سارع عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، إلى الاستنجاد بآلية «رئاسة التحالف الحكومي» لرأب الصدع الذي بدأ بالظهور خلال الأسابيع الماضية بين مكوناتها على خلفية قرارات وصفت بالمنفردة وخرجات إعلامية لوزراء حزب العدالة والتنمية وصراعات انتخابية في وجدة وفاس. وتحول الاجتماع، الذي عقده الأمناء العامون للأحزاب الأربعة المشكلة للحكومة الحالية أول أمس السبت، إلى مناسبة لتصفية الأجواء ودفن ماضي الخلافات، التي عكرت صفو الأغلبية الحكومية بسبب تجاذبات سياسية بين مكوناتها. وحسب مصادر من الأغلبية، فإن اجتماع رئاسة التحالف الحكومي شهد نقاشات حول ما وقع في الأسابيع الماضية من خلافات، مشيرة إلى أنه تم الاتفاق على عقد لقاء جديد لرئاسة التحالف نهاية شهر مارس الجاري، وعلى وضع إجراءات تواكب مشروع قانون المالية لسنة 2012 المعروض حاليا على البرلمان في دورة استثنائية، فضلا عن التأكيد على ضرورة زيادة التماسك الحكومي من خلال الحضور البرلماني للفرق الأربعة. من جهته، نفى نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن «تكون الأجواء معكرة داخل الأغلبية لتتم تصفيتها»، مشيرا إلى أن اجتماع السبت كان عميقا ووديا تمت خلاله إثارة مختلف القضايا المطروحة والمرتبطة أساسا بأمور تخص المقاربة الحكومية والتحديات المطروحة عليها، وفي مقدمتها مشروع قانون المالية للسنة الجارية. وحسب بنعبد الله، فإن الأغلبية مدعوة إلى الاجتماع كلما دعت الضرورة إلى ذلك دون أن يعني ذلك أن هناك تصدعا، كما يحاول البعض الترويج له، مؤكدا على حرص مكونات الأغلبية على تحقيق انسجام أكبر ووضع جميع أعمالها في قالب جماعي يشترك فيه الجميع. تجاوز الأغلبية الحكومية لخلافاتها بدا واضحا خلال فعاليات خلال اللقاء الدراسي حول مشروع قانون المالية لسنة 2012 ، الذي نظم صباح أمس الأحد وحضره زعماء الأغلبية وأعضاء الفرق البرلمانية، إذ حرص بنكيران على التقليل من الخلافات التي طفت على سطح الأغلبية بعد نحو ثلاثة أشهر من تحملها المسؤولية وبعث رسائل إلى من يهمه الأمر. بنكيران وصف الأغلبية التي يقودها ب«الأغلبية ديال المعقول ماشي ديال اللعب»، و«المتسمة بالانسجام والمرح»، مستدلا على ذلك بما سمعه من حليفه عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال خلال اجتماع رئاسة التحالف حين بادره بالقول: «اكتشفت أنه يمكنك الجمع بين المرح والمسائل الجادة». وقال رئيس الحكومة خلال تدخله: «بالرغم من أن الأغلبية الحالية تشكلت في ظروف طبعتها الثقة والتفاهم وقليل من الخلاف والتنازع، فقد استطعنا تدبر أمر هذا التنازع في أجل 35 يوما»، قبل أن يستدرك قائلا: «يحدث أن يدلي وزير بتصريح فيتضرر منه طرف آخر، ولكننا نجمع ونعيد الأمور إلى نصابها. لقاءاتنا تكون سريعة وإيجابية». من جهة أخرى، اعترف بنكيران بممارسة ما أسماه تمييزا إيجابيا تجاه وزراء حكومته من غير المنتمين إلى حزبه، فيما يبدو أنه إبراء لذمته من تفضيله للوزراء «الملتحين». وفي سياق رأب الصدع مع حليفه حزب الاستقلال، دعا الأمين العام للعدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي إلى التهدئة وتليين مواقفه بالقول: يجب أن «يرطب» أفتاتي الذي يستيقظ كل صباح «معول على المعركة». واعتبر بنكيران أن التحالفات المحلية تمت في ظروف صعبة طبعها الألم ولا تزال تداعياتها قائمة إلى الآن، كما هو الحال في مدينة وجدة التي تشهد صراعا بين العدالة والتنمية والاستقلال، مؤكدا أن «تحالفنا اليوم مركزي ويقتضي أن تتغير الأمور».