يسابق عبد الإله بنكيران الزمن لإعادة التماسك إلى الأغلبية الحكومية بسبب تجاذبات سياسية بين مكوناتها هددت بتصدعها في أكثر من مناسبة بعد ثلاثة أشهر من تشكيلها. مصادر من الأغلبية كشفت أن بنكيران سيلتقي اليوم السبت بالأمناء العامين للأحزاب الثلاثة المشاركة في الحكومة من أجل تصفية الأجواء ودفن ماضي الخلافات التي عكرت صفو الأغلبية الحكومية خلال الأسابيع الماضية بسبب الأزمة التي نشبت بين الاستقلاليين والتقدميين، على خلفية قرارات لوزير الصحة الحسين الوردي اعتبرت استهدافا لحزب الوزيرة السابقة ياسمنة بادو. وكشفت مصادر «المساء» أن اجتماع رئاسة التحالف، الذي كان مقررا عقده أمس الجمعة وتم إرجاؤه بسبب انشغالات قادة التحالف، سيخصص لمناقشة سبل زيادة الانسجام وتوطيد التحالف الحكومي، وإثارة النقط العالقة، مشيرة إلى أن الاجتماع الذي يأتي في سياق ما ينص عليه ميثاق الأغلبية من عقد اجتماع شهري لرئاسة التحالف، سيكون مناسبة لبعض الأمناء العامين لطرح القضايا التي يرون أنها من الأولويات التي يتعين على الحكومة الاشتغال عليها في الأيام القادمة بعد اجتياز محطة القانون المالي. فيما لم يستبعد مصدر حكومي أن تناقش قيادات الأغلبية خلال اجتماعها الجدولة الزمنية للاستحقاقات الانتخابية القادمة، التي باتت تفرض نفسها بقوة، بالنظر إلى مطالبة الأحزاب بتحديد تلك الجدولة والإسراع بإطلاق مشاورات بشأنها، لاسيما أن الحيز الزمني الذي يفصل عن الدخول السياسي القادم وتشكيل مجلس جديد للمستشارين بدأ يضيق. نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، اعتبر أن لقاء اليوم هو اجتماع مفتوح على مناقشة جميع النقط وبدون جدول أعمال محدد مسبقا، مشيرا إلى أن «هناك تركيزا دائما على أن يكون هناك التفاف على مضامين البرنامج الحكومي، والحرص على توطيد تحالفنا وعلاقتنا كمكونات للأغلبية». وكان بنكيران قد سارع إلى الاستنجاد بآلية «رئاسة التحالف الحكومي»، قبل نحو أسبوعين، من أجل رأب الصدع الذي بدأ بالظهور خلال الأسابيع الماضية بين مكوناتها على خلفية قرارات وصفت بالمنفردة، وخرجات إعلامية لوزراء حزب العدالة والتنمية، وصراعات انتخابية في وجدة وفاس. فيما تمكنت الأغلبية من دفع بنكيران إلى التعهد باتخاذ القرارات داخل التحالف الحكومي، وضرورة احترام الميثاق الحكومي الموقع عليه من قبل الشركاء الحكوميين، والذي يلزم الجميع بالتشاور قبل اتخاذ القرارات، بل التنسيق حتى على المستوى الجهوي والمحلي بين أحزاب الأغلبية. كما تم الاتفاق عل تفعيل مضامين ميثاق الأغلبية بعقد اجتماع رئاسة التحالف الجمعة الأخير من كل شهر. من جهته، وصف قيادي استقلالي اجتماع زعماء الأغلبية بأنه اجتماع «التنسيق والعمل وديال المدابزة»، مشيرا في تعليقه على الأزمة التي عاشتها الحكومة هددت وحدتها بالقول: «الانسجام موجود على مستوى البرلمان والوزراء والقيادات الحزبية، باستثناء تصرفات فردية لبعض الأشخاص سامحهم الله، مبعثها قلة خبرتهم ومحاولتهم تصفية حسابات شخصية». قبل أن يضيف «سنعالج تلك التصرفات بهدوء، خاصة أن كل بداية تعرف تعثرات». بينما أكد بنعبد الله على أن ما قيل حول الخلافات بين حزبه وحليفه الاستقلال كانت ظرفية وتم تجاوزها، مشيرا إلى أن المرحلة الحالية هي «مرحلة الإقلاع». وأضاف «قد تكون هناك بعض الاضطرابات الجوية، لكننا الآن نسعى إلى أن تصل طائرة الحكومة إلى علوها الطبيعي وأن تحلق في أجواء مناسبة». إلى ذلك، ستستبق الأغلبية الحكومية اجتماع رئاسة التحالف اليوم السبت باجتماع لرؤساء الفرق النيابية لتنسيق مواقفها بخصوص التعديلات التي سيتم إدخالها على مشروع قانون المالية لسنة 2012 المعروض حاليا على البرلمان في دورة استثنائية. وحسب نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، فإن فرق الأغلبية تتجه إلى طرح تعديلات مشتركة بخصوص القانون المالي، وهو ما يشكل سابقة في تاريخ الحكومات المغربية المتعاقبة، حيث اعتادت فرق الأغلبية الحكومية على تقديم تعديلات فردية. وفيما ينتظر أن تخرج لجينة متكونة من رؤساء الفرق الأربعة وأعضاء يمثلون تلك الفرق في لجنة المالية بمجلس النواب خلال اجتماعها أمس بتوافق حول التعديلات المشتركة التي ستقدمها يوم الاثنين بعد أن تم إرجاؤها بطلب من فرق المعارضة، قال محمد مبديع، رئيس الفريق الحركي بالغرفة الأولى، إن تقديم تلك التعديلات المشتركة رسالة واضحة على تماسك الأغلبية وتوحدها. ووفق مصدر من الأغلبية، فإن كل فريق سيقدم تعديلات خاصة به على أن تتم مناقشتها والتوافق على ما سيتم اعتماده، مشيرا إلى أن التوافق على التعديلات المشتركة يبقى مؤجلا إلى حين عقد لقاء مع كل من نزار البركة، وزير الاقتصاد والمالية، وإدريس الأزمي، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، حيث ينتظر أن يبدي الوزيران رأيهما في تلك التعديلات ومدى صلاحية الإبقاء عليها أو إسقاطها.