«لا تدعه يبقيك مستيقظا طوال الليل لأن اللغز لن تستطيع حله والأسئلة لن تجد لها أجوبة»، لكن في «أسرار غامضة طبعت التاريخ» نقوم بالإحياء الدرامي الدقيق لتلك الأسرار التي ألهمت الخبراء وأثارت اهتمامهم وأذهلتهم لقرون وعقود وجعلت من شخصياتها أساطير في الذاكرة. سوف نقوم بكشف حقيقة بعض الشخصيات الأسطورية من خلال اكتشاف أدلة ونظريات جديدة. في ثاني يوليوز 1937، أعلن عن فقدان أميليا إيرهارت.. خلّف الخبر صدمة في الأوساط الأمريكية والعالمية، فأميليا كانت أيقونة ورمزا نسائيا خاصا.. بعد سنتين من البحث، أعلنت عن مقتل أميليا دون العثور على جثتها. نسج هذا الاختفاء الكثير من الأساطير حول أميليا ولم تكف أمريكا عن البحث عنها طيلة سبعة عقود ولم يعرف التاريخ شخصا كلفها مئات الملايين من الدولارات كما كلفتها أميليا. إليكم كل القصص والأسرار الغامضة عن أميليا إيرهارت، «ملكة الطيران»، التي لم تنل امرأة مثلها كل هذه الشهرة الخيالية.. أيقونة الطيران النسائي بدأت قصة نجاح أميليا ماري إيرهارت في مجال الطيران باعتبارها كانت أول امرأة تقود طائرة وتُحطّم عشرات الأرقام القياسية في عصرها. يقول الخبراء : «حققت أميليا إيرهارت إنجازات عديدة في مجال الطيران، فهي مثلا أول امرأة تقود طائرة تعبر المحيط الأطلسي، وهي أول امرأة تقود طائرة عابرة للقارات».. وغيرها الكثير من الألقاب».. نالت أميليا إيرهارت شهرة خيالية في المجتمع الأمريكي حينها، تنافست كبريات شركات الطيران والخطوط الجوية كي تقوم أميليا إيرهارت بتجربة أي طراز جديد من طائراتها لكون ذلك كان يعتبر أكبر دعاية لهذه الشركة ولهذه الخطوط، خاصة أن السفر على متن الطائرات كان وقتها محل شك لدى غالبية المواطنين، إذ كان يعتبر نوعا من المغامرة أو المخاطرة.. لعبت أميليا إيرهارت دورا فعّالا ومهمّاً في الترويج لاستخدام الطائرات كوسيلة تنقل داخلية ضمن أراضي الولاياتالمتحدةالأمريكية أو خارجها، حيث انخرطت في جمعية لترويج واستخدام الطائرات في التنقل، مثبتة أنّ الحوادث على الخطوط الجوية أقل بكثير مما هو عليه حال وسائل النقل البرية. لقد حققت أميليا حلم الطيران، الذي روادها صغيرة في منزل جدها ودعمتها والدتها، التي صرفت كل ميراثها من أجل تحقيق ذلك الحلم في دعم رحلاتها التجريبية.. كتبت أميليا عن تجربتها في الطيران وحققت مبيعات كبيرة، وكان لها دور أساسي في إنشاء «التاسعة والتسعون»، وهي منظمة للطيارات السيدات. شهرة واسعة في العام 1928 أصبحت إيرهارت أول امرأة تطير منفردة عبر قارة أمريكا الشمالية، مما زاد من خبراتها ومهاراتها في المجال، واعترف بذلك الطيارون المحترفون ذوو الخبرة الذين طارت معهم. طار الجنرال لاي واد مع إيرهارت في عام 1929 وقال عنها: «كانت طيارا جديدا، ولمساتها حساسة على عصا القيادة».. كانت أيرهارت مخطوبة لصاموئيل تشابمان، وهو مهندس كيميائي من بوسطن، لكنها فسخت خطبتها في 23 نونبر 1928. خلال نفس الفترة، كانت إيرهارت وجورج بوتنام، الناشر والمؤلف والمنعش العقاري، يقضيان الكثير من الوقت معا، مما كوّن علاقة حميمة بينهما. كان جورج بوتنام يعرف باسم «جي بي»، وكان قد طلّق في عام 1929، ثم سعى إلى الزواج من أميليا ست مرات قبل أن توافق أخيرا على الزواج، بعد تردد كبير من ناحيتها.. تزوجا في 7 فبراير 1931 في منزل والدة بوتنام في «نونك» (كونيكتيكت). كانت إيرهارت تشير إلى زواجها بأنه «شراكة» مع «سيطرة مزدوجة». كتبت أيرهارت رسالة خطية إلى بوتنام سلّمتها له يدا بيد يوم الزفاف قالت فيها: «أريدك أن تعرف أنني لن أحملك على الإخلاص لي، كما أني لن أسير خلفك بالمثل».. قام بوتنام بحملة للترويج لها من خلال نشر كتاب من تأليفها وسلسلة من محاضراتها وجولاتها الجديدة، ونشر صورها على الأمتعة، وسجائر «لاكي سترايك» والملابس النسائية والرياضية. وإلى جانب الدعاية لها من خلال المنتجات، شاركت هي بنفسها في الدعاية، وخاصة من خلال أزياء المرأة. الرحلة الأخيرة في ثاني يوليوز 1937، قرّرت أميليا إيرهارت القيام برحلة حول العالم صحبة طيار آخر يدعى فريد نونان. كان عمرها 40 عاما، ولم تكن هذه أول رحلة حول العالم تقوم بها أميليا إيرهارت ولكنْ كان الجديد في الأمر هو تجربة طائرة بمُحرّكين من طراز جديد، أطلق عليه اسم «إلكترا»، نسبة الى الأسطورة اليونانية. وفعلا، بعد أن غادرت أميليا إيرهارت مدينة ميامي، استطاعت أن تقطع أكثر من 35.000 كيلومتر. وذلك بعد التوقف للاستراحة والتزود بالوقود في كل من أمريكا الجنوبية وإفريقيا وشبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا.. ولم يبق لإتمام الرحلة سوى 11.000 كيلومتر، وكان معظم المسافة المتبقية هي فوق مياه المحيط الهادي، ولكن وقع ما لم يكن في الحسبان وانقطع الاتصال مع أميليا إيرهارت والملاح المُرافِق لها. بدأت عمليات البحث عن أميليا إيرهارت أو حطام طائرتها المفقودة منذ ذلك الحين، حيث كلفت الولاياتالمتحدةالأمريكية أسطولا جويا وبحريا للعثور على أميليا إيرهارت، تكلفت ملايين الدولارات، كما شارك أسطول حربي حامل للطائرات في عمليات البحث وانضمت كذلك سفيتنان يابانيتان.. وبعد عامين من البحث وتحديدا في يناير 1939، أعلنت الحكومة الأمريكية عن مقتل أميليا إيرهارت والطيار المرافق لها بدون أي إثبات مادي لذلك. ولكن البحث بقي مستمرا حتى يومنا هذا عن حطام الطائرة تحت الماء وفوقه أو أي أثر يدل على جثة أميليا إيرهارت وتم رصد مبلغ مليونَي دولار في العام الحالي 2012 لأي معلومات تكشف عن غموض هذا الحادث.. خرافات الاختفاء نُسِجت مئات القصص والروايات حول لغز اختفاء أميليا إيرهارت، قيل إنها كانت تتجسس على اليابانيين في المحيط الهادي بناء على طلب من إدارة الرئيس فرانكلين روزفلت، وقيل إنها سقطت في يدي اليابانيين وقاموا بإعدامها.. لكنْ تبيّنَ أن تلك الأقاويل لا أساس لها من الصحة. وذهب البعض إلى حد الحديث عن تورّط المخابرات البريطانية في التخلص منها، و قال بعض الباحثين إن أميليا إيرهارت لم تمت حينها وإنها نجت وانتقلب للعيش في ولاية نيوجيرسي وغيّرت اسمها وتزوجت وأصبحت إيرين كريجميل بولام.. تقدمت إيرين بدعوى قضائية وتعويض عن الأضرار بمليون ونصف المليون دولار وقدمت إفادة خطية تفنّد فيها الإدعاءات. لاحقا، تمكن الباحثون من توثيق تاريخ حياة بولام، والقضاء على أي احتمال أنها كانت ايرهارت. أما كيفن ريشلن، وهو خبير متخصص في الطب الشرعي الجنائي في الجمعية الجغرافية الوطنية، فقد درس صور كل منهما ووجد الكثير من الاختلافات في مقاييس الوجه بين إيرهارت وبولام. وسط تلك الأسرار والألغاز، جعلت شجاعة أميليا إيرهارت واستقلاليتها وإصرارها ورباطة الجأش، التي تمتعت بها تحت الضغط، من المشاهير الدائمين في الثقافة الشعبية.