لم يخف أعضاء اللجنة السياسية المنبثقة عن المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية استياءهم من غياب قادة الحزب، خصوصا وزراءه، عن الاجتماع الذي عقدته أول أمس الأحد لمناقشة آفاق الحزب بعد التدبير الحكومي. وقال مصدر حزبي في تصريحات ل«المساء» إن أعضاء اللجنة «تذمروا من عدم حضور أي عضو من الأمانة العامة والوزراء، رغم توجيه دعوات إليهم». وأضاف المصدر نفسه أن «الوزراء لم يكلفوا أنفسهم عناء الاعتذار عن الحضور أو إرسال جواب عن الدعوة التي وجهت إليهم». وأكد أعضاء من اللجنة أن من مهامها مساءلة الأداة التنفيذية، وهي الأمانة العامة، والعمل على تدقيق الخط السياسي على ضوء الأطروحات المتمخضة عن المؤتمرات، وانتقدوا قيام وزراء العدالة والتنمية بإطلاق تصريحات إعلامية، وقالوا إنه كان «الأولى بهم الحرص على المشاركة في الفضاءات الحقيقية للمحاسبة داخل الحزب». وعبر كثير من أعضاء اللجنة، الذين تحدثوا بعد أرضية الاجتماع التي أعدها القيادي خالد الرحموني، عن استيائهم من تهميشهم وإغفال دورهم في مناقشة بعض القضايا قبل اتخاذ قرارات بشأنها. وقال عضو في اللجنة: «أصبحنا نتابع القضايا كعامة الناس عبر وسائل الإعلام ولا يكون لنا فيها دور». وضرب العضو نفسه مثلا بقرار الزيادة في أسعار المحروقات، الذي «لم يخضع للنقاش داخل هياكل الحزب، وقد أدرج في آخر لحظة ضمن جدول أعمال الاجتماع الأخير للأمانة العامة للحزب الذي انعقد يوم السبت الماضي». وأفاد مصدر آخر بأن قضية محاربة الفساد واقتصاد الريع ومصير دفاتر تحملات الإعلام العمومي كانت حاضرة بقوة في مناقشات اللجنة. وفي هذا السياق، ذكر أعضاء من اللجنة الحكومة بأنها «حكومة انتقال ديمقراطي وليست حكومة ديمقراطية» لأنه لا يزال هناك «صراع بين قوى الرد والنكوص وقوى التقدم، وتجلى ذلك بوضوح في قضايا دفاتر تحملات الإعلام العمومي وتعيين الولاة والعمال وكشف لوائح المستفيدين من الكريمات». ووجه العبادلة ماء العين، عضو المجلس الوطني للحزب، وأحد السياسيين الستة الذين كانوا معتقلين على خلفية خلية بليرج، انتقادات غير مباشرة إلى عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، وطالب الحكومة، وخصوصا رئيسها، ب«ممارسة كافة صلاحياتها الدستورية. وقال العبادلة: «لا ينبغي أن نعطي الانطباع بأن رئيس الحكومة زاهد في ممارسة صلاحياته، يجب أن نحتل كل المساحات المتاحة لنا دستوريا»، مؤكدا على أن الوثيقة الدستورية الحالية «دستور انتقال ديمقراطي وليست دستورا ديمقراطيا». وحذر العبادلة الحكومة من المضي قدما في التعامل مع الرأي العام بسرعتين؛ سرعة أولى تتسم بالحزم والتشدد، وفق نفس القيادي، عندما يتعلق الأمر بقرارات تهم الرأي العام مثل مسألة الأسعار وملف المعطلين، وسرعة ثانية يدفع فيها بمفاهيم من قبيل التدرج في الإصلاح عندما يتعلق الأمر بمراكز النفوذ. وطالب القيادي نفسه الحكومة بأن تعكس هاتين السرعتين، حيث تنهج الحزم والتشدد مع مراكز القرار وتلزم التدرج مع الرأي العام. من جهته، قال خليل الحداوي، سفير سابق وعضو اللجنة، «يبدو أن رئيس الحكومة تخلى عن كثير من الصلاحيات» في إشارة واضحة إلى تصريح أدلى به بنكيران في البرلمان في وقت سابق قال فيه إن «الملك هو المسؤول الأول عن تنزيل الدستور»، قبل أن يحذر أعضاء اللجنة قائلا: «أخشى أن يأتي فيه يوم نندم فيه على هذا»، مطالبا رئيس الحكومة ب«تكريس أعراف دستورية بدل التخلي عن بعض الصلاحيات». وفي السياق ذاته، حذر مصطفى أغوتي من أن يعيد الحزب إنتاج التجربة الاتحادية في حالة استفرد القيادة بالقرارات، ودعا إلى دعم الجهاز الحكومي بالنقد والتوجيه من داخل الهياكل الحزبية.