تعمد الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري استفزاز الوافد الجديد للبيت الأبيض باراك أوباما عبر حشره ضمن خانة «عبيد البيت الأبيض»، ودعا الظواهري أتباع هذا التنظيم إلى شن مزيد من الهجمات على الولاياتالمتحدةالأمريكية، محذرا الرئيس أوباما من مواصلة دعم بلاده لإسرائيل. وحذر الظواهري الرئيس الأمريكي الجديد، في تسجيل بثه موقع إلكتروني محسوب على تنظيم القاعدة، من مغبة إرسال مزيد من القوات الأمريكية إلى أفغانستان، وقال إن تلك «سياسة محكوم عليها بالفشل». الخروج الإعلامي الجديد للرجل الثاني في تنظيم القاعدة، الذي يعد الأول من نوعه بعد انتخاب أوباما رئيسا جديدا للولايات المتحدةالأمريكية، جاء ردا، حسب عدد من المراقبين، على ما أعلن عنه أوباما في أول مؤتمر صحفي له أنه سيخلص الأمريكيين من بعبع أسامة بلادن عبر أسره في أقرب وقت ممكن، متعهدا أيضا بضرب زعماء القاعدة في باكستان إذا حصلت الولاياتالمتحدة على معلومات مخابراتية جيدة. ويرى عدد من المراقبين أن ورقة القاعدة التي استند إليها بوش المنتهية ولايته قد تم استهلاكها بالكامل وأن أمريكا يتعين عليها تدبير المرحلة القادمة بتغيير استراتيجيتها في مجال الأمن القومي، خاصة في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تمر منها. ويعتبر محمد ضريف، المختص في شؤون الحركات الإسلامية، أن أكبر المتضررين من صعود أوباما يبقى هو تنظيم القاعدة. فبمجرد ما تم انتخاب الوافد الجديد للبيت الأبيض نجح في أداء مهمة كانت صعبة بالنسبة إلى سلفه، تتمثل في تغيير صورة أمريكا لدى العالم العربي، حيث بدأ العالم يتحدث عن أمريكا الديمقراطية. لكن القاعدة -يوضح ضريف في تصريح ل«المساء»- حريصة على الترويج للوجه السيئ لأمريكا، كما أنها تدرك جيدا التحول الجديد الذي سيطرأ على السياسة الأمريكية في ما يخص تدبير ملف الإرهاب. الاستراتيجية التي سيدير بها أوباما هذا الملف الشائك تقوم، حسب ضريف، على فصل ملف العراق والشرق الأوسط عن أفغانستانوباكستان، عبر تأكيده في العديد من المناسبات أن غزو أمريكا للعراق كان خطأ استراتيجيا، في حين أن القاعدة كانت تراهن على أن تستمر أمريكا في نفس السياسة التي اعتمد عليها بوش في ما يخص ملف الإرهاب، الذي وسع من دائرة الدول المستهدفة في حين أن أوباما تقوم خطته الجديدة على تضييق جغرافية الإرهاب وحصرها فقط داخل محوري أفغانستانوباكستان. وتبقى رسالة الظواهري الأخيرة، حسب ضريف، استباقية لما قد يطرأ في المقبل من الأيام على الاستراتيجية الجديدة لمكافحة الإرهاب. الشريط الجديد للظواهري الذي لم يستغرق سوى 11 دقيقة، خاطب فيه أوباما قائلا: «إنك لا تواجه أشخاصا ولا منظمات ولكنك تواجه صحوة جهادية»، مشيرا في هذا الصدد إلى ما اعتبره «تصريحات ومواقف أوباما المنافقة لإسرائيل». واعتبر الظواهري أن الولاياتالمتحدة لن تغير مواقفها رغم انتخاب أوباما، وقال إن أمريكا «اكتست وجها جديدا لكن قلبها الممتلئ بالكراهية وروحها التي تنشر الشر لن يتغيرا». ويطرح اختفاء الرجل الأول عن التنظيم أسامة بن لادن أكثر من علامة استفهام، حيث يشير عبد العالي حامي، الدين أستاذ العلوم السياسية، في هذا الصدد إلى أن العديد من المصادر تذهب أنه كان بالإمكان القبض عليه في بداية غزو أفغانستان لكن الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها جورج بوش، تعمدت تركه من أجل توظيف تصريحاته من أجل توسيع دائرة الحرب على الإرهاب ونشر عدد من القواعد العسكرية الأمريكية بعدد من نقط العالم كالعراق وأفريكوم. وحول ما إذا كانت ورقة القاعدة قد استُهلكت في المرحلة الحالية، أوضح حامي الدين في تصريح ل«المساء» أن تنظيم القاعدة بالنسبة إلى الرأي العام الأمريكي يبقى خطرا حقيقيا رغم أن جورج بوش استعمل هذه الورقة إلى أقصى حد، حيث يبقى على أوباما أن يتصدى للانتقادات التي توجه إليه بكونه غير حريص على الأمن القومي الأمريكي، كما أن الشعب الأمريكي ترسخت لديه صورة بلادن كرمز للعداء لأمريكا.