قامت السلطات العمومية في مدينة الجديدة، في وقت مبكر من صباح أول أمس السبت، بهدم 68 مبنى عشوائيا في دوار «الغربة» باستعمال جرافتين كبيرتين وتحت حماية رجال الأمن وقوات التدخل السريع. وجاء قرار هدم هذه المباني، التي كان من بينها 20 محلا تجاريا وبقع أرضية محاطة بأسوار معدة للتجزيء، بناء على تعليمات من عامل الإقليم، الذي أصدر أوامره بتنفيذ قرار الهدم في حق هذه المباني التي شُيِّدت أغلبها على جنبات الطريق المؤدية إلى جماعة «أولاد حمدان» عبر إحدى الطرق الثانوية. وقد باغتت السلطات المحلية الدوار في حدود الساعة الخامسة صباحا ولاقت مواجهة من طرف بعض أصحاب المحلات والمساكن الذين تم اعتقالهم، إذ بلغ عدد المعتقلين ثمانية أشخاص، حسب ما أكد مصدر أمني مسؤول في اتصال ل»المساء» به، وكادت العملية أن تتحول إلى أحداث دامية، بعد أن استفاق سكان الدوار على وقع أصوات الجرافات وقاموا برشق قوات الأمن بالحجارة وأشعلوا النيران في بعض المتلاشيات وحاويات الأزبال.. كما أقام السكان حاجزين من الأحجار والأخشاب وسط الطريق لمنع الجرافات من الاستمرار في تنفيذ عمليات الهدم، ومع توالي احتجاجات السكان، فضلت قوات الأمن و قوات التدخل السريع التراجع وعدم الدخول في مواجهات مع الساكنة التي بدت غاضبة من تنفيذ قرار الهدم. وحمّل السكان المسؤولية للسلطات المحلية التي تركت السكان يستمرون في تشييد البنايات منذ قرابة شهر وفي واضحة النهار دون أدنى تدخل، حيث أكد السكان، في تصريحات متطابقة ل»المساء» في عين المكان، أن رجال السلطة كانوا يطلبون منهم فقط ترك مسافة معقولة عن الطريق المُعبَّدة كي يستمروا في البناء، وهي المعلومة التي أنكرها ممثلو السلطة المحلية، الذين أكدوا أن هناك أشخاصا غرباء عن المنطقة قاموا بتشييد العشرات من المتاجر والمنازل العشوائية دون تصاميم. كما خلفت عملية الهدم هذه تذمرا واحتقانا كبيرين في نفوس عدد من الشباب، الذين صرفوا كل ما يملكون من أجل بناء هذه البيوت العشوائية، قبل أن يستفيقوا على خبر هدمها وذهاب أحلامهم أدراج الرياح. ومن المنتظر أن يتوجه المتضررون من هدم هذه البنايات، صباح هذا اليوم، إلى مقر عمالة الجديدة من أجل الاحتجاج على هذا القرار. وانقسم متتبعون للشأن المحلي في الجديدة بين مؤيد لقرار الهدم ومستنكر لها بالنظر إلى كون عمليات البناء العشوائي كانت تتم في واضحة النهار، سواء في الدواوير الملحقة حديثا بالمدار الحضري للمدينة أو تلك المتواجدة في تراب الجماعات القروية المجاورة لها، إذ كانت الأسئلة تطرح منذ ذلك الوقت حول الطريقة التي ستتعامل بها السلطات مع «تسونامي» البناء العشوائي، الذي اجتاح إقليمالجديدة منذ الأحداث التي عرفها دوار «المنادلة»، الذي هاجم سكانه قوات التدخل السريع وأحرقوا سيارة رئيس الدائرة، تعبيرا منهم عن رفضهم تنفيذ قرارات الهدم في حق المنازل المشيدة في الدوار. وقد أرخى تنفيذ قرار الهدم في حق منازل ومتاجر في دوار «الغربة» بظلاله على ساكنة باقي الدواوير التي عرفت تنامي ظاهرة البناء العشوائي، إذ تعيش ساكنة هذه الدواوير حالة من الترقب والحذر من «مباغتة» السلطات المحلية دواويرهم، وهو ما يؤكد أن مشكل البناء العشوائي في الإقليم يوجد فوق صفيح ساخن.