أكبر امتحان تمر منه الحكومة، التي يرأسها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، هو امتحان التماسك، الذي كان ومازال موضع نقاش ولم يعد هناك مجال لإخفائه، طالما أن من تذمروا من بعض المواقف والآراء لوزراء حزب بنكيران، آثروا نشر الغسيل في الصحافة، بعد أن بعثوا رسائل من خلال اجتماعات المكاتب السياسية واللجان التنفيذية لأحزابهم. نقول امتحان لأن الخلاف يشكل تهديدا للتحالف، الذي قاد إلى تشكيل الحكومة، لكن نتمنى ألا يكون تهديدا حقيقيا، لأنه سيشكل صدمة حقيقية لمن تفاءلوا خيرا بعد التعديل الدستوري، الذي يشكل مفخرة لنا، ولقي استحسانا دوليا. إن تفعيل الديمقراطية أولا، والتوافق خلال المشاورات هما اللذان قادا العدالة والتنمية والأحزاب التي تحالفت معه، إلى تشكيل الحكومة التي عشنا على إيقاع حصيلة المائة يوم الأولى من عمرها، وبالتالي لا ينبغي أن يقود أي طرف هذا التحالف إلى الموت انتحارا، عبر تصلب المواقف، والقرارات أو الخرجات غير المفكر فيها جماعيا، وغير محسوبة العواقب. نظن أن اليوم يشكل فرصة مهمة للحكومة، لتواجه واقع إصابة التماسك بالزكام، بما يقتضيه الأمر حتى لا يصبح داء، نقول اليوم لأنه يصادف انعقاد مجلس الحكومة، وهو أفضل مجالس لمناقشة كل ما تدوول بخصوص الخلافات. صحيح أن جدول الأعمال محدد، لكن الحالة الصحية للائتلاف تهمنا جميعا، ونتوقع أن يفرض ما أثير بخصوص تأثر "التماسك الحكومي" نفسه على المجلس. إن قضية دفاتر تحملات قنوات القطب العمومي، واختلاف وجهات النظر حول بعض القضايا، التي فجرتها تصريحات بعض الوزراء، الذين يمثلون العدالة والتنمية في الحكومة لا مراء فيها، لكن لا يجب أن تعد بمثابة النقطة التي ستفيض الكأس، وتضيف الملح إلى الجرح. إن تأثر التماسك أصبح واقعا، لكن يبقى المجلس الحكومي أفضل منبر للتعبير عن المواقف، ومناقشة القضايا، التي أثرت عليه (التماسك) فعلا، وجعلت غيابه مادة دسمة لوسائل الإعلام، وموضع نقاش من قبل المهتمين، قبل أن تكشف تصريحات بعض الوزراء المستور، وتؤكد أن بعض القرارات لم تكن دائما موضع توافق. ولعل المفاجآت هي التي فعلت فعلتها في حلفاء العدالة والتنمية في الحكومة، وجعلتهم يعبرون عن مواقف رافضة لبعض الإجراءات التي لم تناقش في إطار مجلس الحكومة. ويبقى هذا الموقف محترما، لأنه ينم عن الرغبة في العمل الجماعي، والاتفاق حول كل الأمور، حتى لا أن يشعر طرف من الحكومة بأنه آخر من يعلم بقرارات اتخذها عضو أو فئة منها وتحسب عليها.