اعتمد التقرير الأخير الذي عممته مصالح وزارة الداخلية حول تطور زراعة القنب الهندي بالمغرب نفس المعطيات التي خلص إليها تقرير سابق للخارجية الأمريكية. حيث سجل بلاغ صادر عن وزارة الداخلية انخفاض المساحات المزروعة بالقنب الهندي بنسبة 55 في المائة خلال الفترة الممتدة ما بين 2003 و2008، إذ انتقلت المساحات المزروعة من القنب الهندي من 134 ألف هكتار سنة 2003 إلى 60 ألف هكتار سنة 2008. وكشف المصدر ذاته عن حجز 88 طنا من القنب الهندي خلال السنة الجارية، مبرزا أن الهدف المسطر برسم سنة 2009 يتمثل في التخفيض من المساحات المزروعة بالقنب الهندي إلى أقل من 50 ألف هكتار. وتم الإعلان عن هذه النتائج خلال اجتماع عقد أول أمس الأربعاء بالرباط، خصص لبحث حصيلة موسم 2008 الخاصة بالقضاء على زراعات القنب الهندي ومخطط عمل سنة 2009، بمشاركة واليي جهتي تطوان والحسيمة وعمال أقاليم العرائش وتاونات وشفشاون. وتقدر مساحة زراعة القنب الهندي بأقاليم شفشاون والحسيمة وتاونات وتطوانوالعرائش بحوالي 134 ألف هكتار (27 % من المساحة الزراعية النافعة في المنطقة)، أما الإنتاج فيبلغ ما يقارب 47400 طن. ويقدر رقم المعاملات التي يجنيها أصحاب هذه الزراعة بأكثر من 110 ملايير درهم. وحسب وكالة تنمية أقاليم الشمال، فإن عوائد مخدر القنب الهندي تصل سنويا إلى 3 ملايير درهم، يستفيد منها 800 ألف شخص يقطنون بشمال المغرب، وتشكل أقل من 2% من إجمالي الناتج الخام الفلاحي المغربي، في حين تدر على تجار المخدرات الأوروبيين 11 مليار يورو. وتقوم مقاربة الدولة في محاربة هذه الزراعة الخبيثة على توعية المنتج المغربي بأهمية الزراعات البديلة، حيث تم توزيع ما يقارب 700 ألف شجرة زيتون ورصد 40 مليون درهم سنويا للتجهيزات التحتية لفك العزلة عن المناطق القروية، من مد طرقات وماء صالح للشرب وإحداث مراكز صغرى لتشجيع السياحة الجبلية، على اعتبار أن منطقة الريف غنية من حيث التربة لإقامة الزراعات البديلة، والتي أضاعت ما يقارب 40% من المساحة الغابوية نتيجة استغلال تلك الأماكن لزراعة المخدرات. يذكر أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية الصادر في 29 فبراير الماضي قد أشاد باستراتيجية المغرب في مكافحة المخدرات، خاصة ما تبذله الحكومة من جهود لاستئصال زراعة القنب الهندي في البلاد، مبرزا أن التقرير الدولي حول المخدرات واستراتيجية الحد منها أكد أن زراعة القنب الهندي في المغرب قد تراجعت من 134.000 هكتار عام 2003 إلى 76.400 هكتار في 2005 نتيجة لما سماه «حملة الاستئصال القوية». لكن عددا من المتتبعين شككوا في صحة الأرقام المعلن عنها. وأوضح عبد الرحمان المرزوقي، أستاذ جامعي وباحث مهتم بموضوع المخدرات بالمغرب، أن الأرقام التي أعلنت عنها وزارة الداخلية هي بعيدة كل البعد عن الواقع. وأشار الباحث الأكاديمي في تصريح ل»المساء» أن تقرير وزارة الداخلية تضمن عددا من التناقضات كما أنه يخالف ما سبق وأن ذهب إليه عدد من التقارير السابقة، علما بأن المتعاطين لهذه الزراعة قد طوروا أساليب زراعتها، ولم يعد من الضروري الاعتماد على مساحات شاسعة، مشيرا إلى أن الأرقام المعلن عنها تبقى صحيحة بالنسبة إلى أقاليم معينة كالعرائش وتاونات. إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة أن واضعي التقرير لم يأخذوا بعين الاعتبار انتقال هذه الزراعة من الأماكن التقليدية التي كانت مشهورة بها وزحفها نحو مناطق أخرى أكثر أمنا.