صب عبد الله النهاري، أحد الخطباء بمدينة وجدة، المزيد من البنزين على النيران المشتعلة حول قضية الحرية الجنسية في المغرب عندما دعا، بطريقة غير مباشرة، إلى قتل صحافي من جريدة مغربية صرح لقناة تلفزية أجنبية بأنه يقبل أن تمارس أمه أو أخته حريتهما كما تشاءان، وهو الأمر الذي فهم منه البعض أن الصحافي وافق على أن تمارس أمه أو أخته الجنس خارج مؤسسة الزواج، مما دفع النهاري إلى إطلاق لسانه بكلام غير مسؤول ينم عن جهل كبير بمقاصد ديننا الحنيف، حيث استعان بمقولة مأثورة جاء فيها «اقتلوا من لا غيرة له»، وهي دعوة صريحة إلى القتل حتى وإن ادعى النهاري غير ذلك. يستفيد الخطيب النهاري منذ مدة طويلة من حالة غض الطرف من لدن الجهات المسؤولة عن ضبط المجال الديني في المملكة، والذين سمحوا له بالاستمرار في اعتلاء المنبر بالمسجد هم المسؤولون بالدرجة الأولى عن هذا الانزلاق الذي وقع. بالمقابل، صحيح أن حق إبداء الرأي والتعبير حق مكفول بنص الدستور، لكن في نفس الوقت لا ينبغي أن يقع تطرف، سواء من هذه الجهة أو تلك، في استعمال هذا الحق والسقوط في مواقف مستفزة لمشاعر ملايين الأسر المغربية. الأهم من ذلك كله هو الطريقة التي يجب أن تعالج بها الأمور في إطار النقاش العاقل والهادئ. وفي هذا الإطار، لا بد من كلمة حول الأداء غير المهني للقناة الثانية في هذا الموضوع، فالتغطية التي أنجزتها تفتقر إلى أدنى المعايير المهنية المتعارف عليها، وتزيد في إشعال فتيل المواجهة، لأنها انتصرت لطرف على طرف آخر، وكان عليها أن تعطي الكلمة للعقلاء الذين يمكن أن يكونوا وسطا بين توجهين متشددين في مسألة القيم وفي حرية الرأي والتعبير.