انتهزت حكومة عبد الإله بنكيران اجتماعها على مأدبة عشاء، أقيمت بمقر إقامة رئيسها بحي السويسي بالرباط مساء أول أمس الثلاثاء، لتوجيه رسائل إلى مستهدفيها والباحثين عن تفجيرها، بعد أن أعلن بعض زعماء أحزاب الأغلبية الحكومية أن هناك حرصا ملكيا على دعم التجربة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، ينضاف إليه دعم شعبي ينتظر تحقيق المزيد من الإصلاحات. وقد نجح رئيس الحكومة، مستعينا ب»قفشاته» والأجواء «الودية والحميمة» التي كانت سائدة، في دفن ماضي خلافات حكومته التي هددت في أكثر من مرة وعلى امتداد المائة يوم من عمرها بتفجيرها. زعماء ووزراء الحكومة «الملتحية»، التي تعرضت في الأسابيع الماضية لسيل من الانتقادات، أكدوا خلال اجتماعهم على «ضرورة عدم الاستجابة لضغوطات الجهات التي تستهدفها، وتفويت الفرصة على الطامحين في افتعال الأزمات بين مكونات الحكومة، وإشاعة وجود تصدع حكومي»، فيما بدا لافتا خلال تدخلاتهم خلال الاجتماع، الذي عقد بناء على طلب من قيادة حزب التقدم والاشتراكية خلال المجلس الحكومي ما قبل الأخير، تأكيدهم على ضرورة تقريب المقاربات المعتمدة في معالجة بعض الملفات، وتبادل الرأي والمعلومات فيما يخص الخطوات التي سيقدم عليها بعض الوزراء لتفادي ما وقع بشأن نشر لوائح المستفيدين من «الكريمات» ودعم الجمعيات. وحسب مصادر من الأغلبية الحكومية، فإن اجتماع الفريق الحكومي كان مناسبة للتأكيد على تحقيق اندماج أقوى وتنسيق أعمق بين مكوناتها، وكذا لتحديد أولويات الحكومة في الأسابيع القادمة، مشيرة إلى أنه في مقدمة تلك الأولويات كان ملف الانتخابات الجماعات الترابية، والتنزيل الديمقراطي للدستور، والجهوية، فضلا عن الوضع المالي والاقتصادي للبلد وقضايا الحكامة. واستنادا إلى المصادر ذاتها ، فإن الحكومة لم تتخذ أي إجراء بشأن تلك الأولويات، وإنما تم الاقتصار على مناقشتها. إلى ذلك، كشف اختلاء رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بوزرائه عن توجه الحكومة الحالية لعدم «الصفح» والتسامح مع مدراء ومسؤولي القطب العمومي، الذين كانوا قد أعلنوا «العصيان» في وجه دفاتر التحملات، التي أعدها مصطفى الحلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة. وحسب مصادر حضرت الاجتماع، الذي استمر لما يربو عن أربع ساعات، فقد بدا لافتا توحد مكونات الحكومة في انتقاد خرجات كل من فيصل العرايشي، وسليم الشيخ، وسميرة سيطايل، بشأن دفاتر التحملات، وعدم المرور مرور الكرام على تلك الخرجات، التي اعتبرت بأنها «تنبئ بحدوث انفلات خطير من شأنه أن يهدد استقرار البلاد وينقلب على الديمقراطية». ولم يخف عدد من زعماء الأغلبية عدم استساغتهم دفاع المسؤولين المذكورين عن استقلالية القطب العمومي، متناسين أن هناك مؤسسات دستورية تضمن استقلالية القطب العمومي، تقول مصادرنا، مشيرة إلى أن معركة بنكيران وحكومته مع مسؤولي القطب العمومي لم تنته بعد، وأن هناك جولات قادمة من المواجهة، دون أن تكشف عن طبيعة تلك المواجهة، وما إن كانت ستتخذ شكل المطالبة باستقالتهم من مهامهم لأنهم «اختلفوا على خط سياسي معين»، على حد تعبير عبد الله البقالي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال. بالمقابل، كشف اجتماع الحكومة غير الرسمي عن عزم الحكومة عدم التراجع عن دفاتر التحملات المثيرة للجدل، وأخذها الوقت الكافي لمناقشتها، دون أن يلغي ذلك استعدادها لمراجعة ما تضمنته دفاتر التحملات، وإدخال تعديلات تقنية إذا دعت الضرورة إلى ذلك. ووفق نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ووزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، فإن إمكانية إدخال تعديلات على دفاتر التحملات قائمة فيما يخص بعض القضايا الشائكة التي أثيرت مؤخرا خلال النقاش.