في هذا الحوار، يتحدث الباحث المصري محمد هشام، منسق أعمال المفكر العربي الراحل عبد الوهاب المسيري عن القناعة التامة التي بشر بها في حياته وفي كتبه، والتي يدور محورها حول نهاية الوجود الإسرائيلي على الأرض العربية وفي فلسطين. كما تحدث عن قصدية التأليف بالإنجيلزية من أجل الحوار المباشر مع الآخر ودون الحاجة إلى وسيط الترجمة. - ما الذي يقوم به فريق العمل الذي شكل للحفاظ على أعمال الراحل عبد الوهاب المسيري وضمان استمرارية البحث في المجالات التي اهتم بها؟ < عندما توفي الدكتور عبد الوهاب المسيري كان الهاجس الذي يشغل الكثيرين هو كيف يمكن استمرار مشاريعه البحثية، وكيف يمكن أن يستمر نهجه في التعامل مع القضايا المختلفة، وكيف يمكن البناء على ما أرساه من تقاليد ومنهجية في البحث وفي العمل؟ هذا كان هاجسا مشتركا بين معظم الذين يعرفون قدر الدكتور المسيري وقيمة ما قدمه. كان الدكتور قبل وفاته يعمل على إعداد مجموعة من الكتب وكانت لديه مشاريع أخرى بعضها كان قد شرع في تنفيذه فعلا وقطع أشواطا كبير في إعداده والبعض الآخر، كان لا يزال فكرة في ذهنه، ولهذا بدأنا في استكمال ما هو على وشك الانتهاء من هذه الكتب. فهناك مجموعة من الكتب أهمها كتاب أشار إليه الدكتور في آخر حواراته وهو كتاب عن «نهاية إسرائيل» وهو عبارة عن مجموعة من المقالات كان بعضها قد نشر في حياته وأضاف إليها فصولا أخرى عن أزمة الكيان الصهيوني من زوايا مختلفة، سواء من الناحية السكانية والسياسية والعسكرية والاجتماعية وغيرها. وكتاب آخر عن العلاقة بين إسرائيل والاستعمار الغربي، وفي هذا الكتاب يناقش تطور الفكرة الصهيونية وكيف نشأت في رحم الرعاية الاستعمارية الغربية بشكل عام. - لكن هل هناك قيمة مضافة على ما سبق أن وضعه المسيري في موسوعته عن اليهود واليهودية والصهيونية؟ < نعم في الكتابين الذين ذكرت، يوجد كثير من الأفكار التي سبق للدكتور أن عالجها في موسوعته ولكنه كان دائما يضيف إليها أو يبسط بعض الأفكار أو يضيف بعض الإحصائيات أو المعلومات التي تؤكد الأطروحة الأساسية التي طرحها في الموسوعة. وهناك كتاب آخر عن الشعر الرومانتيكي الإنجليزي، وهو أيضا تطوير لكتاب آخر كتبه المسيري، في الستينات، وهو يعد علامة بارزة لأنه كان من الكتب الأولى التي قدمت ترجمات لعدد من الشعراء الانجليز في العصر الرومنتيكي في نهاية القرن الثامن عشر وأضاف إليه عددا من الدراسات. وهناك كتاب آخر هو عبارة عن كتاب باللغة الانجليزية تمت ترجمته إلى اللغة العربية، وهذا الكتاب لم يكن الدكتور قد استقر على عنوان له فوضع له عنوانا مؤقتا هو «دراسات في الصهيونية»، هذا الكتاب كتبه أساسا باللغة الانجليزية لأنه رأى أنه من الضروري أن يتم التوجه إلى القارئ الغربي بحديث عقلاني علمي موثق وليس بمجرد الخطاب الدعائي أو العاطفي أو الإنساني. - إذن هناك فريق عمل أو مؤسسة تشتغل في هذا الإطار؟ < حتى الآن، هناك مجموعة من الباحثين الذين كانوا يعملون أصلا مع الدكتور المسيري ويساعدونه خلال السنوات الأخيرة وهم أصروا على الاستمرار حتى بدون أي مقابل لإدراكهم لأهمية ذلك. أما بالنسبة للمؤسسة فنحن في طريقنا إلى اتخاذ الإجراءات القانونية لإنشاء مؤسسة ثقافية باسم الدكتور عبد الوهاب المسيري. نعرف أن الإجراءات الإدارية والقانونية تستغرق وقتا، وليست سهلة، لكن المشروع بدأت دراسته مع أسرة المسيري، وعدد من الباحثين المقربين منه، والمشروع كما رسم، هو أن تكون مؤسسة ثقافية متعددة، لأن الدكتور المسيري كانت اهتماماته متعددة تمتد من الصهيونية والصراع العربي الإسرائيلي إلى الفلسفة إلى الدراسات الإسلامية إلى الفنون التشكيلية، إلى الأدب الإنجليزي الذي هو تخصصه الأساسي. إذن فنحن نريد من هذه المؤسسة أن تشمل كل ما كان الدكتور المسيري يهتم به. - هل هناك مشاريع لإعادة طبع كتب المسيري أو ترجمتها؟ < في الحقيقة، بدأ هذا بالفعل في القاهرة من خلال دار الشروق، وهي الدار التي أصدرت معظم كتب الدكتور المسيري، فقد أعادت طبع بعض الكتب وطرحت فعلا في الأسواق، وعرضت نفس الدار إعادة طبع موسوعة الصهيونية، وهم في طريقهم إلى تنفيذ ذلك. ولأنه عمل كبير فهو يحتاج إلى جهد وتمويل لكن هذه الرغبة موجودة لدى الدار وهناك طبعات أعيد طرحها في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وفي نهاية يناير وبداية فبراير سوف تكون هناك طبعات من بعض الكتب القديمة. - ما هو انطباعكم على حضور فكر المسيري هنا في المغرب؟ < مجرد تنظيم هذا المؤتمر «مغربيات المسيري»، في المغرب من طرف مؤسسة خالد الحسن، هو أمر له دلالة كبيرة وبالإضافة إلى فضل وإخلاص مجموعة القائمين على هذا العمل وهذا طبعا يستحقون عليه كل التحية ولكنه أيضا يدل على حضور المسيري بفكره وإنتاجه وأن يكون له هذا التأثير وهذا الامتداد يعتبر أمر بالغ الأهمية. الدكتور المسيري كان عاشقا للمغرب لأسباب كثيرة من أبرزها أنه كان يرى أن الشباب هنا في المغرب، يقرأ باهتمام ويولي للقضايا التي يطرحها اهتماما كبيرا ولكنه كان أيضا مهتما بالمغرب لأسباب فنية وثقافية وحضارية وتاريخية.