دخل ملف «النصب والاحتيال»، الذي تنظر فيه المحكمة الابتدائية في الناظور، بناء على شكاية مباشرة قُدِّمت ضد كل من عبد الغني بن كروم، تاجر، وعبد السلام بودرار، رئيس الهيأة المركزية لمحاربة الرشوة، بصفته الكاتب العام الأسبق لصندوق الإيداع والتدبير في الرباط، والممثل القانوني للنظام الجماعي لإعانة التقاعد، (دخل) منعطفا مثيرا، بعد أن قررت المحكمة إشعار العون القضائي للمملكة وإعادة استدعاء الموثقة «ج. ش.» من أجل الاستماع إليها في جلسة 17 ماي القادم. ويأتي قرار المحكمة في وقت تخلّفَ رئيس الهيأة المركزية لمحاربة الرشوة عن حضور جلسة يوم الخميس الماضي، رغم إعلامه، حسب مصدر حضر متابعة أطوار القضية، فيما قالت مصادر أخرى إن المحكمة توصلت برسالة من محامي أبودرار لإخبارها بتواجده خارج أرض الوطن في موعد عقد الجلسة. كما تخلّفَ عن حضور جلسة الخميس المشتكي به الأول بن كروم، رغم إعلامه، وهو ما دفع هيئة المحكمة إلى تأجيل الملف إلى جلسة 17 ماي المقبل، من أجل إشعار العون القضائي للمملكة في وزارة المالية، وكذالك من أجل إعادة استدعاء الموثقة التي حررت عقد البيع، الذي «يحمل بيانات كاذبة»، حسب الشكاية المباشرة التي رفعها محمد الهرواشي، رئيس جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، ضد عبد الغني بن كروم وعبد السلام أبو درار. ومن المنتظر، حسب مصادر متتبعة، أن يشهد الملف مفاجآت مثيرة أثناء الاستماع إلى الموثقة، خاصة بعد أن أكد رئيس الهيأة المركزية لمحاربة الرشوة أنه لم يسبق أن قَدِم إلى مدينة الناظور، فيما دبّجت الموثقة عقد البيع الذي حررته بكلمة «حضر أمامي السيد عبد الغاني بن كروم والسيد عبد السلام ابو درار»، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول من وقّع عقد البيع المؤرخ في 20 نونبر 2004 ومحل توقيعه. وتوقعت المصادر أن تدخل القضية مرحلة جديدة في الأسابيع القادمة وألا يبقى الأمر مقتصرا على تهمة النصب والاحتيال، وإنما أن يتعداها إلى تهمة «التزوير»، بناء على التصريحات التي أدلى بها أبو درار. وتعود فصول القضية إلى 17 مارس 2009، حين تقدم الهرواشي بشكاية مباشرة إلى رئيس المحكمة الابتدائية في الناظور، ملتمسا فتح متابعة ضد بن كروم وبودرار بجنحة النصب والاحتيال، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل ال540 وما بعده من القانون الجنائي، والحكم عليهما تضامنا بأداء تعويض مدني حُدد في 100 ألف درهم، عن الأضرار المادية والمعنوية اللاحقة به من جراء «التحايل الذي مورس ضده من طرف المشتكى بهما». ووفق نص الشكاية المباشرة، فإن طلب متابعة بودرار بجنحة النصب والاحتيال جاء بعد أن فوجئ المشتكي بأن المحل التجاري الكائن في الطابق الأرضي من العمارة «H» رقم 22، الحي المحمدي في الناظور، والذي كانت زوجته قد اشترته، في 7 مارس 1991، «خلو رِجْل»، (الساروت) وحقوق الدخول إليه بمبلغ 70 ألف درهم من الشركة العقارية للأملاك والعقارات، مقابل سومة كرائية قدْرها 700 درهم شهريا، قد بيع بعد وفاة الزوجة من طرف بودرار، باعتباره الممثلَ القانونيَّ لمالكه الجديد -النظام الجماعي لإعانة التقاعد- للمشتكى به الأول (بن كروم، شقيق الزوجة) بمقتضى عقد بيع مؤرخ في 20 نونبر 2004. وحسب الشكاية، فإن «المشتكى بهما تعمّدا إخفاء حالة المحل موضوع العقد بينهما، من حيث إثقاله بحق الغير، بعد أن علما العلم اليقيني أن مالكة الأصل التجاري المتعلقة به قد انتقلت إلى جوار ربها»، مشيرة إلى أن عقد بيع المحل التجاري الذي تم بين المشتكى بهما تَضمّنَ تأكيدات على أن المحل المبيع غير مثقل بأي دَين أو رهن عقاري أو حجز أو أي من التحملات، كيفما كان نوعها، وليس موضوعا لأي إجراء تحفظي أو تنفيذي، وهو ما يخالف الواقع، إذ إن المحل التجاري مثقل بحق الكراء للغير وبكون أصله التجاري قد بيع بمقتضى العقد المؤرخ في 7 مارس 1991 للراحلة حسنية بن كروم، زوجة المشتكي. ووفق الشكاية، فإن العلاقة الكرائية تنتقل إرثا إلى من يرث الزوجة المتوفاة، شأنها في ذلك شأن كافة الحقوق الأخرى التي تنتقل بالإرث إلى الورثة، مما يكون معه المشتكى بهما قد ارتبكا، عن عمد وسوء نية، جريمة النصب والاحتيال في تصريحاتهما الموثقة الواردة في عقد البيع المؤرخ في 20 نونبر 2004، استنادا إلى مقتضيات الفصل ال540 من القانون الجنائي، من أجل الإضرار بالمشتكي وحرمانه من كافة حقوقه الثابتة في المحل المبيع للمشتكى به الأول». وكان رئيس الهيأة المركزية لمحاربة الرشوة قد صرح، في وقت سابق ل»المساء»، بأنْ «لا علاقة له بالموضوع ولا ناقة ولا جمل له فيه»، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بنزاع بين شركة «ديار المدينة»، التي كانت من قَبْل تسمى الشركة العقارية للأملاك والعقارات، وأحد الأشخاص.