انتهت أشهر العسل بين القصر وحكومة عبد الإله بنكيران وخرجت إلى العلن أزمة ظلت صامتة، بعد أن قدم بنكيران، أول أمس، اعتذارا للملك على خلفية تصريح قال فيه لجريدة «الصباح» إنه لا تواصل بينه وبين مستشاري الملك. وقال بنكيران، في بيان عمّمته وكالة المغرب العربي للأنباء في هذا السياق: «إنني لا أملك إلا أن أعتذر لجلالة الملك عن أي إساءة غير مقصودة أكون قد تسببت فيها، ومن خلاله لمستشاريه المحترمين». ولم يقف بنكيران عند هذا الحد، بل أضاف قائلا، في نص الاعتذار: «أجدد بهذه المناسبة عبارات الولاء والتقدير، التي أكنها لجلالة الملك، حفظه الله وأعزّ أمره». وأنحى بنكيران باللائمة على الصحافي محرر الخبر قائلا: «يؤسفني أن أعلن للرأي العام أن المقال الذي نشرته جريدة «الصباح» مقال مليء بالافتراء والدس لإفساد التعاون القائم بين المؤسسات الدستورية تحت قيادة جلالة الملك، حفظه الله وأيده». وقد تأخر اعتذار بنكيران بأزيد من 24 ساعة على صدور المقال، وهو الأمر الذي اعتبره متتبعون تجليا لأزمة مؤجّلة بينه وبين محيط الملك بعد خلافات حول ملفات ذات حساسية، فيما ذكر مصدر حزبي أن قياديين من العدالة والتنمية لم ترق لهم الصيغة التي كُتِب بها نص الاعتذار، معتبرين إياها «صياغة مُغرقة في المخزنة وتضعف مؤسسة رئاسة الحكومة، التي أعطاها الدستور صلاحيات واسعة». وعلق عبد العزيز أفتاتي، القيادي المثير للجدل في العدالة والتنمية، على هذه القضية واعتبر اعتذار بنكيران للملك لا معنى ولا موجب له، مشيرا، في تصريح ل«المساء»، إلى أن «ما قاله بنكيران عن المستشارين الملكيين عادي جدا ولم يتضمن أي إشارة أو عبارة تستلزم الاعتذار للملك أو حتى للمستشارين، الذين يبقى الخلاف معهم أمرا ورادا وعاديا». واستدرك أفتاتي قائلا: «لكنْ، نحن نعرف أن المشكل ليس مع المستشارين الملكيين، لأن المغاربة لا يعرفونهم وإنما المشكل مع مستشار ملكي واحد هو فؤاد عالي الهمة، الذي لا أستبعد أنه ما يزال يتحرك بأجندته السابقة عندما كان فاعلا في الحياة السياسية من خلال تأسيسه لحركة أفسدت النّخب والحقل المدني». ولم يقف أفتاتي عند هذا الحد، بل قال إن الهمة ما يزال عنده إلى حد الآن أتباع في السياسة والمال والأعمال وكان المطلوب ألا تسند إليه مهمة «مستشار ملكي» إلا بعد أن يُصفيَّ هذه التركة الثقيلة من الأحقاد والكراهية التي خلّفتها تحركاته السابقة في الحياة السياسية والمدنية». وتساءل أفتاتي عمن له المصلحة اليوم في الإضرار برجالات الدولة، مثل عبد الإله بنكيران وغيره، من خلال دفعهم إلى تقديم مثل هذه الاعتذارات التي لن تساهم في توضيح الصورة وإنما ستزرع المزيد من الغموض، «لأننا أصبحنا أمام عبث حقيقي عندما نطلب من بنكيران، المعروف منذ عقود من الزمن بدفاعه عن أهمية المؤسسة الملكية ودورها في حياة المغاربة، أن يجدّد الولاء للملك.. هل من المعقول اليوم أن نستدعي، مثلا، الزعيم الاتحادي عبد الرحمن اليوسفي، بعد كل هذه السنوات التي قضاها في النضال، ثم نطلب منه أن يُقدّم شهادته وحسن سيرته من جديد عما إذا كان ما يزال يؤمن بثوابت البلاد؟.. هذا غير معقول على الإطلاق»، يقول أفتاتي، قبل أن يضيف أنه ضد الاتصالات المباشرة بين المسشتارين الملكيين والوزراء، بل لا بد أن يمر هذا الاتصال عبر رئيس الحكومة، داعيا في الوقت نفسه إلى أن يكون المستشار الملكي دقيقا وأمينا في تبليغ رسائل الملك.