بعد اللقاء الذي جمع جلالة الملك محمد السادس برئيس الحكومة عبد الإله بن كيران ووزير الدولة محمد باها ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الإثنين الماضي بالرباط، التأمت الحكومة، في لقاء غير رسمي، للاتفاق على إعادة النظر في دفاتر تحملات التلفزيون العمومي. في مقر سكن رئيس الحكومة بحي السويسي بالرباط، استقبل عبد الإله بن كيران وزراء حكومته على طاولة العشاء، وما تسرب كان متوقعا بعد الملاحظات التي أبداها جلالة الملك على دفاتر التحملات، والاعتراضات التي بسطها المهنيون وأغلب السياسيين، فالحكومة مستعدة لمراجعة ما ورد في دفاتر التحملات، دون أدنى حرج بما يتوافق مع النقط التي أثارها المهنيون. أعضاء الحكومة خرجوا من اجتماعهم الذي وصفه أحد أعضاء الحكومة بأنه كان “اجتماعا مطعما بالكثير من الود والإخاء ونسيان الخرجات الإعلامية”، بقناعة مفادها أن لا جدوى من التطاحن حول دفاتر مازالت في حاجة إلى كثير من التدقيق ولا بأس من تأجيل تبينها بحرفيتها، مادام أن الأمانة العامة لم تفرج عن نصها في الجريدة الرسمية وبالتالي لا حرج في التراجع عن بعض بنودها. مصادر “الأحداث المغربية” من داخل الحكومة قالت إن واقع تأجيل الحسم والتبني المطلق لدفاتر تحملات قنوات القطب العمومي أصبح في شبه المؤكد بعد اجتماع الأغلبية الحكومية ليلة أول أمس الثلاثاء، بعدما تبدى، تقول مصادر الجريدة، أن الكثير من الأمور التقنية مازالت في حاجة إلى مزيد من التدقيق. هل يفسر إدخال تعديلات على دفاتر التحملات بتراجع الحكومة عن مساندة كانت إلى الأمس القريب غير مشروطة لوزير الاتصال مصطفى الخلفي؟ بحسب المصادر الحكومية التي تحدثت إليها “الأحداث المغربية”، فالحكومة لاتزال محافظة على نفس الموقف من دفاتر التحملات، ولا يمكن أن يفسر تعديل تقني يدخل على دفاتر التحملات بأنه تراجع كامل عنها، بالرغم، تضيف نفس المصادر، أن النقاش والخرجات الاعلامية لبعض المسؤولين حتى داخل الحكومة تحيل المتتبع والمواطن العادي على أن هناك تراجعا أو هناك نية في التراجع. ما طبيعة الأمور التقنية التي يمكن أن تعدل في دفاتر التحملات إذن؟ على لسان نفس المصادر فالمرجعيات الأساسية التي بنيت عليها دفاتر التحملات لن يتم بأي حال من الأحوال التراجع عنها، “أما إذا تم تعديل بند وارد في البرمجة لأن الإمكانيات المالية والبشرية لا تسمح فهذا لن يكون تراجعا، وإنما تعديلا تقنيا يدخل على دفاتر التحملات”. حتى لو اختلفت مكونات الأغلبية الحكومية في ما يمكن أن يراجع أو يعدل داخل دفاتر التحملات، فكل أعضاء الحكومة كان على قلب رجل واحد في انتقاد الخرجات الصحفية لمديري ومسؤولي قنوات القطب العمومي. ” لم نقف بالتفصيل، تقول مصادر “الأحداث المغربية” عند ما يمكن أن يقع فيما بعد، ولكن الكل كان حانقا من دفاع مسؤولين عن استقلالية القطب العمومي، متناسين أن هناك مؤسسات دستورية تضمن استقلالية القطب العمومي”. الاتفاقات غير الرسمية التي خرج بها أعضاء الحكومة في حفل العشاء الذي جمعهم ليلة الثلاثاء الأخير، طوت أيضا صفحة التصريحات والتصريحات المضادة بين أعضاء الحكومة. بعدما أثارت العديد من الخرجات الإعلامية لوزراء في حكومة عبد الإله بن كيران الكثير من الجدل وصل في الكثير من الأحيان لحد أعراض التصدع داخل صف الأغلبية الحكومية. كما تم الاتفاق على أن يقع التشاور مستقبلا في بعض القرارات الكبرى التي قد يقرر الوزراء اتخاذها حتى تكون قرارات حكومية، وليس مجرد قرارات حزب داخل الحكومة. وقالت مصادر «الأحداث المغربية» إن الوزراء اتفقوا على وضع المشاريع الحكومية الحساسة للمناقشة داخل الحكومة لضمان أكبر إسناد لها. بينما أكدوا ألا تراجع عن الإصلاحات التي انخرطت فيها الحكومة. مصطفى الخلفي ألقى حمل دفاتر التحملات على كاهل الحكومة، فداخل قاعة الجلسات العمومية بمجلس النواب قال وزير الاتصال “إن دفاتر التحملات هي الآن بين يدي الحكومة تفعل بها ما تشاء” وكذلك كان. بعد خرجات إعلامية وضغوطات من كل حدب وصوب يبدو أن الحكومة اختارت الانحناء للعاصفة، وتعديل دفاتر التحملات. مصطفى الخلفي سيذهب للاجتماع الدوري لمجلس الحكومة وبين يديه روزنامة تعديلات قد تخرج الحكومة من ورطة صادفتها في أول الطريق. ولكن لا يظهر أن المعركة انتهت مع مدراء ومسؤولي قنوات القطب العمومي، بعدما تبدت نية أعضاء الحكومة في عدم التساهل أو التجاوز عن ما قاله هؤلاء المسؤولون في خرجاتهم الإعلامية. الجيلالي بنحليمة