أكثر من 40 مليار درهم هي التكلفة الإجمالية للنظام الأمني بالمغرب، منها 15 مليارا ونصف المليار مرصودة لوزارة الداخلية و24.6 مليار درهم لوزارة الدفاع، أي ما يشكل ربع الميزانية العامة للدولة التي تشكل بدورها ربع الدخل الخام الوطني. واستعرض الحقوقي عبد المومني، الذي كان يتحدث في ندوة «الحكامة الأمنية» التي نظمها المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف والتي اختتمت أشغالها أول أمس السبت بسلا، جملة من المعوقات والعراقيل التي تحول دون قيام حكامة أمنية جيدة بالمغرب. وأبرز عبد المومني أنه باسم الإجماع تم قمع عدد من النشطاء من مختلف المشارب والتوجهات خارج الإطار القانوني. كما كان لما أطلق عليه بالعقلية «العسكرقراطية» دور مهم في بروز المنظومة الأمنية الحالية والتي تتسم باللامساواة، فهناك عدد من الأطر العليا بقيادة الجيش والأمن متهمة بجرائم الإبادة وجرائم القتل، وترفض محاكم الدولة المغربية مساءلتهم. ومن بين المبادئ التي يتميز بها النظام الأمني بالمغرب مبدأ «لم أكن أدري» الذي لجأ إليه الراحل الحسن الثاني في تبريره لما كان يقع داخل المعتقلات السرية، وهو نفس المبدأ الذي سار عليه عدد من المستشارين والمسؤولين الحكوميين فيما بعد. وأوضح عبد المومني أن هذه السياسة كانت لها عدة تبعات وكلفت المغرب جيوستراتيجيا وسياسيا واقتصاديا، مشيرا في السياق ذاته إلى أن الكلفة السوسيواقتصادية للنظام الأمني الحالي كانت باهظة، إذ ليس هناك إمكانية للحد من ظاهرة السوق السوداء والرشوة والاقتصاد الموازي المتعلق بالدعارة والمخدرات الذي يؤدي إلى التضخم، علما بأن كلفة الرشوة هي ما بين 5 إلى 10 في المائة من الدخل القومي الخام، وهي مرتبطة بالجهاز الأمني العام. الندوة شكلت مناسبة للجنرال حميدو العنيكري، المفتش العام للقوات المساعدة، لبسط وجهة نظره حول موضوع الحكامة الأمنية، من خلال العرض الذي تقدم به العقيد بولحباش معقبا على مداخلة تناولت التجربة التركية في مجال الحكامة الأمنية، حيث تكلم بإسهاب عن معايير الحكامة الأمنية والمجهودات التي تبذلها مصالح القوات المساعدة في هذا المجال، من خلال تكوين الضباط والمخازنية على مبادئ حقوق الإنسان، كما أشار إلى ما اعتبره تقدما من قبل هذه القوات في تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. محمد الصبار، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف الجهة المنظمة لهذه الندوة بشراكة مع منتدى بدائل الجنوب، سجل إيجابية تفاعل جهاز القوات المساعدة مع المنظمين، وعبر بالمقابل عن استغرابه عدم تفاعل الإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الملكي اللتين غاب صوتهما عن الندوة، رغم أنهما معنيتان بها، مبرزا في السياق ذاته الحضور الرسمي للمديرية العامة للدراسات والمستندات «لادجيد»، في حين اختار رجال عبد الطيف الحموشي الحضور بصفة غير رسمية عبر التسلل إلى القاعة بدون أية صفة. وخلص المشاركون في هذه الندوة إلى ضرورة أن تتميز المعايير الأساسية للأجهزة الأمنية بالشفافية، وأن تكون خاضعة لسلطة البرلمان والحكومة.