلى سويسرا حيث يقيم كلاجئ سياسي. ابتعد محمد حكيمي، الصادر في حقه حكم غيابي بالإعدام بسبب انتمائه إلى الشبيبة الإسلامية واتهامه، ضمن ما عرف بمجموعة محاكمة 1985، بالتآمر ضد النظام المغربي وتهديد أمنه الداخلي، عن زعيم التنظيم عبد الكريم مطيع سنة 1999، واختار العمل الجمعوي والتطوع كخطيب وإمام بمسجد بزيوريخ، حيث التقته «المساء»، وأجرت معه استجوابا سلط الضوء لأول مرة على مرحلة غامضة من تاريخ تنظيم مطيع، منذ استقراره بليبيا في مطلع الثمانينيات، وحصوله على معسكر تدريبي بتندوف من طرف المخابرات العسكرية الجزائرية. كما يكشف محمد عن جزء من الاتصالات والمبادرات التي قام بها للعودة إلى المغرب، بعد تأكيده على مراجعة مواقفه السياسية السابقة، واستعداده للعمل من أجل المصلحة العامة لوطنه في إطار القانون والشرعية. - يطلق المسلمون بزيوريخ على مسجدكم بجمعية الهداية اسم مسجد المغاربة، هل لأن الجمعية امتداد لتنظيم مغربي أم لأن أغلب الذين يسيرونه ويصلون به مغاربة؟ في الحقيقة، المسجد جزء من جمعية الهداية، التي عملنا، نحن العرب المسلمين، على تأسيسها بمدينة زيوريخ. وقد يكون الغالبية من المؤسسين والعاملين في الجمعية مغاربة، وربما لهذا السبب يطلق البعض على المسجد اسم مسجد المغاربة. وعلى أي، فالمسجد له دور كبير بالنسبة للجالية المغتربة، فهو جامع وملاذ للكل، يأتيه الناس للصلاة كما يأتونه للاستشارات والتوجيه والتظلم وكذا لطلب المساعدات وغيرها، فهو مكان للتضامن والتكافل والتعاون على تذليل مصاعب الحياة ومعيقات الغربة ومشاكلها، إضافة إلى دوره الأساسي التعبدي. وتأسيس جمعية الهداية كانت له أهمية كبرى وضرورة قصوى لاستمرار اجتماع الجالية وحمل بعضها البعض حتى لا تسقط في أوحال الانحراف الأخلاقي والفكري الجذابين في بيئتنا الأوروبية. وجمعيتنا جمعية ثقافية أردناها مستقلة تماما عن كل التيارات والتنظيمات السياسية لكي لا تتقزم دعوتنا في اتجاه ما أو تتلون بلون فكري ما، كما أردناها أن تكون معبرة عن الأصل وإشعاعا حقيقيا من إشعاعات الحضارة الإسلامية في بعدها الإنساني المنخرط في التراكم الكوني بوعي ومنهج وحضور. ونستطيع القول إننا أسسنا مبادئ أساسية جعلت في الانفتاح على الآخر أداة للتعارف والتلاقي والحوار؛ وهو ما تجلى في حواراتنا مع المثقفين السويسريين، وكذا مع مؤسسات قضائية وأمنية كقطاع الشرطة بمدينة زيوريخ وكذا مع بعض الكنائس لإعطاء الجالية العربية والإسلامية إمكانية الاندماج الواعي القادر على الحفاظ على الهوية في احترام تام للقوانين السويسرية. وقد اندهشنا فعلا من التفاف جنسيات مختلفة على الجمعية التي استطاعت أن تخرج الكثيرين من براثن الجريمة والانحراف، بل عملت على إعلان إسلام مجموعة غير هينة من السويسريين وغيرهم. ولم نقتصر على هذا، بل حاولنا قدر المستطاع في إطار جهود «لجنة التعاون الإغاثية التابعة للجمعية» مساعدة الكثير من الحالات التي تحتاج إلى المساعدة، والتي تابعنا حالاتها عبر وسائل الإعلام، لا سيما في المغرب. وفي هذا الباب نتمنى أن نقدم لأوطاننا المختلفة، ومنها المغرب بطبيعة الحال، بعض المساعدة، خاصة في مجال التطبيب والتمدرس وحفر الآبار في المناطق القروية النائية. ونتمنى من سلطات الدول المعنية باهتماماتنا التعاون والعمل على تسهيل هذا الأمر وتحقيقه على أرض الواقع. - من المعروف أنك لاجئ سياسي بسويسرا وكنت تمارس نشاطك السياسي المعارض باسم الشبيبة الإسلامية أليس كذلك؟ نعم أنا لاجئ سياسي منذ 1998 وأحمل جواز سفر لاجئ سياسي. وهذا اللجوء كان بسبب أحكام قاسية ومحاكمة غير عادلة كما أكدت ذلك العديد من المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية في محاكمة 02/09/1985 المعروفة بمجموعة 26 الإسلامية. هذه المجموعة، كغيرها من المجموعات السياسية، كانت في ظروف عرفت بقمع سياسي في السابق، اصطلح عليه بسنوات الجمر والرصاص. وأنا شخصيا كنت في بداية نشاطي النضالي في حركة الشبيبة الإسلامية، التي كانت بالنسبة إلي صوتا معارضا رافضا تمكن من تحريك نفسي الرافضة لتكبيل الحريات والممارسات القمعية الممنهجة، لكن لم تكن إمكاناتي آنذاك قادرة على النظر في منتوجها الفكري والتربوي والسياسي والتنظيمي حتى يكون انضمامي إليها مبنيا على معرفة تامة ووعي كامل. - وما الذي جعلك تغادر الشبيبة الإسلامية؟ هل أفهم أن استقالتك مرتبطة بجوانب وقضايا شخصية أم أنك قمت بمراجعة لأفكار ومواقف التنظيم؟ أؤكد مرة أخرى أنني كنت حديث عهد بالشبيبة الإسلامية. وحتى بالنسبة إلى قضية 1985 لم تكن لي فيها أي مساهمة تذكر، بل وجدت نفسي فارا من ملاحقة غير قانونية ضمن «تنظيم الشبيبة الإسلامية»، الذي بدأت التعرف عليه خارج المغرب بمعية مجموعة من أبنائه وقيادته. غير أنني لاحظت أن طرق التسيير داخل التنظيم لم تكن تسمح بالقراءات المختلفة، سواء من الناحية الفكرية أو السياسية، وأن الشبيبة الإسلامية لم يكن لها إلا عنوان واحد، إضافة إلى أن القمع الذي سلط على هذا التنظيم أدى إلى حتمية تبني توجه جعلنا نحن وأوطاننا في مواجهة قد لا تكون دائما بالوسائل النضالية السلمية؛ لذلك أعتقد أن تبني المنهج العنيف لا يكون سببه دائما التطرف والغلو، لكنه قد يكون صدى لمنهج الدولة القائم على القمع وتكبيل الحريات. كما أنني من النوع الذي لا يستسلم لمنهج معين وقراءة واحدة، وبالتالي أحتاج إلى القراءات المختلفة والقراءة النقدية لأطمئن إلى «الحقائق»، وهو ما لم أجده في تنظيم الشبيبة الإسلامية؛ بالإضافة إلى بعض الأمور المرتبطة بتاريخ التنظيم الذي لم أحضره، والذي شكل عائقا في وجه التنظيم. - لنبدأ القصة من البداية، كيف التحقت بتنظيم الشبيبة الإسلامية؟ ولماذا غادرت المغرب؟ الشبيبة الإسلامية، كما ذكرت لك، كانت بالنسبة إلي آنذاك صوتا معارضا لم أتعرف بعد على ملامح وجهه؛ ولكنني ككل المغاربة كنا نعيش وسط القهر الذي أصبح معروفا للجميع. وهو ما دفع بنا إلى البحث عن طريقة لتغيير ذاك الواقع غير السوي. بالإضافة إلى أن أخي حكيمي بلقاسم كان سباقا إلى التعرف على هذا التنظيم، حيث كنا نلتقي من أجل الاستماع إلى دروس كانت دينية أكثر منها سياسية. ولكن بعد اعتقال أخي وابن عمي والملاحقات التي تلت ذلك؛ وجدت نفسي مضطرا إلى الفرار ومغادرة المغرب. (اعتقل شقيقه بلقاسم وابن عمه عبد الله سنة 1985 في قضية إدخال أسلحة إلى المغرب عبر الحدود الجزائرية، بعد فترة تدريب عسكري بتندوف تحت إشراف المخابرات الجزائرية) - يعني أنك لم تتدرب على السلاح بالجزائر ولم تساهم في إدخال السلاح إلى المغرب؟ مطلقا، لم تكن لي أي علاقة بإدخال الأسلحة، كما لم ألتحق بالجزائر من أجل التدريب، وهو ما يجعل حكم الإعدام الذي حكم علي غير قانوني وغير إنساني. - ولماذا تم اعتقالك من طرف السلطات الجزائرية وأنت عضو بتنظيم كان زعيمه آنذاك على صلة بحكام الجزائر الذين وفروا له معسكر تدريب بتندوف؟ هذه فترة لا يعرفها الكثير من المغاربة؛ بل قد يذهب البعض إلى الاعتقاد بأننا كنا نعيش في رفاهية داخل الجزائر. والحقيقة عكس ذلك تماما. أولا، لم تكن لي وجهة ولا إمكانية إلا الانتقال إلى هذا البلد، فحين تم اعتقال أخي وابن عمي كنت موجودا بوجدة، والحدود الجزائرية لا تبعد عن مسكني سوى بعشرات الأمتار. وبمجرد دخولي إلى الجزائر تم اعتقالي مدة 20 يوما ولم يتم إطلاق سراحي إلا بعد إضراب عن الطعام لأنقل بعد ذلك إلى منزل محروس من طرف الجنود؛ لألتقي بمجموعة من الإخوة الأعضاء بالشبيبة الإسلامية، وقد حشرنا في إقامة إجبارية في ظروف لا إنسانية. وما لم نفهمه آنذاك هو: لماذا مورست علينا كل تلك الممارسات كالتجويع والإبعاد إلى قسنطينة وعزلنا عن التنظيم، ومحاولات الاختطاف، وخاصة بعد محاولات متكررة لتجنيدنا ضد وطننا، وهو ما رفضناه بشدة؟. وما لم نفهمه هو أننا تركنا وحدنا كمجموعة حديثة العهد بالسياسة والنضال نقاوم مكر دولة كالجزائر. بعد عامين من المعاناة الحقيقية ومحاولات متكررة لإقناعنا أو إجبارنا على القيام بعمل مسلح داخل المغرب يخدم المصالح الجزائرية ويضرب قضية الصحراء المغربية، التي لم نكن نسمح بمجرد النقاش فيها، وبعد رفضنا المطلق لذلك، بالرغم من إيعاز أحد الذين كانوا محسوبين على التنظيم، والذي يوجد داخل المغرب الآن؛ عملوا على اعتقالنا مرة ثانية، وهذه المرة بالجزائر العاصمة ليتم ترحيلنا ورمينا بالحدود الجزائرية الليبية مكبلي الأيدي والأرجل. - بعد تسليمكم إلى السلطات الليبية هل التقيتم مباشرة بعبد الكريم مطيع أم أن السلطات قامت بالتحقيق معكم؟ مباشرة بعد تسليمنا إلى السلطات الليبية تم اعتقالنا والتحقيق معنا يوما واحدا في مدينة بالصحراء الليبية، ليتم نقلنا بعد أسبوع إلى مدينة طرابلس والتحقيق معنا مجددا بمقر المخابرات الليبية. بعد ذلك سيتم إيواؤنا في فندق، وبمبادرة منا تم لقاؤنا بالأستاذ عبد الكريم مطيع. - حين التقيت بمطيع ما الذي وجهك إلى فعله؟ هل التدريب عند الليبيين أم الدخول إلى المغرب للقيام بعمل ما؟ لا هذا ولا ذاك، ولكن وجهنا إلى الدراسة وألح علينا بالاهتمام بها وإتمامها، وهذا ما فعلناه. وحقيقة لم نتدرب في أي يوم من الأيام على الأسلحة، لا في ليبيا ولا في الجزائر. كما لم يوجهنا إلى أي عمل مسلح ضد المغرب - هل كنتم تقيمون مع مطيع في نفس الإقامة؟ وكيف كانت ظروف معيشتكم في ضيافة نظام القذافي؟ مرة أخرى أؤكد أن ظروف عيشنا وإقامتنا خارج المغرب، سواء في الجزائر أو في ليبيا، كانت سيئة للغاية. الأستاذ مطيع كان يعيش في إقامة خاصة به هو وعائلته؛ أما نحن فكنا نقطن بالقسم الداخلي لكلية الدعوة الإسلامية. وكباقي الطلبة كانت المنحة زهيدة لا تساعد حتى على شراء الكتب المطلوبة، فما بالك بمتطلبات الحياة الأخرى. - ومتى أنهيت الدراسة بليبيا؟ عند دخولنا إلى ليبيا كانت السنة الدراسية في نهايتها؛ ولم يكن يفصلنا على امتحانات الباكالوريا سوى شهرين، فعكفنا على الدراسة بشكل مكثف، وكانت نسبة النجاح في الثانوية التي درسنا بها ضئيلة للغاية؛ إذ كنا نحن المغاربة (خمسة أشخاص) بالإضافة إلى ليبي واحد الناجحين الوحيدين في هذه الثانوية وبتقدير جيد جدا. بعد ذلك التحقت بكلية الدعوة الإسلامية وتخرجت منها سنة 1992 بتقدير جيد جدا، ثم حصلت بعد ذلك، أي سنة 1995، على دبلوم الدراسات العليا تخصص الحضارة والدعوة بتقدير جيد جدا. - وبعد أن غادرت ليبيا أين كانت وجهتك؟ هل كنت في إطار مهمة تنظيمية بطلب من مطيع أم أنك كنت تبحث عن مستقر خارج ليبيا؟ بعد إنهاء الدراسة لم يعد يربطني بليبيا أي شيء، خاصة أنني كنت أريد جديا الخروج منها لاعتبارات شخصية، وأخرى مرتبطة بالظروف التي كنا نعيشها هناك منذ سنوات؛ باحثا عن آفاق أخرى فيما يخص الدراسة أولا؛ أما فيما يخص الأفكار والقناعات فقد كانت تتطور في اتجاه الابتعاد شيئا فشيئا عن طريقة التفكير السائدة في حركة الشبيبة الإسلامية. لذا قررت الخروج من ليبيا وبعد ذلك انتقلنا، أنا وزوجتي، إلى سويسرا. - ومتى طلبت اللجوء السياسي بسويسرا وقررت الاستقرار بها؟ بداية سنة 1998 وصلت بمعية زوجتي إلى سويسرا وطلبت اللجوء السياسي بها. في البداية لم تكن الأمور سهلة على الإطلاق؛ إذ بعد معركة حقوقية بمساعدة مجموعة من المناضلين السويسريين الشرفاء، الذين نذروا حياتهم من أجل الأجانب من أمثال السيدة عفراء فايدمن ومنظمة العفو الدولية، تمكنت من انتزاع هذا الحق لأن سويسرا تبقى في آخر المطاف بلدا يحترم القانون. - هل فكرت في العودة إلى المغرب بعد أن انسحبت من الشبيبة الإسلامية وأصبحت لديك قناعات وآراء سياسية مغايرة؟ كنت دائما أفكر في العودة إلى المغرب كحق طبيعي أولا، إذ أن المغرب بلدي ووطني؛ ثم كحق قانوني، إذ أن التقادم في القضايا الجنائية كان، حسب القانون المغربي، بعد 20 سنة، ومع تعديل 2011 أصبح بعد 15 سنة؛ ثم كحق من حقوقي، خاصة بعد توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، التي نصت على هذا الحق، الذي تمتع به الكثير من المنفيين. لكن قضيتنا في مجموعة 26 الإسلامية بقيت منسية. كنت أتتبع كل ما يقع في المغرب من متغيرات، وبعد نقاش مع السيد محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ قررت، خاصة بعد الانتخابات الأخيرة وتنصيب الحكومة بقيادة حزب العدالة والتنمية في 19 أبريل 2012، إرسال رسالة أوضح فيها رغبتي في الدخول إلى المغرب. وبعد مضي عدة شهور دون أي رد، وبعد تصريح الأستاذ مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، وهي الشخصية التي أحترمها كثيرا، بالبرلمان المغربي، ردا على سؤال لفريق العدالة والتنمية، بأنه يمكن لأي سياسي الاتصال بوزارة العدل أو بالنيابات العامة بالمغرب والتأكد من أن قضيته تنطبق عليها معايير التقادم، وبعد لقاء أخي بلقاسم بالأستاذ مصطفى الرميد استبشرت خيرا بقرب عودتي إلى وطني بعد 27 سنة من الاغتراب لأنه لم يعد هناك، حقيقة، أي عائق سياسي ولا قانوني ولا حقوقي يمنعنا من العودة، خاصة أنني لم أعد أنتمي إلى أي تنظيم سياسي داخل المغرب ولا خارجه، بل كل اهتماماتي أصبحت دعوية اجتماعية وإنسانية. - أنت خطيب بمسجد الهداية، هل أنت من يختار في خطب الجمعة التي تلقيها عدم التطرق إلى الوضع السياسي بالمغرب أم أن هناك ظروفا تفرض عليك هذا الأمر؟ الحقيقة أني لم أتعرض في أي يوم من الأيام لأي ضغط من أي جهة، رسمية أو غيرها. فاختيار الابتعاد عن المواضيع السياسية، وخاصة ما يرتبط بالمغرب، شيء طبيعي لأن الجالية المخاطبة، التي تنتمي إلى إثنيات مختلفة وجنسيات مختلفة، لكل واحدة منها خصوصيات واهتمامات سياسية مختلفة تماما، وبالتالي الحديث عن بلد بعينه سيلغي الباقين، وأهداف أي مؤسسة لا بد أن يراعى فيها اهتمامات المخاطَب؛ ولكن هذا لا يعني أننا لا ندخل في اهتماماتنا قضايا أمتنا ولو كانت خاصة، لكن ما نتناوله لا بد أن يكون له طابع العام كالربيع العربي، ولو أدى بنا ذلك إلى الحديث عن بلد بعينه، وقد كنا نقوم بندوات وموائد مستديرة لمثل هذه النقاشات، لكن اهتماماتنا، كما أسلفت، مركزة في الأغلب على ما ينفعنا هنا، وهي أدوار ثقافية فكرية إنسانية اجتماعية حوارية، وحتى قضائية فيما يخص الزواج والطلاق وفك النزاعات بين المسلمين في قضاياهم المختلفة والأسرية، بل نقوم أيضا بواجبنا نحو الميت بتغسيله وتجهيزه ونقله إلى بلاده. - هل تربطك علاقة بالسفارة المغربية بسويسرا بحكم رئاستك جمعية الهداية ومهمتك كخطيب جمعة؟ شخصيا، لا تربطني إلى حد الآن أي علاقة بالسفارة المغربية، ولكن هذا لم يمنع جمعية الهداية كمؤسسة تعنى بقضايا الجالية، بما فيها الجالية المغربية، من التواصل مع السفارة. - ولماذا تم توقيفك بألمانيا شهر ماي الماضي؟ أصدرت السلطات المغربية سنة 2004 مذكرة بحث عبر الشرطة الدولية (أنتربول) في حق أفراد مجموعتنا المنفيين خارج المغرب؛ وكان الهدف منها واضحا، وهو ما استهجناه لأن المذكرات صدرت في نفس السنة التي أطلق فيها سراح أخي حكيمي بلقاسم وصديقه عوقيل مصطفى كآخر المعتقلين السياسيين ضمن مجموعتنا، وهي أيضا نفس السنة التي عرفت تنصيب هيئة الإنصاف والمصالحة، التي كانت تشتغل على طي صفحة الماضي المؤلم بالمغرب. وعلى إثر زيارة لأختي ببلجيكا وأثناء عودتي في طريق ألمانيا تم توقيفي بسبب المذكرة؛ وبعد شهرين من الاعتقال والمعاناة أنصفني القضاء الألماني المعروف عالميا وأوروبيا بقوته وجديته؛ واعتبر قضيتي متقادمة وأنه لا يوجد أي مبرر قانوني على الإطلاق لورود اسمي في مثل هذه المذكرة. - هل أثر هذا التوقيف على وضعك القانوني بسويسرا؟ لا مطلقا، هذه الدولة تحترم القانون، بل أؤكد لكم العكس تماما، إذ إن السلطات المختصة قدمت لي الكثير من الدعم؛ لأنهم يعرفون أفكاري وكذا ما أقدمه للجالية بمدينة زيوريخ، وهو ما جعل بعض المؤسسات تتعامل معنا، كمؤسسة الشرطة بالمدينة التي طلبت مني تكوين أفراد الشرطة في موضوع «دور الدين في استتباب الأمن» وكيفية التعامل مع المسلم في رمضان مثلا، وقضايا أخرى تهم الجالية؛ مما جعل هذه السلطات تعتبر جمعيتنا شريكها الإيجابي في قضايا الاندماج. - بعد الذي حدث لك بسبب مذكرة بحث صادرة عن السلطات المغربية، رغم ابتعادك عن أي نشاط سياسي غير قانوني هل تفكر بالعودة إلى بلدك؟ بكل تأكيد؛ هو بلدي وإن جار علي، وأتمنى أن يتفهم المسؤولون أن دخولنا إلى المغرب لن يكون إلا في صالح الوطن الذي يجب أن يتسع لجميع أبنائه. - هل لديك تنسيق مع لاجئين سياسيين مغاربة يرغبون بدورهم في العودة إلى بلدهم المغرب؟ أستطيع فقط القول إن عودتي إلى المغرب ستجعل كثيرين يفكرون بجدية في العودة إلى المغرب. كثيرون فقدوا الثقة، ولعل خطوة كهذه ستعيد إليهم هذه الثقة من جديد.