سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجديدي : عندما كنت مراسلا ل «إيل باييس» واجهت مشاكل مع الجزائر قال إنه كلما ذهب إلى الجزائر لتغطية صحافية كانت الداخلية المغربية تستدعيه لمعرفة موضوع الزيارة
سعيد الجديدي هو أحد أبرز الوجوه الإعلامية في المغرب. وقد عرفه المشاهدون، خاصة، وجها مركزيا في النشرات الإخبارية باللغة الإسبانية في التلفزة المغربية طيلة عقود. وخلف وجهه الإعلامي، يخفي سعيد وجها آخر هو وجه المثقف والروائي. في الحلقات التالية، نجوب معه في مساراته المتعددة عبر أبرز المحطات في المغرب، التي واكبها إعلاميا عن قرب، من المحاولتين الانقلابيتين عامي 1971 و 1972 إلى إذاعة طرفاية مرورا بتجربته في الحقل الإعلامي الإسباني، إلى أهم ذكرياته في المجال الإعلامي الوطني. - كنت أول مراسل مغربي ليومية «إيل باييس» الإسبانية، لكنك كنت مراسلا لها أيضا من تندوف، كيف جاء اختيارك؟ < في نهاية الثمانينيات، كنت مستشارا للصحافي الإسباني الصديق خافيير بالنثويلا، الذي كان مراسلا لنفس الجريدة بالرباط. وفي أواخر عام 1989، جاء إلى المغرب لويس ماريا أنسون، مؤسس وكالة «إيفي» الإسبانية للأخبار، والذي كان قبل ذلك مديرا عاما لجريدة «آ بي سي» الإسبانية، من أجل إجراء حوار مع الملك الراحل الحسن الثاني، فنودي علي وقيل لي إنني سأرافق أنسون إلى مدينة إفران لترجمة الحوار الصحافي الذي سيجريه مع الحسن الثاني. وكان هذا أول لقاء لي مع الحسن الثاني كمترجم، لأنه سبق لي أن التقيته قبل ذلك عدة مرات. وبعد انتهاء المقابلة، عدت إلى الرباط، فقال لي بالنثويلا: ليس لكم الحق في أن تجروا المقابلة مع الحسن الثاني قبلنا، لأننا طلبنا حوارا معه قبل أنسون. وكان ذلك صحيحا، إلا أن أنسون كان صديقا لسيمون سون ملك بلغاريا، الذي كان يعيش في إسبانيا. وعلى ذكره، أشير إلى أن ابنه سمى ولده الحسن الثاني، على اسم الملك الراحل؛ وقد اتصل سيمون سون بالحسن الثاني فاستقبله. اتصلت بالصديق معنينو، الذي كان الكاتب العام لوزارة الإعلام مع إدريس البصري، وشرحت له الوضع، فرد علي: دعني أتصرف. بعد ذلك بحوالي أسبوعين، قال لي معنينو إن البصري تكلف بالأمر. وفي الحقيقة، اتصلوا في مدريد بمدير جريدة «إيل باييس» خواكيمي ستيفانيا، فجاء هذا الأخير إلى المغرب ورافقته لترجمة مقابلته مع الحسن الثاني، حيث ذهبنا إلى مراكش ونزلنا بفندق المامونية لمدة عشرة أيام في انتظار مقابلة الملك الراحل، قبل أن يقابلنا في النهاية، وبقيت العلاقة بيننا قائمة بعد ذلك. وعندما تم تعيين بالنثويلا مراسلا للجريدة في باريس، تم اختياري لأكون مراسلا لها في منطقة المغرب العربي، بما فيها تندوف. كان ذلك في بداية التسعينيات، عندما كانت «إيل باييس» في أوج عظمتها، حيث لا بد أن تعرف أن «إيل باييس» كانت تساعد جريدة «لوموند» الفرنسية في حالة العجز المالي، وكانت معروفة بأوربا والعالم كله، وأكثر شهرة من «نيويورك تايمز» وال«واشنطن بوست» مثلا. - في حوار أجريناه مع خافيير بالنثويلا سابقا في«المساء»، قال إنه هو الذي أجرى المقابلة مع الحسن الثاني، هل هذا صحيح؟ < الحقيقة أن الحسن الثاني لم يسبق له أن أجرى أي حوار مع صحافيين عاديين، بل كان يخص بحواراته فقط مدراء الصحف التي يختارها، وليس حتى رؤساء التحرير.. بالنثويلا رافقنا فقط أثناء إجراء الحوار. - خلال عملك كمراسل ل«إيل باييس» في المغرب العربي وتندوف، هل واجهتك صعوبات في عملك؟ < تماما، وهذه مناسبة لكي أقول إن جريدة «إيل باييس» ليست جريدة تخضع للابتزاز، فالسفير الجزائري في مدريد وممثل جبهة البوليساريو كانا لا يهدآن أبدا ويظلان يتصلان بمدير الجريدة لكي يقولا له إن سعيد الجديدي صحافي مغربي وموظف في وزارة الداخلية والإعلام المغربية. وطبعا، هذا أثر نسبيا.. فتم استدعائي إلى مدريد وسئلت في الموضوع، فقلت لهم إنني فعلا موظف في وزارة الإعلام. لكن لا بد أن أقول هنا حقيقة، وهي أنني في القضايا المتعلقة بقضية الصحراء المغربية أو بقضية الصيد البحري لم أكن أتدخل بشكل نهائي، نعم لدي بعض المقالات الموقعة في «إيل باييس» حول الصيد البحري، لكنها كانت باشتراك مع صحافي آخر، فعندما تكون هناك قضية تهم الصيد البحري أو الصحراء أراسل الجريدة وهي تبعث صحافيا آخر ليتكلف بالموضوع وأنا أكون مرافقا له. أتذكر، مثلا، عندما عاد عمر الحضرمي إلى المغرب، فأنا كنت من الأولين الذين أخبروا بالموضوع، حيث هاتفني مسؤول بوزارة الداخلية وأخبرني بالأمر، فأخذت الهاتف وكلمت مدير الجريدة في مدريد، فسألني: «هل أنت متأكد؟»، أجبت: «تمام التأكد»، فأرسلوا على وجه السرعة اسبينوسا، الخبيرة في الشؤون الصحراوية، إلى الرباط، وهي التي تكلفت بالموضوع إلى نهايته. صحيح أنه كانت هناك مشاكل، لأن الجزائر لم تكن ترضى أن يكون مغربي مراسلا ل«إيل باييس» ويكتب موضوعات عن الجزائر نفسها، لكن لا بد من القول بأن هذه المشاكل التي واجهتني لم تكن فقط مع الجزائر بل كانت أيضا مع المغرب في الداخل، إذ كنت كلما ذهبت إلى الجزائر استدعتني وزارة الداخلية المغربية وسألتني عن الموضوع. لكن الحقيقة أنهم كانوا يعرفونني جيدا ويفهمون أنني «السفير الحقيقي للمغرب في إسبانيا» كما قال وزير الاتصال السابق نبيل بنعبد الله، وكانوا يعرفون أن وجود مغربي على رأس إدارة مكتب الجريدة بالرباط أحسن من وجود مدير آخر غيري، كما كانوا يعرفون أيضا أنني علاوة على كوني مغربيا فأنا صحافي في التلفزيون المغربي وأدرك جيدا الخطوط الحمراء، وأنهم لا يمكن أن يواجهوا مشاكل معي. - ولكن خلال عملك كمدير لمكتب «إيل باييس»، ألم تواجه مشاكل مع السلطات المغربية؟ < بالفعل، فذات مرة، مثلا، كتبت مقالا عن المغرب، ونشر بعنوان مثير لم يرق لوزارة الداخلية، فاستدعاني ادريس البصري إلى مكتبه وأعطاني العدد وأشار إلى العنوان، لأنه لم يكن يعرف الإسبانية وترجموه له، مع أن مضمون المقال كان إيجابيا بالنسبة إلى المغرب، خلافا لما كان يوحي به عنوانه، فقلت له إن في جريدة «إيل باييس» وفي جميع الصحف الدولية الكبرى هناك شخص يسمى «المعنون»، مهمته الوحيدة هي وضع عناوين للمواد الصحافية، وأجرته تعادل تقريبا أجرتك كوزير، فضحك البصري وسكت. بعد ذلك، طلب من المقربين إليه ترجمة المقال ولما قرأه تبين له أنه لا يحمل أي شيء سلبي تجاه المغرب، فأرسل إلي هدية مع بطاقة شكر إلى بيتي، كانت عبارة عن «بابور» لإعداد الشاي، لكن كديكور فقط.