تجدد الصراع بين مؤسسة الأزهر في مصر والشيعة هذا الأسبوع، بعد فترة قصيرة من الهدوء أعقبت مرحلة الانتفاضة ضد الرئيس السابق حسني مبارك، على خلفية الاتهامات والاتهامات المتبادلة بين جامع الأزهر وممثلي الشيعة في مصر. وجاء ذلك التصعيد بعد أن حذر مفتي الجمهورية علي جمعة، في الأسبوع الماضي، من نشر المذهب الشيعي في مصر، ناصحا عقلاء الشيعة بعدم نشر الفكر الشيعي في غير بيئته في الدول السنية، لأنه سيتسبب في الفتنة وعدم الاستقرار وزعزعة الأمن المجتمعي، مخاطبا الشيعة بقوله: «اتقوا الله فينا وفي أنفسكم». وأوضح المفتي أن الشيعة هم من أهل القبلة «ما داموا يتوجهون إلى قبلتنا ويؤدون الفرائض»، مشيرا إلى أن المذاهب قد يصل عددها إلى 80، «ولكن ما وصل إلينا محررا ومضبوطا أربعة مذاهب، بالإضافة إلى المذهب الجعفري الشيعي والإباضي والزيدي». وحدد جمعة خمس نقاط اعتبر أنها من الاختلافات الرئيسية بين السنة والشيعة، أولها العقيدة، حيث يعتقد الشيعة بعقيدة «البداء»، والتي تعني أن الله سبحانه وتعالى قد قضى شيئا ثم غير رأيه وتراجع عن قضائه، وهو ما يرفضه أهل السنة، «لأن أهل السنة تعتقد أن الله كشف الغيب انكشافا تامًا وعلمه علم تام، وأنه سبحانه وتعالى عظمته لا تدركها العقول». والأمر الثاني هو قضية تحريف القرآن، حيث قام أحد علماء الشيعة ويدعى الشيخ النوري بتأليف كتاب أسماه «فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب»، ليثبت فيه تحريف القرآن الكريم، وهو الأمر الذي يرفضه أهل السنة، مشيرا إلى أنه حينما قرأ الكتاب وجد فيه تحريفا لآيات الله، حيث بدأ الكتاب بآية «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون» وحذف منها كلمة «نحن»، فاستشف جمعة عدم حفظ النوري لآيات القرآن، وقال «فكيف يتكلم في تحريفه؟». أما الأمر الثالث، فهو قضية عدالة الصحابة وسب الشيعة لهم، حيث إن في كتبهم شتائم للصحابة لا يتلفظ بها مسلم، مشيرا إلى أن أحد مرجعيات الشيعة ألف كتابا يتكون من 110 مجلدات تحتوي خمسة منهم على سب الصحابة، وقام الشيعة بحذف الأجزاء الخمسة بعد أن اجتمعوا وارتأوا حذفها حتى لا ينكر أحد عليهم هذا الأمر. والأمر الرابع هو مبدأ التقيَّة، حيث أشار المفتي إلى أن الشيعة يلجؤون إلى الكذب للخروج من أجل نصرة مذهبهم، مؤكدا «أننا نحن أهل السنة لا نكذب لا في ضغط ولا غيره»!. أما الأمر الخامس فهو قضية عصمة الأئمة، حيث قال المفتي: «إن أهل السنة لا يقرون بعصمة أحد إلا الأنبياء، أما الأئمة من أهل البيت فهم محفوظون لعلمهم وتقواهم، ولكنهم ليسوا معصومين وليسوا مصدرًا للتشريع». وقال علي جمعة إن محاولات كثيرة حاولت التوفيق بين السنة والشيعة كان على رأسها محاولة عدد من مشايخ الأزهر، منهم الشيخ محمود شلتوت، والشيخ منصور رجب، والشيخ عبد العزيز عيسى، والشيخ عبد الله المشد، والشيخ محمود المدني، والشيخ الباقوري، حيث اجتمعوا مع عدد من مرجعيات الشيعة ليناقشوا الفكر بالفكر، وأصدروا مجلة أسموها «رسالة الإسلام» وصدرت بداية من غشت عام 1964 ولمدة 15 عاما، كان يتم فيها نشر المناقشات بين علماء السنة والشيعة إلى أن توقفت. وردا على تصريحات جمعة، أعلن بهاء أنور محمد، المتحدث باسم الشيعة المصريين، أن الشيعة أصابتهم الدهشة من التصريحات التي نسبت إلى مفتي مصر، وقال إن الشيعة في مصر ينظرون إلى هذه التصريحات باعتبارها تحريضا صريحا و مباشرا ضد المسلمين الشيعة، مضيفا أن عقيدة المسلمين الشيعة هي نفس عقيدة المسلمين السنة ويؤمنون بأركان الإسلام الخمسة ونفس القرآن ونفس القبلة، وقال إن الشيعة ليس لهم قرآن مختلف كما يدعي البعض، حيث إن الله تكفل بحفظ القرآن لقوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). وطالب المتحدث الرسمي من يقول بأن للشيعة قرآنا مختلفا أن يظهروا هذا القرآن المختلف، وأما ما يتعلق بموضوع سب الصحابة، فقد قال إن ذلك ليس صحيحا، مضيفا «نحن نروي ونسرد قصصا تاريخية اختلف فيها الصحابة واقتتلوا قتالا شديدا فيما بينهم كما حدث في معركة الجمل، حينما قتل الصحابة الأجلاء من بعضهم البعض ثلاثين ألفا، وهم في النهاية بشر يجتهدون فيصيبوا و يخطئوا»، ونفى ما يقال عن مد شيعي في مصر، مؤكدا أن ذلك أكذوبة، وأن الحقيقة هي أن هناك ثلاثة ملايين شيعي في مصر كانوا صامتين، وبعد الثورة بدؤوا يعبرون عن أنفسهم، فاعتقد البعض أن الأمر يتعلق بمد شيعي.