اطلعنا، بكثير من الاندهاش والاستغراب، على ما نشرته جريدة «المساء» ضمن مقتطفات من كتاب للسيد البروكسي، وذلك في عددها المؤرخ في 17 غشت 2012. لقد كتب المؤلف السيد البروكسي عما سماه ب«أخطاء في ترجمة استجواب الملك الحسن الثاني، رحمه الله، مع السيد جان دانييل واستدعائنا إلى مكتبه عقب ذلك»، كما تحدث عن «معارضته لتعييننا في مسؤوليات بوزارة الاتصال ومساعي السيد بنهاشم لدى الملك الراحل لتجميد هذا التعيين»، وأخيرا تحدث عن «قرار الحسن الثاني بعدم تسليمنا منحا كان قد وعد بها المرحوم إدريس البصري». نود، السيد المدير، التأكيد على أننا، طيلة السنوات التي أمضيناها في وزارة الإعلام، لم نسمع عن شخص مسؤول عن الإعلام اسمه البروكسي، كما نؤكد أننا لم نجتمع به ولم نتحدث معه ولم يتصل بنا ولم نتصل به على الإطلاق، كما أننا لم نلاحظ حضوره في الاجتماعات التي كانت تعقد مع الوزير أو مع نقابة الصحافيين أو في الندوات أو الأنشطة الإعلامية. ونؤكد كذلك أننا لا نعرف له مكتبا في وزارة الإعلام أو خارجها. إن هذا الشخص -وبكل بساطة- غريب عن أسرة الإعلام. يتحدث السيد البروكسي عن أخطاء في ترجمة استجواب الحسن الثاني... والحقيقة أن وكالة المغرب العربي للأنباء كانت تسهر على ترجمة خطب واستجوابات الملك الراحل بواسطة طاقم كفء، له دراية وتجربة كبيرتان في هذا المجال. ولم يسجل -والحمد لله- أي خطأ في عملية كانت تحظى بكثير من الاهتمام. ولنفرض -جدلا- أن خطأ وقع، فمن هو هذا السيد البروكسي الذي قلق لهذا الموضوع؟ ومن كلفه بذلك؟ ويضيف السيد البروكسي: «لقد استدعيتهما إلى مكتبي وكنت في حالة قلق ظاهر، صمتا طويلا وكانا يردان علي بتحريك كتفيهما..». في هذا الموضوع، اسمحوا لنا، السيد المدير، أن نصيح عاليا: «هذا كذب وافتراء... هذا كذب وهذيان...». إننا لا نعرف هذا الشخص ولم يقم باستدعائنا ولا حضرنا إلى مكتبه غير الموجود أساسا في وزارة الإعلام... فكيف يجرؤ شخص، لا علم لنا بما يدعيه من مسؤولية، على أن يكتب أننا امتثلنا لاستدعائه وحضرنا إلى مكتبه.. إنه خيال من نوع رديء يؤكد تلوثا حادا في ذاكرة هذا الشخص. ويواصل السيد البروكسي مدعيا معارضته لتعييننا في مناصب بوزارة الإعلام عند حضوره إلى الريصاني حيث كنا موجودين... ويضيف أن السيد بنهاشم -وهو لازال على قيد الحياة- زار الملك الراحل وأخبره ب«الواقعة» فتبخر التعيين... ولعلم السيد البروكسي، فقد كان فنجيرو في تلك الحقبة مديرا عاما لوكالة المغرب العربي للأنباء، وهو المنصب الذي شغله بظهير ولسنوات عديدة، كما أن معنينو كان مديرا للإعلام بوزارة الإعلام منذ سنوات، وهو منصب عين فيه -كذلك- بظهير، وقد تحمل فنجيرو ومعنينو هاتين المهمتين قبل انضمام الإعلام إلى الداخلية. ولعلم السيد البروكسي، كذلك فإننا لم نكن مطالبيْن بتعيين جديد ولا راغبيْن فيه. فهل يعقل أن يعترض موظف مغمور في وزارة الداخلية على تعيين مسؤولين بوزارة الإعلام...؟؟ أما عن وجودنا بالريصاني، فالجميع يعلم، في قطاع الإعلام وخارجه، بأننا معا كنا نرافق الملك الراحل في رحلاته، داخل الوطن وخارجه، كمسؤولين إعلاميين ومؤطرين للوفود الصحافية وكصحفيين مهنيين. ويدعي السيد البروكسي أن «السيد بنهاشم عندما علم بالأمر توجه إلى القصر الملكي وأخبر الحسن الثاني ب«الواقعة»، فجمد الملك هذه التعيينات». إن العارف اللبيب يدرك بسرعة فداحة هذه «الكذبة الصارخة»، ذلك أن الدخول إلى القصر والاجتماع بالملك ومفاتحته في موضوع ما، له مسالكه ومساطره وشروطه... ولم يكن ممكنا للسيد بنهاشم -الذي كان عاملا ورئيس قسم في وزارة الداخلية- أن يدخل القصر بهذه الصفة، فأحرى أن يناقش الملك في تعيين أحد المسؤولين... والمطلع على مجريات الأمور يعلم بأن إدريس البصري كان ينفرد بلقاء الملك والحديث معه في قضايا وزارة الداخلية وغيرها، ولم يسمح لأي من مساعديه بالنيابة عنه في هذه المهمة. إن هذا الادعاء يبرز «عنتريات» المؤلف وجهله بأبسط الأبجديات، مما يجعل كلامه فاقدا لكل مصداقية وجدية. ويختم السيد البروكسي لغوه بالقول بأن «الحسن الثاني، بناء على هذه الواقعة، رفض منح معنينو وفنجيرو مِنحا كان قد وعد بها البصري...». ولمعلومات السيد البروكسي وكما يعرف ذلك كل المطلعين، فإن الحسن الثاني لم يكن يستشير أحدا أو يتخذ وسيطا عندما يقرر منح مكافأة لشخص أو تعيينه في منصب، لقد كان -رحمه الله- يعين من يشاء في المنصب الذي يشاء، وكان يكافئ من يريد بالقدر الذي يريد... ولطمأنة السيد البروكسي، فقد نلنا معا -إلى جانب عشرات الإعلاميين- أوسمة ملكية رفيعة كونت بالنسبة إلينا -وإلى غيرنا- أعلى تقدير وأجمل اعتبار. السيد المدير، أن يتم الكذب والاستئساد على الموتى، فهذا أمر معيب أخلاقيا؟ -وعند الله يلتقي الخصوم- أما أن يتم الكذب والاستئساد على الأحياء، فهذا أمر يستوجب التوضيح، وهو ما حاولنا القيام به بكل هدوء، ردا للأمور إلى نصابها وتنويرا للقراء الكرام. إننا كصحفيين نحيي كل الذين يكتبون مذكراتهم، ونعتبر ذلك عملا توثيقيا مهما وإغناء لهذا الصنف الأدبي... غير أن كتابة هذه المذكرات تحتم على أصحابها التحلي بالنزاهة والموضوعية والدقة، مع ضرورة توفرهم على «الذاكرة القوية والسلامة العقلية». ومهما كان الأمر -السيد المدير- وإذا رغبتم في ذلك، فإننا على استعداد لمواجهة السيد البروكسي في مكتبكم وبحضوركم وحضور طاقمكم الصحافي، سواء في هذا الموضوع أو في ما كتبه بعد ذلك من ترهات وأقاويل.