لم يمنع «التناحر» الذي شهدته مدينة تنغير بين قبائل تصارعت بمختلف «الأسلحة البيضاء» وقنينات الغاز، من عقد «تحالفات» بين بعضها للمطالبة بإطلاق سراح حوالي 17 معتقلا جرى إلقاء القبض عليهم عبر «دفعات» في كل من قبيلة أيت عيسى أوبراهيم وأفانور. وقد قطعت قوافل المحتجين، يوم الأربعاء الماضي، حوالي 200 كيلومتر للوصول إلى مدينة ورزازات ومتابعة أطوار المحاكمة التي جرت أول أمس الخميس. وكان من اللافت أن عدد المشاركات من النساء في هذه القوافل فاق 1000 امرأة. وقررت المحكمة، من جهة أخرى، إدانة حوالي 12 معتقلا يتحدرون من قبيلة أيت عيسى أوبراهيم بسنتين سجنا نافذا، ومنهم مدرسان ينتميان إلى جمعية «سكان الجبال»، جرى ذكر اسميهما في تصريحات بعض المعتقلين أثناء تحرير محاضر لهم، واتُّهِما بالوقوف وراء «تحريك» أحداث مواجهات عنيفة داخلية بين فروع في القبيلة، تشير بعض المصادر إلى أنه يختلط في دوافعها ما هو حزبي بما هو حدود بين الطرفين. كما قررت المحكمة تأجيل النظر في ملف 3 معتقلين من قبيلة أفانور إلى يوم 23 فبراير الجاري، وقررت متابعة معتقل رابع في حالة سراح. وكانت المدينة قد شهدت، في مراحل متفرقة من السنة الماضية، مواجهات عنيفة بين عدة قبائل بسبب خلافات حول «ترسيم» الحدود بينها. وأسفرت هذه المواجهات، التي استُعملت فيها مختلف الأسلحة البيضاء، عن إصابات تم نقل أصحابها إلى كل من الراشدية ومكناس وورزازات لتلقي العلاجات. وعمد بعض المحتجين إلى إقامة حواجز تفتيش في الطريق الوطنية الرابطة بين الراشدية وورازازات، وأدى هذا الوضع إلى إخلال بحركة السير، واتهمت السلطات المحلية ب«التقاعس» في التدخل ل«إخماد» فتيل هذه المواجهات. كما نجم عن هذه الأوضاع إحراق مؤسسة للتعليم الثانوي -الإعدادي في المدينة، بعد مواجهات عنيفة بين قبيلتي «أيت أوفانور» و«أيت حلول». ودهست سيارة نقل أحد المسنين، بعد عملية توقيف وتفتيش أقامها «نشطاء» إحدى هذه القبيلة في الطريق الوطنية. وعمدت السلطات الأمنية، بعد هدوء الأوضاع في المدينة، إلى شن حملة اعتقالات متفرقة وعلى دفعات في أوساط بعض المتهمين بالوقوف وراء أعمال «شغب». وقُدِّموا في حالة اعتقال للمحاكمة بتُهم جنائية. وعادت «القبائل» المتضررة من هذه الاعتقالات إلى «التحالف» في مسيرة احتجاج إلى محكمة ورزازات للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين. وفي سياق آخر، تعيش قرية إميضر على إيقاع استمرار الاحتجاجات قرب منجم الفضة، للمطالبة بتنمية المنطقة وإطلاق سراح أحد أبنائها كان قد تم اعتقاله يوم 5 يناير الأخير. وأدت هذه الاحتجاجات، التي استمرت منذ شهر غشت الماضي، إلى اختلالات في تزويد منجم الفضة بالماء. وتقول الساكنة إن اعتقال مصطفى أوشطوبان يرمي إلى «إخراس صوته»، فيما يُتّهَم الأخير، في محاضر اعتقاله، بالسرقة والتحريض على العصيان. وتم الحكم عليه يوم فاتح دجنبر الماضي، بالسجن أربع سنوات، ووصف تقرير للمحتجين هذا الحكم ب«الجائر». وتحدثت الشركة المسيرة للمنجم، في بلاغ لها، عن استمرار العمل في هذا المنجم رغم إيقاف تزويده بالمياه الصناعية بسبب هذه الاحتجاجات. وقالت الشركة إنها ستواصل استثماراتها من أجل المساهمة في تنمية المنطقة، مع فتح الحوار والتعاون مع جميع الأطراف المعنية. وأضافت أنها تنتظر ضمان حقها المشروع في التزود بالمستلزمات الضرورية لاستمرارية عملياتها، طبقا للقانون.