توطئة : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على إمام المتقين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أحمعين، ومن سار على نهجهم وسنتهم إلى يوم الدين . أما بعد ، فرغم النشاط الكبير الذي يقوم به الشيعة الإمامية لنشر منهجهم الباطل بين عموم أهل السنة ، وما يتطلبه ذلك من وجوب تعاون أهل السنة للوقوف أمام هذا الغزو العقدي ، نجد أن التصدي لهذا الخطر المحدق بشباب الأمة خاصة ليس بالصورة المطلوبة ، وهذا راجع إلى سببين : أحدهما : الجهل والنقص في المعلومات عن الشيعة الاثني عشرية عند كثير من مثقفي أهل السنة بَلْهَ عوامِّهم . والآخر : الدهاء والمكر الذي يتصف به من يُسمّون بعلماء الشيعة ومراجِعِهم بناء على عقيدة التقية والكتمان ، حيث إن هؤلاء لا يظهرون حقيقة مذهبهم وموقفهم من أهل السنة ، بل يتظاهرون بالأخوة والتقريب والمحبة ، ويتبرؤون من المطاعن والمآخذ الموجهة إلى مذهبهم ، فينخدع سليم القلب من شباب أهل السنة بظاهرهم ، ولا يعلم أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، وهم يُغررون بالجهلة والمغفلين من المسلمين وممن يتسمون بالمفكرين الذين يكتبون لصالحهم وينافحون عنهم ، فيصبحون ضحايا كتبهم الدعائية التي تقوم على عقيدة التقية والمداراة، ولا يقرؤون أمهات كتبهم ومراجعهم الحقيقية ، ولو أنهم اطلعوا على كتب الخميني فقط ، لما تعاطفوا معهم ولما تورطوا فيما أقدموا عليه ، اغترارا وانتفاخا وانتفاشا بمدح الشيعة لهم والاحتفاء بهم وتبجيلهم والنفخ فيهم وتلميع أسمائهم ، وطبع كتبهم ونشر مقالاتهم في مجلاتهم ودورياتهم وتسميتهم “بالمفكرين الإسلاميين” زخرف القول غرورا . ولذلك رأيت أن أبدأ بالتقية في أصول عقائدهم الكبرى : أولا : عقيدة التقية عند الشيعة الإمامية : خلاصة هذه العقيدة : هو أن التقية عند الشيعة هي التظاهر بعكس الحقيقة، وهي تبيح للشيعي خداع غيره ، فبناء على هذه التقية ينكر الشيعي ظاهرا ما يعتقده باطنا ، ولذلك تجد الشيعة ينكرون كثيرا من معتقداتهم أمام أهل السنة ، مثل القول بتحريف القرآن ، وسب الصحابة ، وتكفير وقذف المسلمين ، وإلى غير ذلك من المعتقدات التي سنبينها في هذه الكلمة بإذن الله تعالى . يقول شيخهم ورئيس محدثيهم محمد بن علي بن الحسين الملقب بالصدوق في رسالة الاعتقادات : ” واعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة ، والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم ، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج من دين الله وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة ” [1]. والروايات التي تحثهم على التقية كثيرة جدا لا تُحصى ولا تستقصى ، منها ما رواه الكُليني في الكافي في (باب التقية) [2] عن معمر بن خلاد قال : ” سألت أبا الحسن عن القيام للولاة فقال : قال أبو جعفر ( أي الباقر ) : ” التقية من ديني ودين آبائي ولا إيمان لمن لا تقية له “. وروى في الأصول من الكافي[3] عن أبي عبد الله قال : ” يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية ، ولا دين لمن لا تقية له ، والتقية في كل شيء إلا في النبيذ والمسح على الخفين “. والدين عندهم هو التقية ، ففي الكافي [4] والرسائل للخميني [5] عن سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : ” يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله ” . فهذا وما قبله اعتراف صريح بأن عقيدة الشيعة عقيدة باطنية تقوم على التكتم والإخفاء والإسرار ، لا لحفظ النفس كما يتوهم بعض حسني النية من أهل السنة؛ بل هي في الأساس لتغطية مخازي المذهب وشناعته وموقفه العدائي من أهل السنة والجماعة ، فالتقية عند الإمامية في حقيقتها هي الكذب والنفاق ، ومن كانت التقية عقيدته ، فإنه لا يمكن الوثوق لا بأقواله ولا بأعماله ، ولا يمكن التقارب معه أو الاتحاد معه ، لأنه يظهر خلاف ما يبطن . ثانيا : عقيدة الشيعة في القرآن الإيمان بالكتب هو أحد أصول الإيمان وأركانه ، والتكذيب بحرف واحد من القرآن كفر ، لأن الله تبارك وتعالى تولى حفظه بنفسه ” إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون “[6]، وقال تعالى : ” لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد”[7] ، هذا إجماع المسلمين . أما الشيعة فإنهم يقولون عكس ذلك ، بل يذكرون التواتر في كتابهم الكافي الذي هو بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة ، على أن القرآن محرف ومبدل، وأنه زيد فيه وحذف منه ، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا . ففي كتابهم الكافي للكليني [8] عن جابر الجُعفي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ” ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله إلا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده “. وهذا شيخهم محمد بن محمد النعماني ، الملقب بالمفيد يقول في : كتاب (أوائل المقالات) [9] : ( إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن ، وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الزيادة والنقصان ). وقال شيخهم الفيض الكاشاني في تفسيره (الصافي) [10] : ” المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام ، أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، بل منه ما هو خلاف ما أنزله الله ، ومنه ما هو مغير محرف ، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة ، منها : اسم علي عليه السلام في كثير من المواضع ، ومنها لفظة ( آل محمد ) غير مرة ، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ، وغير ذلك ، وأنه ليس أيضا على الترتيب المرضي عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم” . وألف شخيهم المفتري حسين النوري الطبرسي كتابا أسماه : ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب )، قال في مقدمته : ( هذا كتاب لطيف، وسفر شريف ، عملته في إثبات تحريف القرآن ، وفضائح أهل الجور والعدوان ). وأورد في ( ص : 180 181) سورة يزعم أنها أسقطت من القرآن الكريم ، وإليك بعض صُورتها : ( بسم الله الرحمن الرحيم . يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويُحذرانكم عذاب يوم عظيم ، نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم ، إن الذين يوفون بعهد الله ورسوله في آيات لهم جنات نعيم والذين كفروا من بعدما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفون في الجحيم ، ظلموا أنفسهم وعصوا لوصي الرسول أولئك يسقون من حميم ) الخ … وهذا نموذج لوحي الشيطان وكتاب مسيلمة الكذاب ، أما مصحفهم الكامل الذي لم يُغير، فلن يظهر حتى يخرج مهديهم آخر الزمان في وِتْرٍ من السنين ، قال نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية[11] : ” روي في الأخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين فيُقرأ ويعمل بأحكامه ” . وهكذا أجمع علماء الشيعة الكبار على تحريف القرآن وتبديله وتغييره ، بل القضية بلغت حد التواتر عند القوم كما ذكر الطبرسي وغيره ، ولم يُذكر خلافه لعالم شيعي واحد عبر التاريخ ، ولم يُنسب إلى واحد منهم إثبات صحة القرآن الذي بين الدفتين ، فهذه عقيدة القوم في القرآن . فألا يفيق السذج من أهل السنة الذين يُخدعون بعبارات الشيعة بأن القرآن الذي بين الدفتين هو القرآن الموجود عندهم ، وهو الذي يحتجون به ؟ والجواب : تصريحاتهم ورواياتهم الموثقة في كتبهم المعتمدة بأن القرآن الأصلي المحفوظ عند القائم الحجة ، وأن الشيعة أُمروا بقراءة هذا القرآن إلى أن يخرج القائم. يقول البروجردي في كتابه (عقائد الشيعة)[12]: ( وواجب علينا أن نعتقد أن القرآن الأصلي لم يغير ولم يبدل ، وهو الموجود عند إمام العصر عجل الله فرجه لا عند غيره ) . فماذا يمكن أن يقول الرافضة في كل هذه الأقوال ؟ هل ينكرها أحد منهم ؟ وإذا أنكروها كما يزعمون تقية ، فليعلنوا البراءة منها ومن مؤلفيها ، وليتفقوا على حرقها ، وليُفهموا الشيعة بكلام صريح صادق بزيفها وكذبها وبُطلانها حتى يصححوا عقيدتهم في كتاب الله ، ولا يكونوا من الضالين . وقد يقول قائل : إن هذه العقيدة في تحريف القرآن هي عقيدة الجيل الأول من الشيعة ، أما شيعة اليوم فلا يعتقدون هذا الاعتقاد ، ولا سيما وقد صدرت عنهم مؤلفات ومنشورات ورسائل تدعو إلى التقارب والوحدة بين السنة والشيعة ، وأنتم تثيرون طائفية ومذهبية قديمة أصبحت مسألة تاريخية… وربما تجد منهم من ينكر هذه العقيدة . والجواب : إن كل ما نتمناه هو هذا ، وهو إعلان شيعة اليوم البراءة مما قاله شيعة الأمس ، واعتقاد صحة القرآن ، والكف عن القول بتحريفه وتزييفه ، بل وتكفير القائل بذلك والبراءة منه ، فهل يستطيعون ؟ وكيف يثق الرافضة بالقرآن ، وهم يكفرون من جمعوا القرآن ويلعنونهم ، ويصفونهم بالزندقة ومخالفة القرآن وتحريفه، وهم أبو بكر وعمر وعثمان والصحب الكرام ، وهو العقيدة الثالثة الآتية . ثالثا : عقيدة الشيعة في الصحابة أجمع الشيعة الإمامية قديما وحديثا على تكفير الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة تقريبا إلا ثلاثة أو خمسة منهم ، ورموا الخلفاء الراشدين خاصة بأبشع الاتهامات ، وألصقوا بهم أسوأ الصفات . ونسبوا ذلك زورا وبهتانا لمن يدعون أنهم أئمة لهم ، فنسب الجزائري في الأنوار النعمانية [13] لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : ” إن الناس كلهم ارتدوا بعد رسول الله غير أربعة “. ومن الأقوال التي نسبوها إلى محمد بن علي الباقر : ( كان الناس أهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة ) و ( ارتد الناس إلا ثلاثة نفر ) وقد جاء في كتاب ” روضة الكافي” للكليني [14] تسمية النفر الثلاثة فروى عن أبي جعفر قال : ( ارتد الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة : هم المقداد، وسلمان ، وأبو ذر ). أما بخاصة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ففي كتب القوم المعتمدة نصوص لا تحصى كثرة في تكفيرهم ولعنهم وسبهم والتقرب إلى الله بذلك بزعمهم. قال نعمة الله الجزائري في ” الأنوار النعمانية ” [15] : ( إن أبا بكر كان يصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والصنم معلق في عنقه وسجوده له ) . وقال النباطي في ” الصراط المستقيم ” [16] : ( عمر بن الخطاب كان كافرا ، يبطن الكفر ويظهر الإسلام ) . وذكروا عن عمر رضي الله عنه أشياء أستحيي من ذكرها ، وإن كان حاكي الكفر ليس بكافر ، ونفس الأمر ذكروا عن اعتقاده رضي الله عنه ، ويؤولون في تفاسيرهم الباطنية الآيات الواردة في الكفار والمنافقين بخيار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبسبب التقية يرمزون للخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان برموز معينة مثل : الفَصيل أي أبا بكر ، ورَمَع أي عمر ، ونعثَل أي عثمان ، ولهم رموز أخرى مثل : ( فلان وفلان وفلان ) أي أبا بكر وعمر وعثمان ، ولهم رموز أخرى في كتبهم مثل : ( الأول والثاني والثالث ) أي الخليفة الأول والثاني والثالث ، ولهم رموز أيضا : كصنمي قريش: أبا بكر وعمر ، وأيضا فرعون وهامان ، والجبت والطاغوت ، أو عجل الأمة والسامري: أي أبا بكر وعمر ، وفلانة أي عائشة رضي الله عنها ، التي يرمونها بالإفك عليهم من الله ما يستحقون ، فقد أسند العياشي في تفسيره [17] إلى جعفر الصادق زورا وبهتانا القول في تفسير قوله تعالى : ” ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ” قال : ( التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا عائشة، هي نكثت إيمانها “. وهكذا لعبوا بكتاب الله وعبثوا به وفق تأويلهم الباطني الإلحادي في دين الله ، وزعم الشيعة أيضا أن لعائشة بابا من أبواب النار تدخل منه ، فقد أسند العياشي في ” التفسير”[18] إلى جعفر الصادق وحاشاه ، أنه قال في تفسير قوله تعالى حكاية عن النار: ( لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم)[19]: ( يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب ، والباب السادس لعسكر) وعسكر كناية عن عائشة كما زعم ذلك المجلسي في “بصائر الأنوار” [20]، ووجه الكناية عن اسمها بعسكر ، كونها كانت تركب جملا في موقعة الجمل ، يقال لها : عسكر ، كما ذكر ذلك المجلسي أيضا . هذه هي عقيدة الشيعة قديما وحديثا في الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، فلو فتشت جميع كتبهم المعتمدة ، فلن تجد إلا اللعن والطعن والتكفير والسب والشتم بأقبح أنواعه، وإلصاق أخس الصفات، ونسج القصص والخرافات، والتُّرهات والخزعبيلات ، وقد جعلوا من ذلك كله أعظم القربات التي ينالون بها أعظم الدرجات ، وجزيل الحسنات ، ومحو السيئات ، قديما حديثا ، وجعلوا من خالفهم في ذلك عدوا ، كافرا ، مرتدا ، خارج عن الملة، ولولا خشية الإطالة لسودت عشرات الصفحات في ذلك ، ولكن إذا أُنكر ما أقول منكر فليطلب أي شيعي أي كتاب يثق به الشيعي فلن يجد غير ما ذكرت وأسوأ مما ذكرت. فإذا كان الأمر كذلك، فهل تحتاج هذه الكتب إلى غربلة أم إلى محرقة هي ومن يثق بها ويؤمن بما جاء فيها ، ويعتقد صحة ذلك ، وما أهون محرقة الدنيا بالنسبة للآخرة التي تنتظر الكذابين الأفاكين اللعانين الفاحشين البذيئين ، الذين كذبوا على الله ورسوله وكفروا الصحب الكرام الذين شهد الله تعالى لهم بأنهم خير أمة أخرجت للناس ، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. ------------------------------------------------------------------------ [1] رسالة الاعتقادات : ص : 104 ط . مركز نشر الكتاب ، إيران 1370ه [2] 2/ 219 [3] 2/ 217 [4] 2/ 222 [5] 2/ 185 [6] سورة االحجر آية 9 [7] سورة فصلت الآية : 42 [8] 1/295 [9] ص : 54 [10] 1/44 [11] 2/ 360 [12] عقائد الشيعة، ص27، ط إيران. [13] 1/81 [14] ص 202 [15] 1/ 53 [16] 3/129 [17] 2/269 [18] ص243 [19] الحجر 44 [20] 4/ 378 8/ 220