بحلول كل دخول مدرسي، تعود المشاكل التي يعاني منها رجال التعليم لتطفو على السطح، وهي مشاكل وصعوبات قديمة/ جديدة تتكرر في بداية كل سنة دراسية. «الدخول المدرسي الفعلي يخضع للمزاجية» أكد عبد المجيد بلاطي، أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي في مدينة خريبكة، أن الدخول المدرسي الفعلي يعرف تأخرا كل سنة، لخضوعه ل«مزاجية» أطراف العملية التعليمية، حيث إن الوزارة الوصية «تضع التواريخ وتعتقد أن مهمتها قد انتهت»، لكونها لا تقوم بمراقبة احترام التواريخ التي حددتها، مما يضطر الأساتذة إلى انتظار التحاق جميع التلاميذ لاستهلال الدروس، الشيء الذي يؤدي الى التأخر في التحصيل وعدم القدرة على استكمال المقررات، وبالتالي خلق ضغط على التلاميذ في نهاية كل سنة قبيل الامتحانات، خصوصا في مستوى الباكلوريا. وأكد أن بلاطي نجاح الدخول المدرسي مرتبط بالإعداد له بصيغة تشاركية بإشراك رجال التعليم في السهر على تحضيرات بداية السنة الدراسية، ناهيك عن تفعيل الآليات القانونية، بمحاسبة الإدارة والموظف وبالعمل على تكسير «الأعراف الاجتماعية»، التي جعلت تأخر التحاق التلميذ بالفصل «أمرا عاديا» تتواطؤ فيه جميع الأطراف. «التعليم الأصيل أصبح إصلاحية» الدخول المدرسي للتعليم الأصيل ذو خصوصية، حيث يعرف اكتظاظا في عملية التسجيل، لكون الجذع المشترك للتعليم الأصيل يستقبل التلاميذ المطرودين من السنة الثالثة إعدادي، وبالتالي فهو قِبلة لكل «المتعثرين وأصحاب المشاكل مع الأساتذة»، مما يجعل التعامل معهم أمرا صعبا، حسب عزة بيروك، الأستاذة في ثانوية تأهيلية للتعليم الأصيل في مدينة كلميم، التي قالت إنه «من النادر أن نجد تلميذا توجه للتعليم الأصيل برغبة منه، ليتحول القسم إلى «شبه إصلاحية».. هذا ناهيك عن التأخر في الالتحاق بالفصول»، فالدراسة لا تنطلق، حسب بيروك، إلا بعد مرور أكثرَ من شهر على التواريخ التي تحددها الوزارة، مما يجعل الأستاذ في سباق مع الزمن لتكملة مناهج هو غير مقتنع بنجاعتها من الأساس، لأن التلاميذ يغادرون الأقسام مبكرا قبل انتهاء السنة الدراسية، وبالتالي فإن «إتمام المناهج خلال السنة الدراسية أمر شبه مستحيل». «توفير الشروط المريحة للأساتذة والأطر» من جهته، اعتبر عبد الله غميمط، الأستاذ في ثانوية -إعدادية في مدينة تازة، أن الدخول المدرسي الحالي يأتي في ظل تراجع مستمر للتعليم في المغرب، خصوصا بعد إقرار الوزارة بفشل المخطط الاستعجالي وتأكيدها أنه لم يحقق أهدافه بعد مرور ثلاث سنوات على تطبيقه.. واستعصاء المشاكل التي يعرفها القطاع عن الحل، خصوصا خصاص الموارد البشرية، الذي يعتبر السببَ الرئيسيَّ للاكتظاظ في الأقسام، مما يشكل «ضربا لجودة التعليم وتكافؤ الفرص في التحصيل». وبالتالي فليس هناك استعداد لتوفير الشروط الملائمة للأساتذة والأطر، حسب عبد الله غميمط، نتجية عدم تجاوز المشاكل التي يعرفها القطاع، من خصاص في الموارد البشرية واكتظاظ الأقسام مما يشكل ضغطا على الأستاذ، الذي يطالَب بتنفيذ قرارات ذات بعد تربوي لا يُشرَك في اتخاذها. «أسباب اجتماعية واقتصادية» قد يكون تأخر الاستئناف الفعلي للدراسة لأسباب مادية واجتماعية ونفسية، حسب أحمد عقيل، أستاذ التعليم الابتدائي في مدينة كرسيف، فأغلب التلاميذ لا يقتنون الكتب إلا بعد مرور 10 أيام أو 15 يوما من تاريخ الدخول الذي حدّدته الوزارة، خصوصا في العالم القروي والمناطق النائية، لكون الدخول يأتي مباشرة بعد شهر رمضان، الذي تزامن هذه السنة مع العطلة الصيفية، الشيء الذي أثقل كاهل الأسر البسيطة بالمصاريف. كما أشار عقيل إلى أن التلاميذ صاروا يُقبلون على التحصيل دون محفّز نفسي، حيث يتشبعون بنظرة المجتمع إلى المدرسة المغربية باعتبارها «تخرّج العاطلين عن العمل».. وبالتالي يحس التلميذ أنه لا جدوى من اجتهاده، مما يُكرّس فشل المنظومة التعليمية.