فيما يشبه نقدا ذاتيا لمسار الحزب منذ المؤتمر الثامن في نونبر 2008، قدم عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خلال اجتماع المجلس الوطني، الذي انعقد أول أمس السبت، عرضا تقييميا للأداء التنظيمي والسياسي للحزب، دق من خلاله ناقوس الخطر بشأن مستقبل حزب. ولم يتوان الراضي خلال تشريحه وضع الاتحاد، على مرأى ومسمع من قياديي المكتب السياسي وأعضاء برلمان الحزب، عن الاستعانة بمفردات من معجم الأزمة والوضعية الكارثية، وصلت إلى حد وصف الوضع الذي يعيشه الحزب ب«الانتحار الجماعي الممنهج»، و«التحطيم الذاتي»، وهو الوضع الذي كان من أسباب أفول نجمه الانتخابي والسياسي. واعتبر الكاتب الأول للاتحاد أن الأزمة التي يتخبط فيها حزبه أزمة فهم وتطبيق للقيم الديمقراطية، بسبب صراعات داخلية بين الأشخاص وليس بسبب البرامج والأفكار، مشيرا خلال تدخله إلى أن ما ساهم في تأجيج تلك الصراعات أكثر هو نشر غسيل الحزب أمام الرأي العام. وحسب الراضي، فإن الصراعات الداخلية هي التي عرقلت العمل الحزبي، وأبعدت كذلك مناضلي الحزب وكل من كان يرغب في الالتحاق به، معتبرا أنه «إذا كان هناك خلاف في السنوات الأخيرة في الحزب فقد يكون حول طريقة تفعيل القرارات أو المساطر أو على مستوى وتيرة تفعيل القرارات السياسية، لكن في القضايا الأساسية نعتبر أنفسنا موحدين» . ولم يكتف الراضي، خلال عرضه، بنقد وتقييم مسار الحزب وسير عمله، بل قدم لبرلمان الاتحاديين خريطة طريق ترسم انطلاقة جديدة للحزب، داعيا إلى الخروج من الباب المسدود، الذي وصله الحزب بسبب الصراعات الداخلية، ومحذرا في الآن ذاته من وجود مخاطر على مستقبل الحزب بالتأكيد على أن الاتحاد يتعين عليه أن يعي بأنه لم يعد يحتكر العمل السياسي، بعد أن ظهر للوجود في الساحة السياسية حاليا منتخبون شرعيون من اليسار واليمين لهم قوة تنافسية وشرعية شعبية وكفاءة. واعتبر الراضي المؤتمر التاسع للحزب، المنتظر عقده في شهر شتنبر القادم، الفرصة الأخيرة أمام الحزب لترتيب بيته الداخلي حتى يستعيد دوره ومكانته ومصداقيته داخل المجتمع، التي فقدها، يقول الراضي، جراء الخلافات الشخصية، أكثر منها خلافات جوهرية حول الخط والبرنامج السياسي للحزب .وحسب الراضي، فإن محطة الانتخابات الجماعية والجهوية تعتبر محطة لاستعادة الحزب لموقعه في المشهد الحزبي، وداخل المدن كما كان الحال في السنوات الماضية، داعيا إلى العمل على التحضير الجدي لتلك الاستحقاقات. إلى ذلك، حرص الراضي على توجيه رسائل غير مباشرة إلى علي بوعبيد، عضو المكتب السياسي، على خلفية الانتقادات التي وجهها مؤخرا إلى القيادة ووصفه لأدائها بالباهت، بل التافه، مصنفا تصريحات بوعبيد، دون أن يشير إليه بالاسم، في خانة «المؤامرة وإثارة الفتنة». بالمقابل، وجد إدريس لشكر، عضو المكتب السياسي، نفسه في وجه انتقادات لاذعة وجهها إليه أعضاء في المجلس الوطني من أقاليم الشمال، بسبب تدخله في تنظيمات الحزب بتلك الأقاليم. فيما لم ينج كل من الحبيب المالكي وفتح الله ولعلو من سهام نقد برلمان الحزب، على خلفية الإعلان عن الترشح للسباق نحو منصب الكاتب الأول. وفيما ينتظر أن يتجه البيان الصادر عن أول دورة لبرلمان الاتحاد، بعد إعلانه الخروج إلى المعارضة، إلى مهاجمة حكومة عبد الإله بنكيران والنظام السياسي بسبب غياب «إصلاح سياسي جاد» و«التراجعات عن الحريات الفردية والتهديد بها»، تشير مصادر «المساء» إلى أن البيان الذي سيتضمن وصفا دقيقا للمرحلة السياسية وموقفا سياسيا من حكومة بنكيران بعد مرور مائة يوم من تشكيلها، يترجم النقاش الذي ساد داخل المجلس الوطني. مصادر «المساء» كشفت أن عددا من قياديي الاتحاد، وفي مقدمتهم كل من الطيب منشد والحبيب الشرقاوي، وأعضاء في المجلس الوطني، من أمثال الطاهر أبي زيد، ذهبوا خلال تدخلاتهم في اتجاه انتقاد القيادة الحالية وطبيعة المعارضة التي ينهجها الحزب، مؤكدين على ضرورة إنجاز تحليل واقعي لما يعرفه المغرب من تحولات وتوضيح رأي الاتحاد في ما يجري. من جهة أخرى، أوصى المجلس الوطني للمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي بإشراك الأسرة الاتحادية والعائلة اليسارية في التحضير للمؤتمر القادم، فيما تقرر تشكيل لجنة تحضيرية مكونة من ست لجان فرعية قد تنضاف إليها لجنة سابعة هي لجنة التشبيب والتجديد، على أن لا يتجاوز عدد المؤتمرين 1200 مؤتمر، من بينهم 450 بالصفة، والباقي يتم انتخابهم في الفروع والأقاليم. ويتجه الاتحاد الاشتراكي إلى تدشين عملية ضبط العضوية في الفروع تنطلق في الفترة ما بين 7 ماي و7 يونيو القادم، إلى جانب عملية انفتاح بشكل مصغر عما كان عليه الحال خلال فترة تدبير محمد اليازغي لشؤون الحزب، من أجل استقطاب مناضلين جدد.